السريع والصفدي في صالة لؤي كيالي
افتتح في صالة لؤي كيالي للفنون الجميلة معرض الفنانين الشابين مهند السريع وسمير الصفدي، حيث عرض كل منهما لوحاته التصويرية مثلت تجربتهما الجديدة التي تسعى لاكتساب صفتها الواضحة في المنجز التشكيلي الشبابي، وبدا واضحا اشتغالهما على مواضيع متقاربة متضمنة الحالات الإنسانية الوجدانية في حيز تنفيذي يجتهد كل منهما لاكتشاف حساسية السطح التصويري، وتأليف مرادفاته بمعالجات لونية متقشفة حينا وثرية حينا آخر، فقد جاءت لوحة سمير الصفدي المتمكن من لغته القائمة على الخط واللون الذي يبدأ فيه أساس لوحته ومن ثم تبدأ عملية تأليف اللوحة بالإضافة والحذف منهيا هذه الحوارية البصرية برشاقة خطوطه المحددة للشكل الذي يمثل متن اللوحة وقوام عناصرها الغرافيكية دون المبالغة في إظهار بعض السطوح العفوية التي تمليها التلقائية الأولى التي يتركها أثر اللون وتدرجاته على القماش، هذا الفنان الشاب يخطو بجدارة العارف المنتج للوحة دون تكلف مستلهما من التجارب التشكيلية الحديثة التي يختلط فيها الانفعال والتلقائية وصولا لمنطق تعبيري لا يعرف فجاجة الصورة ولا يقترب من استفزاز أو استجداء المتلقي.
وينحو مهند السريع منحى الفنان المجرب لإمكانيات اللون وقوة حضور بعض درجاته مستهدفا جملة بصرية استعراضية أساسها الإيقاع اللوني وثراء درجاته وتناقضها أحيانا في إشارة واضحة لنزعات هذا الفنان الشاب، لتأكيد ذات المصور الفنان، فقد بنى أعماله على أساس تكوين قوي وثراء لوني دون متطلبات التجريب والبحث العميقة، مكتفيا بالحالة الدراسية التي يعيش أيامها كطالب دراسات عليا يسعى لإنجاز تعاليم التصوير المتفق عليها في الأكاديمية وتتضمن حدود وسمات شخصية الفنان التي تتفق مع الفهم العام للوحة التصوير التي تلتزم الأكاديمية وتعاليم الأستاذ الفنان، وربما نشهد في المستقبل منتجا متميزا لهذا الفنان الملون حين تتراجع بقع اللون المباشرة لصالح لغة تحليلية فيزيائية تتناول الضوء وقيم الظل والنور والاختزال العارف الذي يغني في رسالة اللوحة وبلاغة المشهد ودلالاته.
جاء هذا المعرض في سياق اهتمام اتحاد الفنانين التشكيليين بالفنانين الشباب ومنحهم فرصة العرض والاهتمام بمنتجهم المبشر لأهمية تجارب بعضهم التي بدأت تتقدم المشهد التشكيلي كحالة منافسة وتتجاوز تلك الأسماء الحاضرة والمكرسة لنموذج تقليدي أوشك أن يصيب الفن التشكيلي السوري بالترهل، والوقوع في خانات المحاكاة والتبعية وتبررها الشللية وتسوقها صفحات التواصل الاجتماعي الفقيرة للقيمة والتذوق الرفيع، فقد أكدت هذه التجارب ذاتها في معارضها الفردية القليلة وفي معرض الربيع للفنانين الشباب وبعض الملتقيات التشكيلية ولم يبق لها إلا توفر البيئة التسويقية الحقيقية التي تحتاج إلى مؤسسات كبيرة نفتقدها بشكل واضح ولا نلمس أي خطوة جادة لتأسيس أي منها، مما يطرح سؤالا عن مستقبل هذه الطاقات التشكيلية وعن جدية استمرارها في واقع ينحصر فيه الفن التشكيلي في خانة ضيقة من الرعاية التي لا تكلف نفسها إلا شريط الحرير والمقص وبعض الصور الفوتوغرافية لحفل افتتاح بوجوه تقليدية.
من الجدير ذكره أنه ستقام ندوة حوارية مساء اليوم على هامش هذا المعرض في صالة المعرض دعت إليها جمعية النقاد والباحثين التشكيليين في اتحاد الفنانين التشكيليين يشارك فيها نقاد وأساتذة من كلية الفنون الجميلة وعدد من الشباب الفنانين وتتناول قضايا الشباب التشكيليين واللوحة التشكيلية عموما ومعرض مهند وسمير الصفدي نموذجا.
أكسم طلاع