اتهامات متبادلة بين السعودية وقطر حول مسؤولية دعم الإرهاب الجيش يوسع نطاق عملياته في ريفي حماة وإدلب.. والتنظيمات التكفيرية تقرّ بخسائرها
وسّعت وحدات من قواتنا المسلحة أمس نطاق عملياتها على خطوط إمداد التنظيمات الإرهابية على اتجاه تل ملح وجبين والجلمة لتشمل تحصيناتهم في كفر زيتا والنقير وأرينبة بريفي حماة وإدلب، ما أسفر عن تكبيد الإرهابيين خسائر بالأفراد والعتاد، وسط حالة من الانهيار المتسارع للتنظيمات التكفيرية والتي أقرت على صفحاتها في مواقع التواصل الاجتماعي بمقتل العديد من متزعميها.
المجموعات الإرهابية حاولت التعويض عن هزائمها باستهداف المناطق الآمنة، حيث استشهد مدني، وأصيب 3 آخرون جراء اعتداء جبان بعدد من الصواريخ على بلدة شيزر بريف حماة الشمالي الغربي، في وقت عادت أكثر من 200 أسرة إلى منازلها في تدمر بعد أن أمّنت الجهات المختصة المستلزمات الضرورية للمواطنين.
وفي محاولة منهما لتبييض صفحتهما الزاخرة بالجرائم الإرهابية، تبادل راعيا الإرهاب النظامان القطري والسعودي الاتهامات حول مسؤولية دعم تلك التنظيمات في سورية وسط محاولتهما المستميتة للتملص من جرائم تصدير الإرهاب التي ستلاحقهما عبر التاريخ.
في السياسة، أكد سفير روسيا الاتحادية بدمشق ألكسندر يفيموف أن بلاده تقف في وجه محاولات بعض الدول التي خسرت الحرب الميدانية ضد سورية توظيف الوسائل الدبلوماسية والمالية لإنكار حق الشعب السوري في حماية سيادته ووحدة أراضيه.
وفي التفاصيل، وبعد عمليات رصد دقيقة لتحركات مجموعات من إرهابيي جبهة النصرة وكتائب العزة على محور تل ملح وجبين والجلمة شمال مدينة محردة بريف حماة الشمالي الغربي، نفّذت وحدات الجيش رمايات كثيفة بسلاحي المدفعية والصواريخ محققة إصابات مباشرة في صفوف هذه المجموعات، أسفرت عن مقتل عدد من الإرهابيين وإصابة آخرين وتدمير آليات مزودة برشاشات وعربات لهم.
وأفاد مراسل “سانا” باتساع نطاق عمليات الجيش لتطال مقرات ومنصات إطلاق صواريخ في بلدة كفر زيتا على تخوم ريف إدلب الجنوبي والتي تشكّل مركزاً لإمدادات الإرهابيين، دمّرت خلالها عدة مقرات ومنصات إطلاق صواريخ، أحدثت إرباكاً وفوضى في صفوفهم.
وأقرت التنظيمات الإرهابية عبر مواقع التواصل الاجتماعي بمقتل العديد من إرهابييها وفقدان آخرين خلال محاولتهم الهجوم على بعض النقاط العسكرية بريف حماة الشمالي.
وفي ريف إدلب الجنوبي نفّذت وحدات الجيش رمايات كثيفة بالأسلحة المناسبة على تجمعات وتحصينات إرهابيي النصرة في قريتي النقير التابعة لناحية خان شيخون وأرينبة التي تتبع لمنطقة أريحا، ما أسفر عن القضاء على عدد من الإرهابيين وتدمير أسلحة وذخائر لهم.
في غضون ذلك، ذكر مصدر في قيادة شرطة حماة أن المجموعات الإرهابية المنتشرة في بلدتي اللطامنة وكفر زيتا بريف حماة الشمالي المتاخم لريف إدلب اعتدت صباح أمس بعدد من الصواريخ على منازل المواطنين في بلدة شيزر شمال غرب مدينة محردة بالريف الشمالي، ما أسفر عن استشهاد مدني وإصابة 3 آخرين وإحداث دمار بمنازل الأهالي وممتلكاتهم، ولفت إلى أن وحدات الجيش ردت على الاعتداء الإرهابي برمايات مركّزة بسلاح المدفعية على مواقع الإرهابيين في بلدتي اللطامنة وكفر زيتا، ما أدى إلى تدمير منصات لإطلاق القذائف وإيقاع إصابات في صفوفهم.
وفي حمص أفادت مراسلتنا “سمر محفوض” بأنه منذ ساعات الصباح الأولى من يوم أمس شهدت ساحة المحافظة بحمص تجمعاً لعدد كبير من أهالي تدمر الذين هجروا قسراً من عروس الصحراء، حيث عاد أكثر من 200 شخص للمدينة بعد أن تمت عمليات إعادة البنى التحتية ورفع الأنقاض وتأمين المدينة من مخلفات المجموعات الإرهابية بشكل تام .
المهندس هاني دعاس، رئيس مجلس مدينة تدمر، أشار إلى أن المجلس قام بتأمين الخدمات الأساسية للعائدين من تيار كهربائي وشبكة مياه وصرف صحي وترحيل الأنقاض من الشوارع الرئيسية وبعض الشوارع الفرعية، وسيتم لاحقاً رفع كافة الأنقاض، ويقوم مجلس مدينة تدمر بدراسة للمساهمة بترميم المنازل والممتلكات وتعويض الأضرار بالتعاون مع مجلس محافظة حمص، لافتاً إلى أن عودة الأهالي ستشهد إقبالاً كبيراً بعد الانتهاء من امتحانات الشهادتين الإعدادية والثانوية.
المهندس موسى موسى رئيس الوحدة الاقتصادية للمياه بتدمر، قال: إن الوحدة بأتم الجاهزية لضخ وتركيب الفرعات والمياه متوفرة في منطقة الجمعيات الغربية والحي الغربي، ويتم ضخ المياه مرتين أسبوعياً للمناطق التي تشهد عودة الأهالي.
وعبّر عدد من الأهالي العائدين عن فرحتهم بالعودة، وقال خليل جمعة جبار: أتيت اليوم لأتفقد منزلي، وأعمل على إعادة تأهيله وإصلاح الأضرار التي سببتها العصابات التكفيرية، السيدة أم محمد أم شهيد وأخت شهيد من الجيش العربي السوري، أكدت أن فرحتها بالعودة لا توصف واعتزازها بالجيش حامي الأرض والعرض، مؤكدة بأن من عاش في هذه الأرض سيعيد إعمار ما تهدم، وستعود مملكة زنوبيا درة الصحراء وأعجوبة الدنيا.
ومع لفظ التنظيمات الإرهابية أنفاسها الأخيرة وفشل رهانات الدول التي دعمتها على مدى سنوات طويلة، تبادل راعيا الإرهاب في سورية النظامان القطري والسعودي الاتهامات حول مسؤولية دعم تلك التنظيمات وسط محاولتهما المستميتة للتملص من جرائم تصدير الإرهاب التي ستلاحقهما عبر التاريخ.
تقاذف المسؤوليات بدعم الإرهاب بين النظامين القطري والسعودي جاء مع استمرار الأزمة الناشئة بينهما منذ نحو عامين على خلفية الصراع على النفوذ في المنطقة لتتأجج على لسان رئيس وزراء مشيخة قطر السابق حمد بن جاسم آل ثاني الذي أكد لصحيفة ديلي تلغراف البريطانية أن معظم إرهابيي تنظيم داعش هم سعوديون.
تصريحات بن جاسم التي ملأت وسائل التواصل الاجتماعي في حرب تقاذف التهم بين نظامي دعم الإرهاب في سورية والمنطقة تناولت أيضاً التذكير بأن 15سعودياً شاركوا في هجمات الحادي عشر من أيلول عام 2001 بالولايات المتحدة، لافتاً إلى أن سفارة النظام السعودي في واشنطن قامت بتحويلات بنكية لحسابات هؤلاء الإرهابيين.
رعاة الإرهاب بدؤوا يسقطون أوراق التوت عن خفايا دعمهم للإرهاب في سورية لتأتي تصريحات بن جاسم ضد النظام السعودي عقب شن الأخير هجوماً واسعاً ضد مشيخة قطر، حيث قال: إنها الممول والداعم الأول للإرهاب.
تقاذف المسؤوليات بدعم الإرهاب بين النظامين السعودي والقطري جاء في محاولة منهما لتبييض صفحتهما الزاخرة بالجرائم الإرهابية، ويأتي بعد سنوات من الصراع الحاد بينهما على النفوذ في المنطقة، وبعد فشل مخططاتهما التآمرية ضد سورية بفضل انتصارات الجيش العربي السوري في الحرب على الإرهاب. فالنظام السعودي كما هو معروف لكثير من المراقبين والمتابعين قام بدور رئيسي في تشكيل الجماعات الإرهابية، وأول ظهور لذلك كان في أواخر الثمانينيات من القرن الماضي، حيث أنفقت السعودية مليارات الدولارات لنشر أفكار تمهّد لتشكيل التنظيمات الإرهابية.
أما دور النظام القطري في دعم الإرهاب، فقد جاء على لسان ابن جاسم نفسه الذي اعترف في مقابلة تلفزيونية في تشرين الأول عام 2017 بأن قطر قدّمت الدعم للجماعات الإرهابية في سورية عبر تركيا بالتنسيق مع القوات الأمريكية وأطراف أخرى، كما أقر بوصول مساعدات إلى جبهة النصرة الإرهابية جناح تنظيم القاعدة.
الجرائم الإرهابية التي ارتكبها النظامان السعودي والقطري على مر السنوات عبر دعمهما التنظيمات الإرهابية المختلفة في سورية ومنطقة الشرق الأوسط وتقديم كل أشكال الدعم والتمويل لها بدأت تتكشف على يد مسؤولي هذين النظامين نفسهما بعد فشل رهانهما على دعم الإرهاب في سورية وسقوط مخططاتهما فيها أمام صمود سورية والشعب السوري وشعوب المنطقة الأخرى التي ترفض كل أشكال الإرهاب، وتسعى للعيش بأمن وسلام واستقرار.
سياسياً، وصف سفير روسيا الاتحادية بدمشق ألكسندر يفيموف في مقابلة خاصة مع سانا بمناسبة الذكرى الـ29 للعيد الوطني لبلاده العلاقات مع سورية بأنها علاقات صداقة استراتيجية برهنت خلال السنوات الماضية عن ثباتها وقوتها في وجه التحديات الإقليمية والعالمية، حيث وقفت روسيا إلى جانب سورية وشعبها في وجه التهديد الإرهابي المدعوم خارجياً، وتكللت تلك الجهود باستعادة سلطة الدولة السورية على معظم الأراضي وعودة الأمان تدريجياً إلى تلك المناطق، وأكد السفير يفيموف بذل روسيا الجهود لتحقيق حل دائم للأزمة في سورية وتسريعه عبر إطلاق العملية السياسية التي يقودها ويؤيدها السوريون بدعم من الأمم المتحدة ومن دون تدخل خارجي، معتبراً أن مؤتمر الحوار الوطني السوري السوري في سوتشي العام الماضي يمثّل خطوة في هذا الاتجاه.
وأوضح السفير الروسي أن روسيا تشارك الدولة السورية مخاوفها فيما يتعلق بالوضع في إدلب وما حولها، حيث يسيطر تنظيم هيئة تحرير الشام المدرج على لائحة الأمم المتحدة للتنظيمات الإرهابية على 99 بالمئة من تلك المنطقة، مبيناً أن الجيش العربي السوري وبمشاركة القوات الجوية الفضائية الروسية يشن الآن عملية للقضاء على بؤر النشاط الإرهابي هناك، وهي عملية أثبتت نجاعتها وأن الضربات تستهدف فقط منشآت الإرهابيين والتي يتم تحديدها بموجب معلومات استخبارية، وأشار إلى أن الوضع القائم في إدلب مؤقت، وأن الهدف النهائي استعادة الدولة السورية سيادتها على تلك المناطق، ولن يسمح ببقاء الوضع على ما هو عليه، مؤكداً أن روسيا ستواصل مكافحة الإرهابيين على الرغم من نواح بعض الشركاء تجاه ذلك.
وحول الأوضاع في منطقة الجزيرة السورية شدد السفير الروسي على وجوب إنهاء أي وجود عسكري أجنبي غير شرعي داخل البلاد، مشيراً إلى أن بلاده تبذل ما بوسعها لإبقاء تلك القضية على جدول أعمال مجلس الأمن رغم محاولات بعض الدول تجاهل الأوضاع هناك وتركيز تصريحاتها وصراخها حول إدلب.
وحول العقوبات القسرية أحادية الجانب المفروضة على الشعب السوري أكد السفير يفيموف رفض بلاده القاطع لمثل هذه السياسات التي تخالف القانون الدولي وتؤذي الاقتصاد العالمي، مضيفاً: إن العقوبات على سورية تسببت بالضرر للسكان، وتؤجل استعادة البلاد عافيتها بعد الحرب، وتؤخر المصالحات، مؤكداً رفض بلاده تسييس الملف الإنساني، وسعي موسكو لتحسين الوضع الإنساني والاجتماعي في سورية.