دراما شد الحبل
شكل التعاون الفني في الماضي في مجال السينما حالة جميلة، وتشهد الأفلام المشتركة التي ظهر فيها بعض نجومنا مع فنانين من دول عربية أخرى جانباً مهماً من ذلك التعاون الذي نعيش تجاربه إلى اليوم، كل فنان حينها حمل هوية فنية مميزة وكان حقاً سفير بلده فنياً، لكن ذلك لم يطغ على العمل فلم ينسب أحد نجاح فيلم ما أو فشله لفنان بعينه لأن حالة التكامل الفني كانت محققة وكان هدف الجميع إنجاح العمل بعيداً عن الحسابات الأخرى والدليل أننا لم نسمع حينها عن حساسيات في الوسط الفني بين الفنانين تتحدث أن السبب في نجاح فيلم ما هو وجود فنان سوري أو لبناني أو مصري منفرداً، وأن حضوره في العمل هو من حقق النجاح للفنانين الآخرين، ويبدو أن هذا التعاون الذي انتقل لاحقاً إلى مجال الدراما التلفزيونية والذي نشهده بوضوح في السنوات الأخيرة لم يسر على نفس النهج والدليل التصريحات التي يطلقها فنان ما ليتلقفها آخر ويرد عليها، وتتولى بعض وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي تأجيجها وكل فنان يسعى لشد الغطاء تجاهه وسحب البساط من تحت فنانين آخرين وكأنه البطل الوحيد وإليه يعود الفضل في نجاح العمل، بل في نهضة الدراما ككل، هذه الحالة بدت واضحة في موجة الأعمال التي قدمت في السنوات الأخيرة والتي كرس بعضها نمطا دراميا معينا وفنانين محددين.
من الجميل أن نشهد حالة من المنافسة بين الفنانين وأقصد هنا التنافس الصحي إذا صح القول والذي يدفع الفنان لتقديم أقصى ما يملك ويطور أدواته ومهاراته ليكون الأبرز على الساحة الفنية، بالتأكيد هذا طموح مشروع لكن من غير المقبول أن ينجر فنان -قد يشكل أنموذجا بالنسبة للكثيرين- ليبخس فنانين آخرين شركاء له في العمل حقهم، وللأسف يبدو أننا استطعنا أن نقدم أعمالاً درامية مشتركة لكننا لم نحقق الأهم وهو الوصول إلى عقلية النجاح المشترك، ليبقى السؤال الأهم إلى أي مدى يمكن للمسلسلات الدرامية أن تنجح ونحن مازلنا نفكر بعقلية البطل المنفرد؟ وإلى أي مدى يمكن لمسلسل ما أن يقوم على بطل واحد إذا ما استثنينا الأعمال التي تتحدث عن شخصيات كانت فاعلة ومؤثرة في التاريخ بطريقة ما؟
جلال نديم صالح