أخبارصحيفة البعث

أيّ ابتــــــلاء.. وأيّ رهـــــان؟

 

تقرير اخباري

بادّعاء التنمية الاقتصادية وتشجيع الاستثمار اجتمع المتآمرون على تصفية القضية الفلسطينية في المنامة، وغاب المعنيّ الأول والأخير بالقضية. مسرحية افتقدت إلى نجومها ونصف ممثليها، كما عبّرت صحيفة “الغارديان”. في افتتاح المؤتمر ، دعا جاريد كوشنر عرّاب “فرصة القرن” -كما وصفها – الفلسطينيين إلى الانسياق لخططه وقبول إغراءاته الكاذبة، وتبني الجانب الاقتصادي من الخطة قبل الدخول في السياسة، قائلاً: “الولايات المتحدة لم تتخلّ عنكم”.
إذاً ما سمي “سلاماً اقتصادياً” هو خطة واشنطن الجديدة بديلاً لخطة “الأرض مقابل السلام”، سلام وضع شروطه ترامب ونتنياهو، ووضع ضمن أولوياته مسألة “أمن إسرائيل” كهدف أساسي ورغم خطورتها إلا أن الورشة ليست إلا إجراءً افتتاحياً لبقية فصول “الصفقة” الأكثر خطورة، لكنها تنبئ بأن ثمن الاستسلام سيكون غالياً، وهو ما تيقّظ له الفلسطينيون، على المستوى الرسمي والشعبي، ووحّدوا موقفهم المقاطع للمؤتمر وتأكيدهم أن “لا يحق لأحد الحديث باسمهم”، بالتزامن مع تظاهرات وإضرابات شاملة عمّت الأراضي الفلسطينية المحتلة.
كلّ ما يحدث وينسّق يهدف إلى تحويل قضية الشعب الفلسطيني من شعب يناضل لاستعادة حقوقه القومية، ويواجه الاحتلال والاستيطان إلى قضايا حياتية واقتصادية تحلّ عبر خطوات إجرائية من شأنها أن تحسّن من رفاهية الفلسطيني الواقع تحت الاحتلال.
يحاول المطبّعون “تنعيم الزوايا” وتجميل صورة الصفقة القبيحة، حيث صرّح وزير الخارجية البحريني بأن الورشة ليست صفقة بقدر ما هي خطة اقتصادية من شأنها تغيير واقع المنطقة وإحلال السلام فيها، وهذا صحيح، فالشرق الأوسط الجديد هو الوجه الجديد لهذه المنطقة، لكن بإرادة صهيوأمريكية وتنفيذ أيادٍ “عربية” تحقيقاً لسلام فصّل على المقاس الإسرائيلي، يلغي حق العودة للفلسطينيين، ويدمّر هويتهم الوطنية.
وبينما يصرّ الفلسطينيون على أن هذه الخطة المسمومة التي تحاول تصفية حقوقه الوطنية لن تمرّ بكل ما قدّمته من إغراءات، وأن تضحيات الأبطال والمقاومين على مدى أكثر من مئة عام من الصمود ستكون البوصلة والشرط الأول لأي اتفاق، فهم يراهنون على دعم دول محور المقاومة وقوى التحرّر العربي.
هل من جدوى سؤال أشخاص باعوا ضمائرهم وصافحوا قتلة شعوبهم وأطفالهم عن شعورهم، وهم جالسون كالطرشان في حضرة صهر سيّدهم كوشنر، وهو يردّد أمامهم: “إن إسرائيل دولة ذات سيادة”؟! أو هل ستؤثر فيهم انتفاضة شعب على امتداد الساحات العربية، وهم كالعُمْه يتخبّطون ويتساقطون استجداءً أمام أسيادهم؟!.
ويبقى تساؤل لا بدّ منه، أي ذنب اقترفته الشعوب العربية حتى ابتُليت بهكذا أنظمة، تمتهن الذل والاستسلام والخضوع، وتأبى أن تكون صاحبة سيادة واستقلالية، تشتري الإهانة وتبيع الكرامة.
ريناس إبراهيم