جروح مزهرة بالحب
أنا كالأرض أنبت من جسدي زرعاً لا يشبه النخيل والأعناب، لكنه جنة دانية فيها سررٌ مرفوعةٌ وأكوابٌ موضوعة.
أنا حينما فقدتُ من جسدي طرفين، صارت السماء طريق عبوري، فكيف استحلتُ ببضع حبيبات من فولاذ إلى لوحة خالدة.
ثمانية وعشرون شظية أنبتتْ بين مفاصلي حقلاً من قمحٍ وزيتون.
ثمانية وعشرون سيجتُ بها أرضاً هي وطني.. بيتي.. أهلي.. هي ليست قطع حديد متناثرة، ليست صدئة، فالشظايا لا تصدأ، تظلّ طرية من شرب الدم الساخن في الوريد، تظلّ نابضة بالحياة كما القلب.
كانت متلاحمة معي.. كانت وجعي وعندما اقتلعتها سكنت فيها.. في تفاصيلها.. جميل حبها.. صادق كما الوجع المنغرس في روحي منها.. إنها رفيقة دربي.. أحتفظ بها كنزاً أباهي به الأغنياء، فكنزي لا يفنى.. إنه جذر لشجرٍ باسقٍ في جنةٍ عالية.. حينما أنظر إليها وأعدّها، لا أملُّ.. أعرف عددها جيداً ولكني أعدها في كل يوم.. يشبه ذلك تسبيحة من تسبيحات الهيام التي تحملني إلى عالم آخر.. إنها تحدثني عن كل لحظة من انغراسها في أثلام جسدي.. عن صوت انفجار لم أسمعه.. عن تدفق نبع أحمر قانٍ وعن فحيح الألم الذي سرى سمه في جسمي، وعوض أن يقتلني أحياني من جديد..
لا تنبت الأرض العشب والشجر ما لم يغرس الجسد بعضاً منه بين أثلامها.. ولا ترتفع السماء ما لم تحلّق الروح فيها بجناحين من أحلامها العاشقة
إنها أزهاري أرتبها باقة حب وأهديها مع جزيل محبتي
سامر عيسى