اقتصادصحيفة البعث

بعد أن كانوا مِثْلنا.. أصبحوا مضرب مثَلنا..!

 

من المعروف –ووفقاً لمنطق الأمور- أنه إذا لم يعالج أي خطأ منذ البداية مهما كان صغيراً فسيتطور لاحقاً لتتسع دائرته ويصل إلى مرحلة يصعب تصحيحه أو اجتثاثه من أصله، تماماً كالمرض الذي يصيب جسم الإنسان ويتم تجاهله منذ البداية ليودي بنهاية المطاف بحياة لإنسان، والأمثلة في واقعنا لا تعد ولا تحصى ليس أولها تفشي الرشوة ولا آخرها انتشار ظاهرة العشوائيات..!

فقد كان من الممكن القضاء على البدايات الأولى لو تم محاسبة كل مرتشٍ بأقصى العقوبات، ومنع توسع الثانية لو تم تطبيق الأنظمة والقوانين النافذة، وقس على ذلك من الحالات التي تطورت لتصبح ظواهر مكرسة في مجتمع انحرف كثيراً عن مسار التطور والتنمية..!

كما أنه ووفقاً لعلم المنطق والرياضيات أن النتائج الخاطئة هي خلاصة عمليات حسابية ونظريات ورؤى خاطئة، وتزداد فداحتها طرداً مع المغالاة في الخطأ بمسبباتها، وفي المقابل تكون النتائج سليمة وأكثر نصاعة إن بنيت على أسس علمية ومنطقية لا تشوبها شائبة، وبمعنى آخر ووفقاً للمثل الشعبي (كما تزرع تحصد).

وإذا أسقطنا ما قصدناه على واقع عملنا وسيرورة اقتصادنا بكل تفاصيله نجد أن ما نجنيه حالياً من ترهل في مؤسساتنا العامة وقلة الاستثمارات الحقيقية وارتفاع معدلات البطالة وتباطؤ بنمو اقتصادنا وغير ذلك من نتائج غير محمودة أثقلت كاهل اقتصادنا ما هو إلا حصيلة تجاوزات وفساد ولا مبالاة أتقن رموزها كيفية تكريسها ليجيروا قنوات ضخ الأموال المهدورة إلى جيوبهم غير آبهين بالمصلحة العامة وما يمكن توريثه للأجيال القادمة من إنجازات تسجل في سجل تاريخهم العملي.

ولعل الأخطر في هذه المسألة هو أن تصبح هذه التجاوزات من المكونات الأساسية لمفاصل حياتنا اليومية، وينظر إلى كل من ينقدها أو يتفاداها على أنه شاذ ومتطرف..!

ثمة العديد من دول العالم كانت تعاني ما تعانيه بلادنا –إن لم نقل أسوء- لتقفز بعد سنوات عدة وتصبح من أعتى اقتصادات العالم ومضرب مثل حول العالم، ولتنعت بصفات دوت أرجاء المعمورة ومحافلها الاقتصادية والسياسية كالنمور الآسيوية، والتنين النائم التي باتت مضرب مَثلٍ لنا ولغيرنا..!

حسن النابلسي

hasanla@yahoo.com