حراك فلسطيني مكثّف لإسقاط “ورشة البحرين”
تتواصل ردود الفعل الفلسطينية الرافضة لتصريحات السفير الأمريكي لدى كيان الاحتلال الإسرائيلي، ديفيد فريدمان، والتي اعتبر فيها أن “من حق” هذا الكيان الغاصب ضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة للمستوطنات- والتي تندرج في إطار محاولة الإدارة الأمريكية فرض ما تسمى “صفقة القرن” الرامية لتصفية القضية الفلسطينية- حيث دعت الهيئة الوطنية العليا لمسيرات العودة وكسر الحصار الشعب الفلسطيني للمشاركة الفاعلة في “جمعة.. لا لضم الضفة”، وذلك في مخيمات العودة الخمسة شرق غزة، تأكيداً على رفض تصريحات “المستوطن” فريدمان، ودعت أيضاً للوقوف في وجه المؤامرة الصهيوأمريكية المتمثّلة في “صفقة القرن”، وما تنطوي عليه من تداعيات تسعى للقضاء على الوجود الفلسطيني وتصفية الحقوق الفلسطينية، وفي مقدمها حق العودة.
وطالبت الهيئة بموقف عربي حيال ما يطرح من مشاريع مشبوهة، وفي ذات الوقت، قالت: “إننا نؤكد على رفض الورشة الاقتصادية المزمع عقدها في البحرين”، وأكدت ضرورة استعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية وبناء استراتيجية تقوم على دعم مقومات صمود شعبنا وتعظيم كافة أشكال المقاومة في مواجهة التحديات والاستهدافات التي تحاك بحق مشروعنا الوطني وقضيتنا الفلسطينية.
وكانت الحكومة الفلسطينية شدّدت على أن تصريحات فريدمان، المتماهية مع مخططات الاحتلال التهويدية، تؤكد أنه (سفير) للاستيطان وللعدوان على الشعب الفلسطيني وحقوقه غير القابلة للتصرّف، التي أقرتها الشرعية الدولية، وفي مقدمتها حقه في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس، فيما قالت وزارة الخارجية الفلسطينية: “إن حديث المستوطن فريدمان يفضح حقيقته وحقيقة أفكاره وأفكار أقرانه من عصبة المستوطنين بلباس أمريكي رسمي”، مبينة أنها تدرس تقديم شكوى ضده لدى المحكمة الجنائية الدولية لما يطلقه من تصريحات، وما يرتكبه من أفعال ومحاولات لفرض رؤيته العنصرية، وهو ما يدلل على خطورته على الشعب الفلسطيني وعلى السلم والأمن في المنطقة.
من جانبه، قال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير أحمد مجدلاني: إن الاتصالات مستمرة مع كل الجهات الدولية والعربية لضمان عدم مشاركتهم في المؤتمر الذي دعت إليه الولايات المتحدة، والمقرّر عقده أواخر الشهر الحالي في البحرين، وأضاف: إن الفترة القادمة، وقبل الـ 24 من الشهر الجاري، ستشهد اتصالات مكثّفة وجهداً دولياً كبيراً وتواصلاً مع كافة الأطراف، التي تشكّل ثقلاً في المنطقة في ظل إعلان عدد من الدول عدم مشاركتها في المؤتمر، وتابع: إن اجتماعاً تشاورياً ستعقده اللجنة الخميس المقبل لمناقشة كل هذه التطوّرات وبحث كيفية إحباط ومحاصرة المشروع الأمريكي.
وفي السياق ذاته، أعلن منسق القوى والفصائل الوطنية في منظمة التحرير، واصل أبو يوسف، عن سلسلة من الفعاليات ستطلق خلال الأيام القادمة رفضاً للمشاريع المشبوهة التي تستهدف القضية الفلسطينية، وأوضح أن هناك مجموعة من الآليات لمواجهة “الورشة الاقتصادية في البحرين” وما تسمى “صفقة القرن”، وأضاف: يجري التحضير لعدة فعاليات ستنظم في الضفة وغزة وفي العديد من مخيمات اللجوء والشتات ستكون ذروتها في الرابع والعشرين من الشهر الجاري عشية عقد مؤتمر المنامة، مشيراً إلى فعاليات ستنظم يوم الجمعة المقبل في قطاع غزة.
وفي وقت سابق، أكد المجلس الوطني الفلسطيني أن ورشة العمل الاقتصادية التي دعت واشنطن لعقدها في العاصمة البحرينية المنامة مرفوضة، لأنها تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية وتكريس الاحتلال الإسرائيلي، مشدّداً على تمسك الفلسطينيين بإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس وفقاً لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، وحذّر من الانخداع بالادعاءات الكاذبة التي تروجها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لعقد الورشة، مشيراً إلى أن هذه الإدارة منحازة كلياً للاحتلال على حساب حقوق الشعب الفلسطيني، بدءاً من اعتبار القدس عاصمة لكيان الاحتلال ونقل السفارة الأمريكية إليها، وصولاً إلى محاولة إلغاء قضية اللاجئين، وتشجيع الاستيطان، وإغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية بواشنطن وغيرها.
وكان البيت الأبيض أشار في بيان له إلى أنه وجّه دعوات لحضور ورشة عمل اقتصادية في المنامة يومي الـ 25 و الـ 26 من حزيران القادم إلى عدد من رؤساء الدول ووزراء المالية في أوروبا وآسيا ودول عربية، إضافة إلى رجال أعمال لـ “تبادل الأفكار، ومناقشة الاستراتيجيات لتشجيع الاستثمار في الضفة الغربية وقطاع غزة، وحشد الدعم للاستثمارات والمبادرات الاقتصادية المحتملة التي يمكن تحقيقها لبناء مستقبل مزدهر للشعب الفلسطيني”.
إلى ذلك، قالت “الجبهة الديمقراطية” لتحرير فلسطين: إن الخيارات أمام الفلسطينيين باتت واضحة ومحددة أكثر من أي وقت مضى، وشدّد عضو المكتب السياسي للديمقراطية، تيسير خالد، على أنه “لم يعد أمام الفلسطينيين غير تغيير قواعد الاشتباك مع الإدارة الأمريكية، وعدم إضاعة الوقت بسياسة لا جدوى منها”، وأضاف: الإجماع الوطني من “ورشة البحرين” وما رافقه من حملة واسعة دعت إلى مقاطعتها قد أعطى نتائج أربكت حسابات المنظمين والمشجعين، وشكّل رداً عملياً دفع بالمنظمين إلى التشكيك بجدواها وبفرص نجاحها، ودعا إلى بدء “الإعداد لعصيان وطني شامل في وجه الغزاة والمعتدين باعتباره الخيار السياسي الرئيسي والجوهري للتحرّر من الاحتلال وإنجاز الاستقلال”، وأردف: “صفقة القرن أغلقت الأبواب تماماً أمام حل تفاوضي متفق عليه في المدى المنظور، وأطلقت العنان لسياسة التهويد والتطهير العرقي وبناء المستوطنات في أرجاء الضفة الغربية والقدس”، واستطرد: “ما صدر مؤخراً عن الثلاثي الأمريكي “كوشنير، غرينبلات، وفريدمان” من مواقف وتصريحات استفزازية تحاول إشاعة شريعة الغاب في العلاقات الدولية، وتعبّر في جوهرها عن الطبيعة التصفوية لـ “صفقة القرن” الأمريكية”.