“العسكري السوداني” مستعد للتفاوض
عاد عدد من المحلات التجارية ومحطات تزويد الوقود للعمل في الخرطوم، أمس، وشوهدت حافلات المواصلات العامة تنقل ركاباً في الشوارع، في ثاني أيام حملة العصيان المدني، الذي دعا إليه المحتجون، فيما اتهم المجلس العسكري الانتقالي في السودان مجموعات منظمة مدفوعة الأجر بالاعتداء على نقاط الشرطة للاستيلاء على سلاحها واستخدامه لنقل معاركها ضد الأجهزة النظامية لداخل المدن الكبرى.
وقال رئيس اللجنة الأمنية بالمجلس العسكري السوداني، الفريق أول ركن جمال عمر: إن المجموعات المنظمة مدفوعة الأجر، التي اعتدت على نقاط الشرطة، تسعى للحصول على السلاح لنقل معاركها ضد الأجهزة النظامية داخل المدن الكبرى، وأضاف في بيان: إن هذه المجموعات المموّلة من جهات معينة تجمعت في المدن حتى تقاتل القوات المسلحة وقوات الدعم السريع.
وحمّل المجلس ما يسمى “قوى إعلان الحرية والتغيير” المسؤولية الكاملة عن كل الأحداث المؤسفة، التي تسببت فيها الممارسات غير الرشيدة التي تقوم بها ما تسمى بلجان المقاومة بالأحياء، والتي تستخدم الأطفال وتجبرهم على إغلاق الطرق وإقامة المتاريس، في مخالفة صريحة للقانون الدولي والإنساني، وبيّن أن إغلاق الطرق يؤدي لتشجع المتفلتين للاستفادة بالتعدي على أملاك المواطنين الآمنين والتعدي على أقسام الشرطة بغرض الحصول على السلاح لممارسة الاعتداءات والسلب والنهب.
وأضاف: إن المجلس العسكري قرّر تعزيز الوجود الأمني للقوات المسلحة وقوات الدعم السريع والقوات النظامية الأخرى لإعادة الحياة إلى طبيعتها، وتأمين المواطنين العزّل، وفتح الطرق، وتسهيل حركة الناس، وحركة المركبات العامة والخاصة، وحراسة المرافق الاستراتيجية والأسواق.
وكان المجلس العسكري دعا للتراجع عن العصيان المدني، الذي بدأته قوى المعارضة المدنية الأحد، واعتبره قليل الفاعلية، معلناً أنه لم يؤثّر على الحياة في البلاد، وأعرب عن استعداده للتفاوض.
وكانت أكبر الأسواق وسط الخرطوم خلت الأحد من البائعين والمشترين، استجابة لدعوة العصيان المدني، كما استجاب موظفو شركة “سوداتل (الشركة السودانية للاتصالات) الحكومية” لدعوات العصيان، فيما بدأت أمس الحركة تعود إلى طبيعتها.
وقال الناطق باسم “المجلس العسكري” شمس الدين كباشي: “نأسف لهذا التصعيد مع إعلان العصيان المدني في ظل الظروف الدقيقة التي تعيشها بلادنا”، مؤكداً أن “الحياة لم تتأثر كثيراً” بالدعوة لذلك العصيان، و”الأمور تسير بشكل جيد في الخرطوم والولايات”، وأضاف: “نرجو من إخوتنا في قوى الحرية والتغيير التراجع عن العصيان، لأنه يؤثّر بشكل أو بآخر على معاش الناس، وهو ما لا يرضينا ولا يرضيهم”.
وعن الشروط التي تضعها قوى الحرية والتغيير، التي تقود الاحتجاجات المطالبة بنقل السلطة للمدنيين، لاستئناف الحوار المتوقّف مع المجلس العسكري، قال كباشي: “لم يصلنا ما يفيد من قوى الحرية والتغيير بشروط مسبقة للعودة للتفاوض، وإن كنا سمعنا عنها من الإعلام، إذا كانت لديهم شروط، ونأمل ألا تكون هناك شروط، سننظر فيها”، مؤكداً: “لا نمانع في أي طرح يقود لتقريب وجهات النظر بيننا وبين إخوتنا في الطرف الآخر”.
وعن مطلب تسليم السلطة للمدنيين، أضاف: “أستغرب مطلب تسليم السلطة للمدنيين، فنحن قبل وقف التفاوض مع قوى إعلان الحرية والتغيير، كنا قد اتفقنا معهم على هيكل السلطة الانتقالية، والمتمثّل في المجلس السيادي، والجهاز التنفيذي، والجهاز التشريعي، وتوافقنا معهم على المهام والسلطات، وعلى أن رئيس الوزراء ومجلس الوزراء بالكامل من المدنيين وهم يختارونه، وتوافقنا على أن المجلس التشريعي هو مدني بالكامل، وتوصلنا معهم إلى أن نشاركهم فقط في المجلس السيادي، فعن أي مدنية يتحدثون؟”.
ووصلت المحادثات بين “المجلس العسكري” والمعارضة إلى طريق مسدود، في ظل خلافات عميقة بشأن من ينبغي أن يقود المرحلة الانتقالية، ومدتها ثلاث سنوات، ودعت قوى المعارضة للدخول في عصيان مدني شامل اعتباراً من الأحد.
يأتي ذلك فيما أعلن تجمع المهنيين السودانيين استمرار العصيان المدني حتى إسقاط المجلس العسكري، متهماً النظام السعودي ومشيخة الإمارات بإبقائه خدمة لحروبهما.