قراءة عربية في أفلام أجنبية
تتسم السينما الأجنبية بالتنوع سواء في مصادرها وأساليبها الفنية أو في رؤاها، وبعضها يتضمن نزعة إنسانية رقيقة، وأخرى تكاد تكون معادية لنا، لذا من الصعب وضعها كلها في سلة واحدة، لكن الأجدى أن يصنف ويقيم كل عمل كمفردة لها جذورها واستقلالها.. من هنا جاء كتاب الناقد المصري كمال رمزي “قراءة عربية في أفلام أجنبية” الصادر حديثاً عن وزارة الثقافة-المؤسسة العامة للسينما ليضم مجموعة من المقالات هي حصاد متابعة رمزي لما تيسّر مشاهدته من الإنتاج السينمائي الأجنبي في السنوات الأخيرة، مشيراً في مقدمة الكتاب إلى أنه حاول أن يرى الأفلام بعيون المواطن العربي إلى جانب التقييم الفني لها ولا سيما أن الكثير من هذه الأفلام تثير قضايا تمس صميم حياتنا مثل الإرهاب والعنف ولصوص المال والقوات الأجنبية، خاصة الأميركية والبريطانية.
تناول رمزي في كتابه أفلاماً عديدة، منها: لست إرهابياً، عودة رامبو وصائد الجبابرة، اللعبة الكبيرة، الفرقة الانتحارية، وحش المال، ملوك مصر، لوسي، ذئب وول ستريت، مانديلا الذي كتب رمزي عنه:
التفكير في هذا الفيلم لا يقل متعة عن مشاهدته، فطوال ساعتين نتابع بانتشاء ساحر حكاية نعرفها من دون اكتشاف أو إضافات، ومع هذا يبدو العمل مبتكراً وجديداً يتهاوى على الشاشة بشاعرية خلابة ابتداء من المشهد الافتتاحي لأطفال سود ينطلقون جرياً في حقل ممتد مع صوت مانديلا الحنون الدافئ بأداء الممثل البريطاني إدريس ألبا، معبِّراً عن محبته لكل هذه الوجوه التي عاش معها والتي لم تبهت في ذاكرته أبداً.. وانتهاء بطفل جنوب أفريقيا وسط عائلته الكبيرة وقد أصبح أول رئيس أسود لبلاد عانت طويلاً نظام الفصل العنصري المقيت الذي تسبب في مقتل الآلاف من أبناء الشعب الأفارقة على يد البطش التي يملكها الحكام البيض. وقائع الفيلم معروفة، لكن الجديد هو روحه الطيبة الشفافة التي لا مكان فيها للحقد والكراهية أو الرغبة في الثأر، وإن كانت ترنو للحرية وتؤمن بالعدل وتعمل بلا كلل من أجل تحقيق المثل العليا، فضلاً عن استعدادها لدفع فاتورة الأماني حتى لو بلغت 27 عاماً من السجن.. “مانديلا” للمخرج جاستن شادويك فيلم نوراني يترك في النفس قدراً غير قليل من الضياء، وهذا أجمل ما تقدمه السينما للناس.
أمينة عباس