القضاء الأوروبي يدين انتهاك النظام التركي لحقوق الإنسان
أردوغان الغارق بين أوهام العثمنة، وبين دعم الإرهاب والتدخل في شؤون بعض دول المنطقة، أدخل بلاده بأزمة اقتصادية حادة أدت إلى تراجع كبير في قيمة الليرة التركية، حيث بلغ خلال اليومين الماضيين 3 بالمئة، كما أدت إلى ارتفاع معدلات التضخم إلى نحو 20 بالمئة، فضلاً عن ارتفاع معدلات البطالة، مواصلاً في الوقت ذاته حملات القمع والترهيب واعتقال المدنيين والعسكريين على خلفية محاولة الانقلاب التي جرت في تموز عام 2016.
وفي هذا السياق، أصدرت سلطات النظام التركي مذكرات اعتقال بحق 176 عسكرياً، وقال بيان لمكتب الادعاء العام باسطنبول: “إن من بين العسكريين الصادرة بحقهم أوامر الاعتقال ضابطاً برتبة كولونيل واثنين برتبة لفتنانت كولونيل وخمسة برتبة ميجر وسبعة برتبة كابتن و100 برتبة لفتنانت في عملية تشمل الجيش والقوات الجوية والبحرية”.
وخلال السنوات الثلاث التالية للانقلاب سجنت سلطات النظام أكثر من 77 ألف شخص لحين محاكمتهم، واتخذت قرارات فصل أو إيقاف عن العمل بحق نحو 170 ألفاً من العاملين في الحكومة والجيش وسلك القضاء والتعليم ومؤسسات أخرى.
وتؤكد جماعات حقوق الإنسان، استناداً لحجم الحملة الأمنية القمعية الضخمة للنظام التركي ضد معارضيه، أن أردوغان يتخذ من محاولة الانقلاب ذريعة لسحق المعارضة في البلاد.
إلى ذلك أكد رئيس حزب الشعب الجمهوري التركي كمال كيليتشدار أوغلو أن أردوغان هو المسؤول المباشر عن جميع أزمات ومشكلات تركيا في الداخل والخارج، وقال، في اجتماع الكتلة البرلمانية للحزب: “أردوغان قام بتدمير الاقتصاد التركي بأكمله”، موضحاً أنه بإقالته رئيس البنك المركزي التركي أراد أردوغان أن يحمّله مسؤولية الأزمة المالية والاقتصادية التي أوصلت البلاد إلى حافة الهاوية والتي جاءت نتيجة لسياسات أردوغان نفسه، وأشار إلى أهمية توحيد جهود مختلف قوى المعارضة خلال الفترة المقبلة “لحماية الديمقراطية في تركيا”، معتبراً أن ذلك “لن يتحقق إلا من خلال التخلص من أردوغان، وهو ما بدأ فعلاً بانتصارنا عليه في الانتخابات البلدية الأخيرة”.
وفي السياق نفسه، أكدت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أن نظام أردوغان انتهك حرية التعبير جراء إدانته رئيس حزب الشعوب الديمقراطية سابقاً صلاح الدين دميرطاش بتهم جنائية على خلفية معارضته لسياسات هذا النظام، وقالت: “بعد التحقق من تصريحات تلفزيونية لـ دميرطاش تعود لعام 2005 فإن تلك التصريحات بمجموعها لا يمكن النظر إليها على أنها تتضمن دعوة لاستخدام العنف أو دعوة للمقاومة المسلحة أو التمرد، ولا يمكن اعتبارها خطاباً محرضاً على الكراهية”.
وكانت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أمرت نظام أردوغان في تشرين الثاني الماضي بإطلاق سراح دميرطاش في أسرع وقت ممكن، معتبرة أن توقيفه المطول يأتي في سياق الهدف غير المعلن لخنق التعددية في تركيا، فيما رفض أردوغان سريعاً هذا القرار، معتبراً أنه غير ملزم.
وترأس دميرطاش سابقاً حزب الشعوب الديمقراطية، وسجن في تشرين الثاني 2016 بعد اتهامه من قبل نظام أردوغان بقيادة منظمة إرهابية.
ونظرت المحكمة الأوروبية، أمس، بشكوى أخرى من دميرطاش تتعلّق بتهم تعود لعام 2010، مرتبطة بتصريحات قالها عبر الهاتف خلال برنامج تلفزيوني، بصفته “رئيساً لجمعية حقوق الإنسان”، في ذلك الوقت، وأدين بعد تلك التصريحات بأنه “يقوم بالدعاية لصالح منظمة إرهابية”.
ورأت المحكمة بالإجماع أن “الإجراءات الجنائية بحق المشتكي، بتهم الدعاية لصالح منظمة إرهابية، لم تستجب لحاجة اجتماعية ملحة ولم تكن متناسبة مع الأهداف القضائية المستهدفة ولم تكن، بالتالي، ضرورية في مجتمع ديموقراطي”.
والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان هي الجهاز القضائي الخاص بمجلس أوروبا ومقرها ستراسبورغ، ولا يمكن أن يلجأ إليها أي مواطن إلا بعد أن يكون قد استنفد كل السبل القضائية الأخرى في بلاده.
وبالنتيجة، فان تركيا مدانة بدفع تعويضات بقيمة 2500 يورو عن ضرر معنوي للمعارض، وألف يورو كرسوم قانونية.