دوامـــــة الاقتصـــــاد التركـــــي
مني حزب العدالة والتنمية، الذي يتزعمه أردوغان، بهزيمة مدوية في انتخابات عمدة اسطنبول بعد الإعادة، والتي فاز بها خصمه الرئيسي، أكرم إمام أوغلو، مرشّح حزب الشعب الجمهوري. هذه الخسارة ليست سياسية فحسب وإنما مالية أيضاً ذلك أن انزلاق العملة سريعاً استنفذ احتياطيات النقد الأجنبي الرسمية الموجودة في البنك المركزي التركي، لتنخفض العملة الوطنية إلى ما دون المستوى الرمزي البالغ 6 ليرات لكل دولار. وعندما تمّ إلغاء انتخاب إسطنبول في 6 أيار، تمّت التضحية بأكثر من 4 مليارات دولار دون داع للدفاع عن العملة.
في الحقيقة يعترض نظام أردوغان أربع مشاكل في نفس الوقت: الانتكاسات الانتخابية، واحتياطيات العملة حرة السقوط، وعدم وجود سياسة اقتصادية جدية، وعلاقات سيئة مع واشنطن على خلفية قيام أنقرة بشراء صواريخ “إس 400” الروسية.
ويأتي حجم خسارة أردوغان في هذه الانتخابات من حجم وثقل مدينة اسطنبول التي تتبوأ مكانة كبيرة للأعمال التجارية التركية، وتشكّل ثلث الناتج المحلي الإجمالي، وربما أكثر في مالية حزب العدالة والتنمية ورجال أعماله، وسيكون اعترافاً بضعف لا يطاق بالنسبة لأردوغان، الذي يدعي أنه قوي على غرار السلاطين العثمانيين. لذلك وضع كل الوسائل اللازمة لإقناع الناخبين، من خلال سيطرته الحصرية على موارد الدولة والملايين من المسؤولين، منتهكاً مرة أخرى “سيادة القانون”، ولعل الاعتقالات الأخيرة للأكاديميين والهجمات على الصحفيين أكبر دليل على ذلك. هذه السياسة الخاطئة أدت جميعها إلى إلحاق الضرر بالاقتصاد التركي حيث ارتفعت البطالة في عام واحد من 10.8 ? إلى 14.7 ? أي ما يقرب من 5 ملايين عاطل عن العمل، وارتفاع الأسعار التي آلت إلى تقلص القدرة الشرائية.
الظروف معقدة وأيدي أردوغان وووزير ماليته صهره بيرات البيرق تثقل بشدة على حاكم المصرف التعيس. وتقدر احتياطيات البنك المركزي بـ 28 مليار دولار، أكثر من 40% منها عن طريق قروض قصيرة الأجل من البنوك التركية، وهناك أكثر من 80 مليار دولار في الودائع في هذه البنوك، لكن لدى المؤسسات التزامات تتجاوز 100 مليار دولار.
هيفاء علي