الاستيطان الصهيوني في فلسطين المحتلة.. والقوانين الداعمة له
على الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط تقع فلسطين بين خطي الطول 15 – 34 و40 – 35 درجة شرقي غرينتيش، وخطي 30-29 و15 -32 شمالاً. يحدها من الشرق سورية والأردن، ومن الشمال لبنان وجزء من سورية، ومن الجنوب مصر وخليج العقبة، ومن الغرب البحر الأبيض المتوسط، وتبلغ مساحتها 27,900 سبعة وعشرون الف وتسعمائة كيلومتر مربع . وتقسم إلى أربعة أقسام:
أولاً – منطقة الهول: وتضم السهل الساحلي، وسهل مرج ابن عامر وتشكّل17% من مساحة فلسطين.
ثانياً – منطقة النقب: وهي صحراء تعادل 50% من المساحة العامة.
ثالثاً – المنطقة الجبلية: وتشكل 28% من المساحة.
رابعاً – وادي الغور: وتشكل 5% من مساحة فلسطين.
كان الهدف من تشكيل وتأسيس المصرف اليهودي للمستعمرات ولجنة الاستعمار عام1897 والصندوق القومي اليهود عام 1905 وشركة تطوير أراضي فلسطين عام 1908، وبعدها الإشراف والدراسة والتخطيط، ومن ثم التنفيذ، لانتزاع الأراضي العربية في فلسطين والاستيطان عليها.
لم تصل نسبة اليهود إلى مجموع سكان فلسطين إلى 8% ولم يتملكوا سوى 2% من مساحة فلسطين باستثناء مدينة القدس والخليل وصفد وطبريا حيث بدأت بشراء وامتلاك بعض الأراضي في هذه المناطق عن طريق الممول الصهيوني “موشي منتيفيوري”.
مهدت الحرب العالمية الأولى قيام تحالف أُبرم في عام 1917 بين بريطانيا والصهيونية، كان من آثاره إعلان وعد بلفور وبعد نهاية هذه الحرب، وبعد صدور القرار الأممي المتضمن وضع فلسطين تحت الانتداب البريطاني بتاريخ 24/7/1922 فتحت بريطانيا صاحبة صك الانتداب سجل الأراضي المقيدة باسم الدولة العثمانية، وسهلت عمليات بيع مساحات كبيرة من أملاك الدولة لليهود، حيث تم شراء 500 ألف دونم من هذه الأراضي الأميرية، إضافة إلى 200 ألف دونم أُعطيت لهم من قبل بريطانيا “المؤتمنة” على هذه الأرض دون مقابل.
وفي عام 1948 وهو تاريخ اغتصاب أرض فلسطين، التي طُرد أهلها وشعبها من مدنهم وقراهم والبالغ عددهم 900 ألف نسمة، استولى الصهاينة على 3,175000 دونماً من أراضيهم، وبعد نكسة حزيران عامة 1967 صادرت سلطات الاحتلال أكثر من 20 ألف دونم من منطقة اللطرون ووضعت يدها على 25% من مساحة الضفة الغربية بالإضافة إلى 400 ألف دونم تمثل أراضي الفلسطينيين الذين طردوا أيام احتلال العدو الصهيوني للضفة الغربية كما تضع يدها على 45% من مساحة قطاع غزة.
القوانين الإسرائيلية التي صدرت لتبرير اغتصاب هذه الأرض:
1- قانون العودة الصادر عام 1950:
والذي ينص على أن لكل يهودي الحق بالمجيء إلى هذه البلاد كمهاجر، وحق العودة هذا غير محدد بزمن، لأنَ هذا حقه الفطري، ويمكنه استعماله في أي وقت يختاره، وبهذا المعنى فإن تعريف اليهودي: “بأنه كل شخص مولود من أُم يهودية، أو من أُم تحولَّت لليهودية” ويعتبرون اليهودية انتماء قومي يفسره “الحاخام فيشمان” بقوله: “إن الشعب بكل مكوناته، من حركات وأحزاب، سواء كانوا يطيعون أولا يطيعون وصايا الله هم أعضاء لا في دين واحد فقط، بل في أمة واحدة.، إنهم يشكلون أمة واحدة متحدة.”
وبهذا القانون تحدَّت “إسرائيل” جميع دول العالم، وهيئة الأمم المتحدة التي أصدرت القرار رقم 194 تاريخ 11/12/1948 المتضمن عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أراضيهم وديارهم التي طردوا منها.
2- قانون الجنسية الصادر عام 1952:
سهَّل هذا القانون اكتساب اليهود الجنسية الإسرائيلية القادمين إلى فلسطين المحتلة، وحرَّمها لغير اليهود، إذ نص على أنه يحق لكل مهاجر، أو مقيم أو مولود في فلسطين يهودي أن يكون “إسرائيلياً”.
3- قانون التعليم الصادر عام 1952:
يؤكد هذا القانون على تعلق اليهود بالأرض، فالأرض ليس مكاناً للعمل، أو شيئاً يزرع به، أو يُبنى عليها فحسب، وإنما هي الجامع الموحد لآلام اليهود وآمالهم.
4- قانون أملاك الغائبين الصادر عام 1950:
ينص هذا القانون على وضع أملاك العرب في الأراضي المحتلة تحت الحراسة، ويحق للحارس بيعها لليهود بأي ثمن تحدده السلطات.
5- قانون استملاك الأراضي الصادر عام 1952:
يخول هذا القانون سلطة الاحتلال، الاستيلاء على الأراضي العربية المحتلة بحجة استخدامها في أغراض التعمير والتنمية أو لأسباب تتعلق بأمن البلاد.
6 – قانون التصرف الصادر عام 1953:
يشترط هذا القانون على صاحب الملك، أن يتصرف بأملاكه هو بشخصه مباشرة، ويحق لوزير المالية إصدار قرارات قطعية، بالاستيلاء على هذه الأملاك، وتسجيلها ملكاً للدولة.
7 – قانون تقادم العهد أو مرور الزمن الصادر عام 1957:
حيث يثبت بموجبه المالك العربي لأرضه، أنه يتصرف بهذه الأرض منذ أكثر من 25 سنة، وإلاَّ فإنها ستصادرها تحت بند التقادم.
اعتبرت هذه القوانين “الإسرائيلية” أن أملاك المواطنين العرب في الأراضي المحتلة، والذين أُجبروا على الابتعاد عنها، حتى ولو سكنوا في مناطق أخرى من الجزء المحتل عام 1948 غائين، وكذلك أموال الأوقاف التي أصبح القيِّم على أملاك الغائبين مسؤولاً عن تأجير واستخدام أملاك الوقف الإسلامي التي تبلغ 30% من أملاك الغائبين.
وخلال مراحل حكم حزب العمال أو الليكود الصهيوني، أو حتى الحكومات الائتلافية، كان هدفها دائماً لتعزيز المستوطنات القائمة، والتخطيط لبناء خمس أو ست مستوطنات في كل عام، وفي عهد “نتنياهو” كشف النقاب عن مخططات إسرائيلية استيطانية تستهدف زيادة عدد المستوطنين اليهود في أراضي العربية المحتلة إلى500 ألف مستوطن أي إلى ثلاثة أضعافهم التي كانت عام2000 كما تستهدف المخططات الاستيطانية الى زيادة عدد المستوطنين في الجولان المحتل إلى 35 ألف مستوطن.
وقد أكدت دائرة الاحصاء الفلسطينية في رام الله بتاريخ 19/4/2004 ان عدد المستوطنين اليهود في الأراضي الفلسطينية في بداية عام 2004 هو (429160) مستوطن منهم (421565) مستوطن في مستوطنات الضفة الغربية ونحو (7595) مستوطن في مستوطنات قطاع غزة.
وأشار التقرير أن 234880 مستوطن يتركزون حول القدس الشرقية. وأن عدد المستوطنين يساوي 10% من إجمالي سكان الأراضي الفلسطينية المحتلة. حيث يصل عدد مجموع الشعب العربي الفلسطيني تحت الاحتلال عام 1948 وفي الضفة الغربية وقطاع غزة 5مليون نسمة، وعلى سبيل المثال نرى في مدينة الخليل جنوب فلسطين أن هناك 500 مستوطن فقط يسكنون بين 200 ألف مواطن عربي فلسطيني، ويقوم جيش الاحتلال ورجال الأمن بحراستهم.
وقد عمدت سلطات الاحتلال الصهيوني منذ عام 1948 وحتى الآن على إصدار العديد من القوانين والقرارات والأوامر العسكرية للاستيلاء على الأرض والماء والثروات الباطنية الفلسطينية ضمن سياسة الأمر الواقع بتهويد الأرض وتفريغها من السكان العرب.
وبعد انطلاق انتفاضة الأقصى بتاريخ 28/9/2000 ظهرت إلى العلن تنفيذ المخططات الداعية لبناء جدار الفصل العنصري والحواجز الثابتة والمتحركة، والطرق الالتفافية لتقطيع أوصال الضفة الغربية وقطاع غزة.
المستشار رشيد موعد
قاضي محكمة الجنايات سابقاً