“الصناعات الغذائية” على خطا التغيير.. ومديرها العام يضع نفسه تحت المحاسبة في حــالة عـــدم عـــودة شــــركات المؤســسة إلى مسارها الطبيعي”خلال فترة “!
دمشق – محمد زكريا
لم يكن تصريح المدير العام للمؤسسة العامة للصناعات الغذائية ريم حلله لي غريباً حينما أكدت وجود فساد مدقع في بعض الشركات التابعة للمؤسسة، سببه تقاعس الإدارات السابقة في معالجة المشكلات التي تعترض عمل هذه الشركات، لكن اللافت خلال تصريحها لـ”البعث” أنها وضعت نفسها تحت المساءلة والمحاسبة في حال عدم عودة هذه الشركات إلى مسارها الطبيعي خلال فترة زمنية تتوافق مع تأمين متطلبات هذه الشركات من وسائل دعم، موضحة أنها تتسلح بالدعم الحكومي المقدم للمؤسسة سواء كان الدعم مالياً أم معنوياً، وأخذت حلله لي على عاتقها تبني ملف الانطلاق بشركات المؤسسة إلى حالة الاستقرار والإنتاج، رغم وجود العديد من المطبات التي تحتاج إلى الإزالة سواء لجهة تأخر المشاريع التي تسعى المؤسسة إلى تنفيذها أم لجهة العقبات التي تواجه انطلاق الشركات المتعثرة والمتوقفة، مشيرة إلى أن المؤسسة وضعت رؤيتها فيما يخص السياسة الصناعية الزراعية والمتمثلة في أن تكون تنافسية تحقق الأمن الغذائي، تكون الرسالة منها استثمار الموارد المحلية من الناتج الزراعي واستكمال سلسلة القيمة المضافة للمنتج المحلي وصولاً إلى منتجات غذائية زراعية ذات ميزة تنافسية قادرة على تلبية السوق المحلية بالجودة والسعر المناسب، والعمل على تصدير الفائض والمساهمة في تحسين الميزان التجاري.
رديف
وانطلاقاً من حيثية أن الصناعات الغذائية تشكل رديفاً أساسياً للإنتاج الزراعي في تحقيق الأمن الغذائي الوطني وذلك من حيث أهميتها بتلبية احتياجات التنمية المستدامة، وزيادة الدخل القومي بفعل الزيادة الناجمة عن القيمة المضافة، إضافة إلى أنها تخلق فرص عمل جديدة في المناطق الريفية والحضرية، ومساهمتها في دعم الميزان التجاري، وتأمين القطع الأجنبي من خلال تصدير المنتجات الزراعية المصنّعة إلى جانب دورها في تعزيز وتنشيط الاستثمار في هذا القطاع، الأمر الذي يؤدي إلى تكامل التخطيط الزراعي والصناعي في مناطق الإنتاج، فلابد من إعطاء هذه الصناعات حيزاً كبيراً من اهتمام الحكومة، وتأمين متطلباتها من خلال ما تضعه المؤسسة في رؤيتها من إجراءات تتمثل في تأمين الاعتماد اللازم لتوريد خطوط إنتاجية لتعبئة المياه تلبي حاجة السوق المحلية، وتصدير الفائض واستثمار الثروة المائية بالشكل الأمثل المقدر بمبلغ (4) مليارات ل.س، وقرض من دون فوائد أو بفائدة منخفضة، إلى جانب منح صلاحيات للجنة الإدارية في الشركات لجهة تقديم بعض العروض التحفيزية لعملية البيع، مع زيادة بند الدعاية والإعلان بما يتناسب مع قيمة مبيعات الشركة، والموافقة على إضافة اعتماد لشراء سيارات مبردة لنقل منتجات شركات الألبان وبرادات صغيرة لعرض منتجات الشركة في صالات السورية للتجارة، إضافة إلى عدم تحميل الدعم الحكومي للفلاح على مدخلات الإنتاج الزراعية للقطاع الصناعي، والسماح باستيراد البذور الزيتية (الصويا- القطن)، والزيوت الخامية (عباد الشمس –ذرة)، فضلاً عن إعادة النظر بآلية احتساب رسم الإنفاق الاستهلاكي لجهة تحديد المطرح بناء على الوحدة النوعية، واحتساب الضرائب والرسوم إما على مدخلات الإنتاج وإما على مخرجاته وتجنب الازدواجية في ذلك.
خارطة
وأوضحت حلله لي أن تنفيذ الخارطة الزراعية الصناعية تتطلب مجموعة إجراءات تتمثل في تشكيل لجنة وزارية تضم ممثلين عن وزارات الصناعة – الزراعة – الاقتصاد والتجارة الخارجية – المالية – وغرف الصناعة والزراعة لوضع مشروع مرسوم يتضمن المحفزات المقترحة لكل صناعة وفق المعايير المتفق عليها، وآلية منح تلك المحفزات مع المدد الزمنية لكل محفز. إلى جانب التنسيق مع وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي لحصر احتياجات المنشآت الصناعية المقترح إقامتها من المنتجات وفق الطاقات التصنيعية المطلوبة، مع ضرورة إبرام عقود مسبقة مع الفلاحين، مع تقديم البذور والشتول اللازمة والدعم اللوجستي اللازم لتشجيع الزراعات المستهدفة.
وبخصوص رؤية وزارة الصناعة حيال الشركات المتوقفة أشارت حلله لي إلى أن الوزارة جادة في تشغيل هذه الشركات بنفس النشاط الصناعي أو نشاط صناعي ذي جدوى اقتصادية، وفي هذا السياق تم إعداد مشروع مرسوم يجيز للوزير إضافة أو تعديل النشاط الصناعي القائم لأية شركة من الشركات التابعة بناء على دراسة جدوى اقتصادية معتمدة من قبل هيئة التخطيط والتعاون الدولي، وعرض الشركات المدمرة للاستثمار والتشاركية مع القطاع الخاص وفق قانون التشاركية، وذلك بنفس النشاط الصناعي أو نشاط صناعي جديد.
مع الإشارة إلى أن المؤسسة وضعت آلية تنفيذية لخططها ومشاريعها تكون ضمن معايير تقييم تتركز على نسبة المواد الزراعية من المواد الأولية للصناعة المستهدفة، وتحديد الأنشطة ذات القيمة المضافة العالية، إضافة إلى تحديد الأنشطة التي تلبي حاجة السوق المحلية، والأنشطة التي تُغني عن الاستيراد بهدف تحقيق بدائل المستوردات بمنتج ذي مواصفة قياسية وأسعار تنافسية، والتركيز على التوزع الجغرافي للأنشطة الصناعية على مستوى القطر وحسب الميزات التنافسية لكل محافظة، ونوع التكنولوجيا المستخدمة ومدى تطورها، واستخدام الطاقات البديلة ومدى ملائمة الصناعة للبيئة، كما جاء في الآلية تحديد المحفزات المقترحة لكل صناعة استناداً لمعايير التقييم المكونة من محفزات ذهبية تتضمن إعفاء احتياجات المشروع اللازمة لإقامته وتطويره وتوسيعه من الآلات والتجهيزات والمعدات ومستلزمات بنائه من الضرائب والرسوم المالية والبلدية والجمركية وغيرها، ومنح المستثمر قرضاً لإقامة المشروع بفائدة تقدر (5%)، وبتسهيلات للدفع مع تخفيض الرسوم الجمركية بنسبة /50%/ على المواد الأولية ومدخلات الإنتاج اللازمة لهذه الصناعة ولمدة ثلاث سنوات من بدء الإنتاج، وإعفاء من ضريبة الدخل الحقيقة لمدة ثلاث سنوات من تاريخ بدء الإنتاج، وتخفيض قيمة الأرض المخصصة للمشروعات إلى النصف في حال بدء الإنتاج خلال عامين من تاريخ تسليم الأرض، وذلك في حال كان التخصص في المدن الصناعية.
في حين تكون المحفزات الفضية على نحو أقل من سابقتها حيث يتم إعفاء احتياجات المشروع اللازمة لإقامته وتطويره وتوسيعه من الآلات والتجهيزات والمعدات ومستلزمات بنائه (الهنغار المعدني) من الضرائب والرسوم المالية والبلدية والجمركية وغيرها، ومنح المستثمر قرضاً لإقامة المشروع بفائدة تقدر (7%) وبتسهيلات للدفع، وتخفيض الرسوم الجمركية بنسبة /30%/ على المواد الأولية ومدخلات الإنتاج اللازمة لهذه الصناعة ولمدة ثلاث سنوات من بدء الإنتاج، وإعفاء من ضريبة الدخل الحقيقة لمدة سنتين من تاريخ بدء الإنتاج، وتخفيض قيمة الأرض المخصصة للمشروعات بقيمة 25% في حال بدء الإنتاج خلال عامين من تاريخ تسليم الأرض، وذلك في حال كان التخصص في المدن الصناعية.
بينما تتضمن المحفزات البرونزية إعفاء احتياجات المشروع اللازمة لإقامته وتطويره وتوسيعه من الآلات والتجهيزات والمعدات ومستلزمات بنائه من الضرائب والرسوم المالية والبلدية والجمركية وغيرها، ومنح المستثمر قرضاً لإقامة المشروع بفائدة تقدر (9%) وبتسهيلات للدفع، وإعفاء من ضريبة الدخل الحقيقة لمدة عام من تاريخ بدء الإنتاج.
إعادة الروح
رئيس الاتحاد المهني لنقابات عمال الصناعات الغذائية ياسين صهيوني أشار بوضوح إلى الخلل الذي أصاب بعض شركات المؤسسة من تكلس وترهل في الإدارات وتعطل دائم في معدات هذه الشركات ولا سيما الشركة العامة لصناعة الألبان والأجبان بدمشق، موضحاً أن العمل جارٍ بالتنسيق مع المؤسسة لعودة هذه الشركة إلى مسارها الطبيعي من خلال تحديد الخلل القائم فيها سواء لجهة المخالفات المرتكبة فيها من تأجير لصالاتها ومستودعاتها ووحدات التبريد التي تمتلكها الشركة، أم لجهة التقصير الواضح المفتعل، من قبل المعنيين في الشركة في معالجة مشكلاتها، مبيناً أن الاتحاد وبالتنسيق مع المؤسسة عمل خلال الفترة الماضية على إعادة الروح لهذه الشركة من خلال ضخ دماء جديدة لقيادتها، والأخذ بمعالجة أمور هذه الشركة بالطرق التي تؤدي إلى تحويلها من شركة خاسرة إلى رابحة.