من يُلزم التجار..؟
قد يكون قرار منح 25% من مستوردات القطاع الخاص للسورية للتجارة من أهم الآليات الفعالة لتخفيض الأسعار في صالات التدخل الإيجابي.
ولكن السؤال: من يُلزم التجار بتنفيذ قرار الحكومة..؟
تردّد أن التجار غاضبون بل صُدموا بالقرار؛ فهم ضد أي إجراء يحرر الأسعار من قبضتهم ولو بنسبة 25%؛ فهم يريدون الاستمرار بالسيطرة على الأسواق والأسعار بشكل دائم وبيد من حديد..!
ولا نُبالغ إذا قلنا إنهم وجدوا طرقاً للوجود بقوة في صالات السورية للتجارة من خلال بعض مستثمريها من القطاع الخاص..!
نعرف بأن قرار الحكومة الأخير صدر بعد ارتفاع الأسعار جراء انخفاض سعر صرف الليرة أمام الدولار الذي تخطى عتبة الـ 600 ليرة..!
وعد حينها رئيس الحكومة باتخاذ إجراءات حقيقية سيلمسها المواطن خلال أيام..!
وفعلاً فإن تخصيص 25% من مستوردات القطاع الخاص التي يمولها المصرف المركزي بالسعر الرسمي يعني بيع الكثير من المواد الأساسية بأقل من أسعارها في السوق..!
ولكن هل سيلتزم التجار الناقمون والغاضبون بقرار الحكومة..؟
وإذا رفضوا الانصياع طوعاً فمن سيلزمهم قسراً..؟
كلنا يتذكر قرار منح السورية 15% من مستوردات القطاع الخاص من السلع الأساسية والذي تمكّن التجار من طيه بذريعة استحالة تطبيقه، وقد رضخت الجهات المعنية لضغط التجار وألغت القرار..!
واللافت آنذاك أن الضغط لم يأتِ من المستوردين فقط، وإنما كان الضغط الفعلي والأقوى من غرفة تجارة دمشق التي استنفرت إمكاناتها إلى الحدود القصوى، ولم يتوقف ضغطها حتى تحقق مطلب التجار وألغي قرار الـ15%..!
وبما أن ردة فعل التجار على قرار الـ25% الجديد أتت غاضبة وسريعة فإننا نجزم بأن غرف التجارة وتحديداً غرفة تجارة دمشق ستستنفر وتضغط إلى الحد الأقصى، وقد تهدد أيضاً بإجراءات مضادة في حال أصرت الحكومة على تنفيذ القرار..!
والسؤال بطبيعة الحال: هل سينجح التجار بإلغاء قرار منح السورية للتجارة 25% من مستوردات القطاع الخاص من السلع الأساسية، كما ألغوا سابقاً قرار الـ15%..؟
التجارب السابقة مع التجار الذين يحتكرون الأسواق والأسعار سواء عن طريق الاستيراد أو أسواق الهال غير مشجعة، بل محبطة ومخيبة لآمال وتوقعات المواطنين..!
وبالتالي السؤال: هل تحزم الحكومة أمرها وتقول للتجار كفى احتكاراً للأسواق والأسعار..؟
نرى أن بإمكان الحكومة أن تتخذ إجراءات مكملة، كأنّ تسمح لوزارة التجارة الداخلية باستيراد السلع الأساسية بكميات تفرض على التجار تخفيض أسعارهم..!
أما بالنسبة للسلع المنتجة محلياً فالقرار الأهم هو الطلب من السورية للتجارة بالتنسيق مع التنظيم الفلاحي إقامة أسواق هال موازية لأسواق التجار تتيح لها شراء منتجات الفلاحين مباشرة..!
وهذا المطلب قديم جداً، ونستغرب عدم تنفيذه على مدى العقود الماضية..!
بالمختصر المفيد: علينا انتظار أكثر من شهر لنعرف مدى التزام التجار بتنفيذ قرار الحكومة على إجازات الاستيراد الجديدة التي يشملها القرار، وهي بالنسبة لهم مهلة قد تكون أكثر من كافية لعرقلة التنفيذ كما فعلوها سابقاً مع أي قرار يحرر الأسواق والأسعار من احتكارهم..
والسؤال: هل سينجحون هذه المرة أيضاً..؟!
علي عبود