بومبيو يشكّك في جدوى “صفقة القرن”.. ومواقف الإدارة متضاربة
في دليل جديد على حجم التناقضات داخل إدارة ترامب، كشفت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية عن شكوك لوزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، في جدوى ما يسمى “صفقة القرن”- والرامية لتصفية القضية الفلسطينية بالكامل، والانقلاب على قرارات الشرعية الدولية ومبادئ القانون الدولي- فيما يحاول جاريد كوشنر، مستشار ترامب وصهره، الترويج لورشة البحرين، والتي يعلن خلالها الشق الاقتصادي من “الصفقة”.
واستندت “واشنطن بوست” إلى تسجيل صوتي لاجتماع مغلق لبومبيو مع رؤساء أكبر المنظمات اليهودية في الولايات المتحدة “اللوبي الصهيوني”، الذي انعقد في 28 أيار الماضي، قال خلاله بومبيو: “يمكن القول: إن الخطة غير قابلة للتحقيق، وقد لا تحقق النتائج”، لكنه أعرب في الوقت نفسه عن أمله في ألا يتمّ رفض الصفقة على الفور، مشيراً إلى أن الإعلان عن الخطة قد تم تأجيله أكثر من مرة.
فضلاً عن ذلك أقر وزير الخارجية الأمريكي بصحة الرأي القائل: “إن الخطة يمكن أن تفيد الكيان الصهيوني فقط”.
يذكر أن وسائل الإعلام بدأت تتحدّث عن “صفقة القرن”، والتي تنفذ بتواطؤ وتمويل خليجي وصمت من المجتمع الدولي، وخاصة مجلس الأمن الدولي، منتصف عام 2017 بعد أشهر من وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، ومع تسلّم محمد بن سلمان منصب ولي عهد النظام السعودي في حزيران من العام ذاته، والذي اعتبر أن لـ “إسرائيل الحق في الوجود وإقامة دولة”!.
وفي السياق نفسه دعا أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، صائب عريقات، العرب إلى مقاطعة فريق الإدارة الأمريكية المعني بوضع “صفقة القرن”، ووصفه بـ “فرقة من المستوطنين”، وكتب، في تغريدة على حسابه في موقع “تويتر”، “مرة أخرى أدعو الأشقاء العرب لعدم الحديث مع هذه الفرقة من المستوطنين (كوشنير، غرينبلات، وفريدمان)، ما يخططون له هو الازدهار للمستوطنين”.
وهاجم عريقات كوشنير، مهندس التآمر على القضية الفلسطينية وواضع “الصفقة” بالتنسيق والتعاون مع ابن سلمان، قائلاً عنه: “هذا الشخص لا يكترث للفلسطينيين، وقد عزل نفسه عن أي دور في عملية السلام”.
وتأتي تصريحات عريقات بعد مقابلة لكوشنير بثت الأحد الماضي، قال فيها: إن الفلسطينيين يستحقون “تقرير المصير”، ولكنه شكّك في قدرتهم على حكم أنفسهم!.
وكان عريقات أكد في وقت سابق أن أخطر ما يواجه المشروع الوطني الفلسطيني في ما يسمى “صفقة القرن” هو فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية، وإسقاط كل مظاهر السيادة الفلسطينية.
وتستعد الولايات المتحدة، الداعم الأكبر للكيان الصهيوني، لتنظيم ورشة عمل في البحرين، وهي الخطوة الأولى من خطوات مؤامرة “صفقة القرن”، المرفوضة من قبل الشعب الفلسطيني، والذي يؤكد تمسّكه بحقوقه، وأنها غير قابلة للمساومة أو التنازل مهما اشتدت المؤامرات الأمريكية الإسرائيلية.
إلى ذلك أكد مستشار الرئيس الفلسطيني للشؤون الخارجية والعلاقات الدولية، نبيل شعث، أن الولايات المتحدة تسعى جاهدة لتمرير “صفقة القرن” من خلال “ورشة العمل الاقتصادية”، التي دعت إلى عقدها في البحرين أواخر الشهر الجاري بالتواطؤ مع كيان الاحتلال الإسرائيلي.
وبحث شعث خلال لقائه السكرتير العام لمنظمة الاشتراكية الدولية لويس ايالا الاستعدادات الجارية لعقد مؤتمر المنظمة في رام الله خلال الأسبوع الأخير من شهر تموز المقبل، وقدّم عرضاً عن الأوضاع والتطوّرات السياسية على الساحة الفلسطينية جراء ممارسات الاحتلال التي تهدف إلى عرقلة التوصل إلى أي تسوية تنسجم مع الحقوق المشروعة غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني وإقامة دولته المستقلة.
وقال شعث: إن انعقاد المؤتمر في فلسطين، بمشاركة أكثر من 42 دولة، يعد بمثابة دعم دولي كبير للشعب الفلسطيني في هذه المرحلة التي تواجه فيه القضية الفلسطينية مشاريع التصفية التي تقودها الولايات المتحدة وحكومة الاحتلال، ودعا الأمم المتحدة، بكل مؤسساتها، إلى لعب دور فاعل لإفشال المبادرات الأميركية المشبوهة الهادفة إلى إنهاء القضية الفلسطينية.
يذكر أن إدارة ترامب بدأت عملياً بتنفيذ “صفقة القرن” مع إعلانها في كانون الأول 2017 القدس عاصمة لكيان الاحتلال ونقل سفارتها إليها في الذكرى السبعين للنكبة، وتبع ذلك قرارها وقف تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، ووقف تمويل المستشفيات الفلسطينية في القدس المحتلة، وإغلاق مكتب منظمة التحرير في واشنطن، قبل أن يعلن الاحتلال الإسرائيلي ما يسمى “قانون القومية” العنصري.
ووفق ما ذكرته تقارير فإن “صفقة القرن” تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية، ويراد بها حصر الفلسطينيين بأجزاء محدودة ومنزوعة السيادة في الضفة الغربية وقطاع غزة، وجعل القدس المحتلة خارج أي تسوية، إضافة إلى إنهاء حق العودة، مقابل آلية تعويض من قبل المجتمع الدولي.