ثقافةصحيفة البعث

نهايات درامية تتعارض مع رغبات المشاهدين

حظي موسم 2019 الدرامي الذي أطلق عليه صفة “ردّ الاعتبار”، بمتابعة جماهيرية كبيرة على مستوى الوطن العربي سواء للدراما المحلية أو العربية المشتركة ببطولة النجوم السوريين، ويعود تنوع المحاور ودخولها حيثيات اجتماعية متعددة طالت انعكاسات الحرب الإرهابية على سورية وملفات الفساد، إضافة إلى مداخل جديدة للأعمال التاريخية والصوفية، فجاءت أغلب الأعمال بنهايات تمسّ الواقع بشفافية وتعبّر عن صور حقيقية.

ففي ترجمان الأشواق الخسائر والتضحيات كانت كبيرة بحجم خسائر الوطن، منها قتل د. زهير-غسان مسعود- الذي كان يشتغل على المصالحات الوطنية، وفي منحى آخر استطاع نجيب- عباس النوري- استعادة ابنته “آنا” وتحريرها من الإرهابيين بعد أن توصل إلى الخاطفين بتعاون جهات عدة ودفع الفدية المقدرة بمبلغ كبير بقرار حاسم من والدته- ثناء دبسي-التي قررت بيع منزل العائلة الذي توارثته الأجيال ويعبق بالأصالة والعراقة إلى أحد سماسرة تجار الأزمات الذي استغل حاجة الناس إلى المال، في الوقت الذي يعود فيه زوج الأخت من حلمه الضائع بعد أن باع منزله وتخلى عن وظيفته ليهرب وراء ستار الهجرة، والحصول على حياة أفضل له ولأبنائه بعيداً عن عشوائية الرصاص والموت المجاني، ليكتشف وهو في طريق السفر غير النظامي أن الحياة بكرامة بالوطن أغلى من الأحلام الكاذبة التي لن تتحقق لأنها مجرد وهم وسراب.

وفي الأعمال الشامية التي تستحضر صور نضال شعبنا ضد الاحتلال الفرنسي والتضحيات الجسّام التي قدمها المناضلون لتحرير سورية، وتستعيد جمالية التراث بأنواعه، إضافة إلى الإسقاطات الواقعية التي تتداخل بين الأحداث نرى الزعيم- أبو عرب- النجم رشيد عساف- في شوارع الشام العتيقة الذي تعرض للخيانة من الداخل من قبل ابنه ظافر –عاصم حواط- يتراجع عن الانتحار بلحظة يأس بعد أن فقد بصره وتجرع مرارة الخيانة، حينما سمع طلقات انتصار المناضلين ضد الفرنسيين فيرمي مسدسه في البحرة.

وفي باب الحارة الجزء العاشر يشهر الزعيم –أبو عزام- المسدس في وجه شكري قاتل ابنه الوحيد.

وفي سلاسل دهب ينتصر الخير على الشر ويعود الحق إلى أصحابه وتكشف أوراق التاجر مهيوب- بسام الكوسا-

وبدت النهايات مؤلمة أيضاً في نهاية العمل المشترك خمسة ونص والتي أكدت أن الفساد يستشري ويصل إلى مواضع القتل، حينما يتمكن السياسي “غمار” قصي خولي قتل زوجته النائب د. بيان الاختصاصية بالأورام السرطانية لأنها تحاول الوقوف في وجه عمليات الفساد التي يمررها من موقعه، مثل استفادته من مكب النفايات بإغلاقه لأضراره الصحية والبيئية وكشفها ملفات أخرى بقتلها بحادث سيارة مدبر لتكون النتيجة قضاء وقدراً، وتتكرر الجريمة مع الناشطة الاجتماعية والسياسية صديقة بيان بالعثور على جثتها تطفو على عرض البحر، ويتبيّن بأنها حادثة انتحار.

أما في الهيبة الجزء الثالث الذي تطرق إلى الفساد الإعلامي بتحكم أصحاب القرار بالحضور الإعلامي ودعم الإعلامية نور- سيرين عبد النور- لمحاربتها وتدميرها، لأنها وجدت الحب الذي تبحث عنه وأرادت تحقيق حلمها بحياة هادئة بطردها من العمل وتشويه سمعتها المهنية والاجتماعية، ومن ثم قتلها بطريقة مأساوية رغم ابتعادها عن الأضواء، إلا أنها بقيت طرفاً بخطوط النزاع على البقاء.

وربما تكون النهايات لا تتطابق مع مشاعر المشاهدين الذين يحبون النهايات الإيجابية والعاطفية السعيدة، إلا أن الواقع حاله ومعطياته تختلف عن الرغبات والمشاعر.

ملده شويكاني