خياران لا ثالث لهما..!
يمكن عدّ فترة العيد بمنزلة مقياس لهزالة الدخل في سورية، إذ ثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن متوسط الدخل المقدر بـ35 ألف ليرة لا يغطي ثلث مصاريف العيد، وذلك بسبب ارتفاع معدل التضخم، وتآكل القدرة الشرائية لليرة السورية نتيجة ارتفاع سعر صرف الدولار..!
هذا الأمر يدعونا مجبرين للحديث عن زيادة الرواتب والأجور، بعدما ثبت عجز الحكومة مجدداً عن وضع حد لارتفاع الأسعار..!
ولا ندري ما سبب تواني الحكومة عن التدخل لتحسين الوضع المعيشي للمواطن، فلا هي زادت الرواتب خشية المزيد من التضخم، مدعية تعزيز العمل باتجاه العملية الإنتاجية، ولا هي اجتهدت باتجاه الحد من ارتفاع الأسعار الذي كان من الممكن بالفعل أن يخفف من وطأة الوضع المعيشي ولو نسبياً..!
وبمناسبة الحديث عن تعزيز العملية الإنتاجية، يتبين وجود سطوة واضحة للريعي على حساب الإنتاجي؛ ما يشي بخلل ما في هذا المضمار، مرده إما للخارطة الاستثمارية التي أفسحت المجال للأول دون الثاني، أو لاتساع شريحة اللاهثين وراء صناعة المال لأجل المال بغض النظر عن القوة الاقتصادية الحقيقية الكفيلة بتمتين أسس الاقتصاد الوطني..!
وعلى اعتبار أن الحكومة نادت ولا تزال بتكريس الإنتاج، فهذا يضعها على محك تعزيز البرامج الاقتصادية التنموية، بحيث تعطي التسهيلات المشجعة لكل مشروع إنتاجي مهما كبر أو صغر أكثر من نظيره الريعي.
وبالعودة إلى زيادة الرواتب فنعتقد أنه وأمام الضغط المعيشي الهائل، فلا خيار إلا بزيادة الرواتب وبنسبة لا تقل عن 100%، إذ لا يعقل أن تكون قيمة الراتب أقل من 100 دولار في خضم ما يعيشه المواطن من واقع يفرض عليه أن يقبض بالليرة السورية، ويدفع مصاريف أبسط حياته اليومية مقومة بالدولار..!
أما في حال أن الحكومة غير قادرة على زيادة الرواتب، فعليها استنفار كل أجهزتها الرقابية والمحاسبية لوضع حد لكل متاجر بقوت العباد، بدءاً من التجار مروراً بمالكي وسائط النقل، وليس انتهاء بأصحاب المهن الصغيرة الذين باتوا يسعرون أتعابهم وفق سعر الصرف..!
وقبل أن نختم تجدر الإشارة إلى أن تدهور الوضع المعيشي يشكل تربة خصبة لانتعاش المسلكيات غير الأخلاقية، والشواهد في هذا المجال أكثر من أن تعد وتحصى، وللحكومة الأمر والقرار..!
حسن النابلسي
hasanla@yahoo.com