“زعران الشارع”!
تستوقفنا الكثير من المظاهر التي تعج بها شوارعنا على مدار الساعة، والتي تؤكد مدى الحاجة إلى إعادة فرض سلطة القانون، فمثلاً تحول مشهد اصطدام سيارتين إلى جريمة ترهيب وابتزاز بكل ما تعنيه الكلمات من معانٍ بعد أن ترجل أربعة شبان من سيارة مفيّمة لم تلتزم بإشارة المرور، فتسببت بإضرار جسيمة لسيارة على أحد التقاطعات الطرقية.. وهم يصرخون ويسبون ويحاولون إلقاء اللوم على غيرهم، ولم يكتفوا بذلك بل تمادوا ليحاولوا ضرب السائق الذي وقف مذهولاً مما يحدث طالباً النجدة من الناس الذين تدخلوا بحذر نتيجة لمخاوفهم من هوية هؤلاء الشبان الذين حاولوا ابتزاز السائق وأخذ مبلغ من المال منه تحت ضغط ادعائهم بالتبعية إلى جهة رسمية (انتحال صفة)، علماً أن سيارتهم لم تتضرر.. والغريب أن هذا المشهد انتهى بذهابهم دون أي مساءلة وترك السائق مع أضرار وتكاليف إصلاح كبيرة وذلك بقوة وهمية عنوانها العريض (مافيات الشارع ).
ولاشك أن تعدد مشاهد الانفلات التي ينجو أبطالها من قبضة المحاسبة رغم أنه ليس لهم هوية سوى أنهم متمردون على الناس والقانون، الذي وللأسف مازال عاجزاً عن لجم جنوح تفكيرهم وممارساتهم التي تعكر صفو الحياة وتزعزع الاستقرار المجتمعي.. ومن الغريب ونحن في هذه الظروف التي ترقى بتحدياتها ومعاناتها إلى مستوى (المحن) أن تستمر حالات تجاوز كافة الاعتبارات الأخلاقية والقوانين وبأبشع الصور سواء كان ذلك تحت اعتبارات النفوذ أو من أولئك الذين يوهمون الناس بسلطتهم الوهمية.
هذه المشاهد الموجعة مازالت حاضرة سواء في الشوارع أو الأماكن العامة التي باتت تعيش حالة من الفوضى بوجود من استمرأ مخالفة القانون أمام الجميع ودون أي رادع، وللأسف نحن لسنا ببعيدين عن أذى هؤلاء وقد نكون شهوداً أو كومبارساً مشاهداً تمردهم القميء المحشو بالحقد والجريمة التي تنتقل من شارع إلى آخر في سيارات غير معروفة التبعية..أما الحصيلة فتكون المزيد من خيبات الأمل بسلطة القانون والكثير من الاشتباكات التي تحرم الناس من حقوقهم وتعكر الجو العام لأسباب…؟!
فماذا يحدث في حياتنا؟ ولماذا غابت القوانين؟ وكيف يمكن لجم هذا الجموح الفكري نحو العنف؟ ولماذا باتت شوارعنا مسرحاً كبيراً للممارسات والمخالفات التي تتم تحت مظلة الاستقواء.؟ ومن منح هؤلاء سلطة التعدي على الحقوق .؟ وكيف نعيد ثقافة الاحترام وأدبيات الحياة الاجتماعية والأخلاقية إلى مجتمعنا.؟ وطبعاً الحلول موجودة وتتلخص برفع الحصانة عن كل مخالف ومسيء، وتطبيق القانون على الجميع دون استثناءات.؟
بشير فرزان