“الإعلام المقاوم في مواجهة صفقة القرن” في ملتقى على مدرج دار البعث: المقاومة بكل أشكالها هي الخيار لاستعادة الأرض والحقوق المغتصبة
دمشق- جلال نديم صالح -لوردا فوزي:
أقامت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة، أمس على مدرج دار البعث، ملتقى “الإعلام المقاوم في مواجهة صفقة القرن”، أكد المشاركون فيه أن “الصفقة” تمثّل أقصى أشكال الانحطاط السياسي والسقوط الأخلاقي على مستوى النظام الرسمي العربي المشارك فيها، وهي الأخطر على القضية الفلسطينية منذ “وعد بلفور”، إذ ترمي إلى شطب وإلغاء وجود الشعب الفلسطيني، وتحويل النكبة الفلسطينية من قضية سياسية عادلة إلى قضية أناس بائسين يتمّ حلها بحفنة من الدولارات.
وتساءل رئيس اتحاد الصحفيين موسى عبد النور في بداية حديثه: الآن، وبعد 70عاماً من النضال العربي والفلسطيني، أين أصبحت القضية الفلسطينية، فمن “لا صلح ولا اعتراف” إلى القبول بأراضي 67، وصولاً إلى الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني؟!، مضيفاً: إن مقايضة “صفقة القرن” أطاحت بجميع القرارات الدولية، مشيراً إلى أن من يحكم البيت الأبيض يحكمه بعقلية التاجر، مشدّداً على وجوب وضع المبادئ والأسس لترسيخ نهج المقاومة، عبر خطة وطنية قومية، تبدأ من التربية في المنزل، مشيراً إلى أن المقاومة هي العنوان والشعار والطريق لاستعادة الأرض والحقوق، وأضاف: خلال الحرب على سورية بدؤوا يمرّرون ما يريدون، فتحوّلت قضية الأرض والوطن إلى شعارات، وأصبحت الخيانة والبيع مجرد وجهة نظر، وأوضح أننا في حاجة إلى التمسّك بـ “اللغة الخشبية” وتحويلها للغة حديدية تعيدنا إلى الحراك الشعبي لا النخبوي، مبيناً أن ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة، ولفت إلى ضرورة تعزيز المقاومة الإعلامية، الأمر الذي يتطلّب الاستجابة لمتطلبات المرحلة في عالم بدأت خطواته تتسارع نحو أشكال إعلامية جديدة، حتى غدا الاستعمار الالكتروني هو الاستعمار الجديد للشعوب.
واعتبر الباحث والخبير الاستراتيجي، العميد تركي الحسن، أن الصفقة لا تتعلّق بالقضية الفلسطينية فقط بل بالمنطقة بأكملها، لافتاً إلى الدور الكبير الذي لعبه السوريون منذ انطلاقة الثورة الفلسطينية، حيث كانوا في طليعة من يقاتل من أجل فلسطين، مضيفاً: إن سورية وفلسطين جسد واحد، والتاريخ يشهد على ذلك، حيث كان السوريون منذ الانطلاقة الأولى للثورة الفلسطينية في طليعة من يقاتل من أجل فلسطين، ولفت إلى أن “صفقة القرن” قد أطلقت بعد أن هيّئت الظروف لها، من تراجع القضية من الصراع العربي الإسرائيلي إلى الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ولاحقاً تسمية القضية بالنزاع، وشدّد على أن عبء مقاومة “الصفقة” يقع على عاتقنا إعلامياً وسياسياً وعسكرياً، مضيفاً: إن صفقة القرن ولدت ميتة استناداً إلى عدّة محاور: الأول محور وطني لأن جميع الفصائل الفلسطينية تتفق على مقاومة الصفقة، أما المحور الثاني فيؤكّد على أن القضية الفلسطينية قضية قومية وهي شرعية ومقدّسة للمسيحيين وللمسلمين، وأخيراً القضية الفلسطينية قضية إنسانية ومن حق العالم كله أن يقف إلى جانبها.
من جانبه أوضح الكاتب والباحث التونسي توفيق المديني أن ما يسمى بصفقة القرن هو نتيجة منطقية وتاريخية، وهناك العديد من الأنظمة العربية المنحرفة عن نهج التحرير، وخاصة نهج التسوية واتفاق أوسلو وغيره، يتحمّلون مسؤولية ما آلت إليه الأمور، وهذه الصفقة هدفها الرئيسي تصفية القضية الفلسطينية، وهي القضية الأم في الوعي الشعبي الوطني والقومي، لافتاً إلى أنه على المقاومة أن ترتكز على الفكر والثقافة، مع العودة للاستثمار في المشروع القومي الديمقراطي العربي، الذي يؤمن بنهج التحرير لكل الأرض السليبة، وفي طليعتها فلسطين، مبيناً أنه يتمّ التحدّث عن خيار المقاومة في جانبها العسكري، ولكن المقاومة بدون فكر وثقافة لن تؤدي دورها التاريخي.
واعتبر د. عصام السعدي، مدير مركز المشرق للدراسات الجيوسياسية في الأردن، أن صفقة القرن ليست وليدة اليوم بل ولدت مع وعد بلفور، الذي استهدف الجغرافية العربية، مؤكداً أننا بحاجة للعودة إلى الميثاق القومي الفلسطيني، وإعادة الاعتبار للهوية القومية العربية والمشروع القومي العربي، معتبراً أننا بالوحدة الوطنية والقومية وبإعلام المقاومة نستطيع أن نرد كل الصفقات التي أخذت أشكالاً مختلفة منذ أوسلو ووادي عربة وصولاً إلى اليوم مستلهمين انتصار المقاومة والجيش العربي السوري، الذي صمد في وجه أكبر حرب اجتاحت المنطقة.
وكان أنور رجا، المسؤول الإعلامي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين-القيادة العامة، أكد ضرورة اتخاذ مواقف حاسمة جذرية تجاه القضية الفلسطينية، وتجديد الخطاب الموجّه للجماهير العربية، والقيام بفعل يجعلها تسير في شارع واحد وراء من يسعى بشكل عملي إلى تحرير فلسطين بالعمل المقاوم وليس فقط بالخطابات، لتبقى فلسطين جوهر الأمة العربية ومركز إشعاعها، معتبراً أن صفقة القرن ليست حديثة الولادة بل عمرها من عمر هرتزل وبلفور وسايكس بيكو وسواهم، وجاءت من ليل أوسلو وكامب ديفيد ووادي عربة وصبرا وشاتيلا وكل ما حدث في مصر وليبيا، ومن جيوش الفتنة والإرهاب والحرب على سورية ولدت الصفقة.
وفي نهاية الملتقى تلا الكاتب والباحث الفلسطيني محمد العبد الله البيان الختامي، والذي أكد أن الصفقة المؤامرة هي التعبير الأكثر امبريالية وتكثيفاً فعلياً لتحقيق الأهداف التوسعية الاستعمارية، كما تعتبر الأخطر على القضية الفلسطينية منذ وعد بلفور، وخطورتها وآثارها التدميرية لا تقف عند حدود تصفية القضية الفلسطينية بل تشمل أمتنا ودورها ومكانتها، مع التأكيد أن القضية الفلسطينية ليست سلعة للبيع أو المساومة.
حضر الملتقى الدكتور خلف المفتاح مدير عام مؤسسة القدس الدولية-سورية وعدد من قادة وممثلي فصائل المقاومة الفلسطينية بدمشق وحشد من الباحثين والسياسيين والإعلاميين والمثقفين الفلسطينيين والسوريين.