أخبارصحيفة البعث

سقوط أم انتهاء دور؟!

 

يبدو أن الارتدادات الكبرى لخسارة حزب العدالة والتنمية برئاسة أردوغان لانتخابات الإعادة في اسطنبول، قد بدأت تطفو على السطح وبقوة، مع الحديث داخل أروقة الحزب عن عزم عدد من مؤسسي الحزب الكبار الانشقاق وتأليف أحزاب جديدة بعيدة عن سلطة أردوغان وتسلّطه على كل مفاصل العمل السياسي والحزبي.
فخلال سعي أردوغان الطويل للسيطرة المطلقة على الحكم في تركيا، أزاح الكثير من رفاق دربه الذين ساعدوه في الوصول إلى سدة الحكم، بداية من الرئيس السابق عبد الله غول، مروراً بعلي باباجان مهندس الاقتصاد التركي الجديد، مروراً بالرجل الذي اتهمه أردوغان نفسه بالإرهاب عبد الله غولن، وليس انتهاءً بعرّاب السياسة التركية وصاحب نظرية “صفر مشاكل” أحمد داود أوغلو، في مقابل ذلك عمد أردوغان إلى الاستعانة بشخصيات مذعنة لأهوائه ونرجسيته، ولعل في مرشح الحزب في اسطنبول بن علي يلدريم مثالاً صارخاً على ذلك، فالرجل كان رئيساً للحكومة، ثم رئيساً للبرلمان، فاستقال بأمر من أردوغان، وترشّح لرئاسة بلدية اسطنبول، وخسر بالتثبيت بعد جولة الإعادة.
كل ذلك دفع بالشخصيات التي كانت “عماد الحزب” خلال الفترة الماضية إلى التفكير جدياً في تأسيس أحزاب جديدة بعيدة عن العدالة والتنمية، ولاسيما بعد الخسارة في اسطنبول، والتي كانت، حسب مراقبين، القشّة التي كسرت ظهر البعير، وكرّست الخلافات بين أقطاب الحزب بشكل علني، حيث كشفت الإحصائيات أن 400 ألف حزبي من العدالة والتنمية صوّتوا لمرشح المعارضة أكرم إمام أوغلو تعبيراً عن رفضهم لسياسات أردوغان وقراراته، وتؤكّد الأخبار المتواترة أن علي باباجان أخطر أردوغان شخصياً بنيته تأسيس حزب مع الرئيس السابق عبد الله غول، والإعلان عنه في أيلول القادم، وقد يكون في وقت قريب ولاسيما بعد هزيمة اسطنبول المدوية، كل ذلك ماذا يعني؟.
إن تشكيل باباجان وغول لحزب جديد من شأنه أن يؤدّي إلى انشقاق عدد كبير من مناصري العدالة والتنمية، بمن فيهم نواب في البرلمان ومسؤولون في إدارات الدولة والجيش، وفي حال تمكّن من جمع 100 نائب حوله من نواب العدالة في البرلمان، فإن الطريق باتت ممهدة نحو الدعوة لانتخابات برلمانية ورئاسية مبكرة، وفي ظل الظروف الحالية للاقتصاد التركي، من ركود وتدهور كبير في الليرة، والنفق الذي أدخل به أردوغان تركيا، من صراع مع كل الجيران وحتى الحلفاء، فإن فرصته في البقاء على رأس السلطة باتت مهدّدة بشكل كبير.
“انتخابات اسطنبول هي صورة واضحة لمرحلة انهيار حزب العدالة والتنمية”، حسب مراقبين، وعليه فإن السياسات التي انتهجها أردوغان سواء في الداخل التركي أو مع الجيران ولاسيما في سورية، والتي حوّل فيها “السلطان” تركيا لمحطة كبرى يجتمع فيها الإرهاب العالمي، ومن ثم المرور إلى سورية، وغيرها من القضايا الدولية والإقليمية، كلها عجّلت في سقوطه، ومن يدري فقد يكون الدور الذي قام به أردوغان وحزبه العدالة والتنمية، قد انتهى حالياً، وبدأ فصل جديد تقوم فيه تركيا، بما تمثّله من عمق لناتو في الشرق، عبر تنفيذ أجندات تتناسب والمرحلة القادمة، وسقوط الطاغية أردوغان هو نقطة الانطلاق لها.
سنان حسن