ثقافةصحيفة البعث

لليوم الثّاني.. سوريون وعرب يحتفون بالشّعر في مكتبة الأسد

نجوى صليبه

لليوم الثّاني، وضمن النّشاطات المرافقة لاجتماع المكتب الدائم للاتّحاد العام للأدباء والكتّاب العرب، يصدح الشّعراء العرب في مكتبة الأسد بدمشق، متجاوزين عناء السّفر ووقته الطّويل، ومتنقلين بين النّص العمودي والتّفعيلة والنّثر، وغائصين في مختلف الأغراض الشّعرية الوجدانية منها والوطنية، ويرتدّ الصّدى بالتّبريك واللهفة والدّهشة للقصيدة المنظومة تأييداً ودعماً وشوقاً وحبّاً لسورية وشعبها.

والبداية مع الشّاعر الموريتاني القاضي ولد محمد عينين الذي عبّر عن فرحه بتحقق حلمه بزيارته سورية، وألقى مقطوعةً صغيرةً مؤلّفةً من أربعة أبيات ندد فيها بأعمال الحفر التي يقوم بها الاحتلال الصّهيوني تحت المسجد الأقصى ونصّاً آخر بعنوان “القافي” ومنها نقتبس:

حملي من العبق الآتي على كتفي  من موثق الصّحراء بالشّرف

يسري على الدّرب والمغنى يكفكفه  حدّ المحبة بين الماء والصّدف

بدوره، حيّا الشّاعر العُماني أشرف بن حمد العاصمي الشام ببيتين يقول فيهما:

هنا الشآم وهذا عطر من مروا في غفلة ربما فاستيقظ الفجر

هنا الشآم حنين الياسمين صحا  فماس أخيلة واعشوشب العمر

ومن قصيدته “قصاصة على جدار الحمراء” نقتبس:

يروون بالأسحار سفر حنينهم في ليلة ضجّت من الأوراد

غرناطة والرّوح فيك حمامة والظّل منكسر على الأوتاد

ومن الجزائر، وبعد ثلاثة أيّام قضتها ورفاقها على طريق السّفر، وصلت الشّاعرة الجزائرية فاتحة معمري بكامل حبّها وعشقها لدمشق التّاريخ، ومن قصيدتها “قبس من اللهب المقدس” التي ألقتها على مسامع عشّاق الجزائر وشعرها أيضاً نقتبس:

للحبّ في وطني شعور حاضر والآخرون لهم شعور آخر

يا أيّها الوطن المبلل بالهوا أنّى تجفّ وقلب غيرك ماطر

لي في هواك حكاية صوفية للعشق يرويها مريدٌ شاعر

أنا صوتك المبحوح في تسبيحه وردي مقيم في هواك مسافر

“التّناقضات” عنوان إحدى القصائد التي ألقاها الشّاعر الأردني محمد خضير، بينما جاءت الثّانية تحت عنوان “دمشق أوّل الأسماء” ومنها نقتبس:

من فكرة المشتاق جئتك ماشياً  فوق الحنين وفي يدي رسائلي

لأعلّم الأفياء أنك شمسنا  والطّارئات سراج ليلٍ زائل

من أي طين يا دمشق لتنقشي  وجه البقاء على صخور عوازل

يا أوّل الأسماء فيك صحف الأولى  يا أوّل التّاريخ فيك أوائلي

لا شوق يقتل من أحبّ مدينة  لكنّ شوقي يا عتيقة قاتلي

وبالعامّية المصرية ألقى الشّاعر المصري مصطفى مقلد “النّص الأخير” ومقطعاً صغيراً حيّا به أهل الشّام، يقول:

في الشّام حمام الحمى مش زي أي حمام

في الشّام تلاقي السّما بتحابي ع الأحلام

في الشّام بشر أو حجر في الشّام شجر أو زرع

أهلي في مصر الحبيبية بيبلغوكم سلام

ومن ديوانها قيد الطّباعة، اختارت الشّاعرة اللبنانية وداد الأيوبي قصيدة “أنا القضية” لتنثرها على مسامع من بقي حتّى الثّانية الأخيرة من المهرجان، ومنها نقتطف:

أنا القضية ويصرخ غاضباً  كفى استفيقي

وأنا لكثرة ما استفقت خبا بريقي

أقفل نداءك واسترح في خاطري أو ضمّني يوقظك شروقي

هذي الشّراسة لن تدير زمامنا هذا التّنمّر لن يهادنه بروقي

ومن سورية، شارك عدد من الشّعراء قادمين أيضاً من مختلف المحافظات ومتكبدين مثل ضيوفهم مشقة الطّريق، والبداية مع محمد علي الخضور القادم من حمص والذي قدّم نصاً تحدّث فيه عن الموت والحياة ومقاطع صغيرة جاءت تحت عنوان “تجليات جسد” نقتبس منها:

اسكبي أنت في الكؤوس وهاتك ليس في الخمر غير بعض صفاتك

كنت طيناً ومرّ عطرك سهواً ينفخ الرّوح صرت عبداً لذاتك

جسدي ناسك وجسمك محراب تجلّى للخلق في مرآتك

الإلهات كلهنّ إناث والذّكور العبيد من شهواتك

“العنقاء” و”في قبضة الطّين” و”الحرب مرّت من هنا” عناوين القصائد التي ألقاها الشّاعر إبراهيم عباس ياسين ومن الأخيرة ـ التي يتناول فيها مآسي الحرب وآلامها وتبعاتها، لكنّه يؤكّد عجزها وعجز من أشعلها عن قتل الحياة فينا ـ نقتبس:

قمر على أطلال من رحلوا يذيب القلب  قبرة تفت عن فضاءات وتنشد موطنا

الله هذي الأرض كلّ الأرض  مذ خفّت كم ازدحمت وكم ضاقت بنا

وبعيداً عن الحرب، شارك الشّاعر جهاد الأحمدية مقرر جمعية الشّعر في اتّحاد الكتّاب العرب بدمشق بقصيدة عنوانها “مونولوج شطرنجي” وببطاقتين يروي في الأولى عذاباته في معركة الهوى ولا يبتعد في الثّانية عن هذا الدّرب كثيراً فجاءت بعنوان “مفاجأة” ومنها نقتطف:

فاجأتها في مهرجان غرورها  تستعرض الأحلام قبل ظهورها

فتضيف فاصلة وتمحو هامشاً  تطمن الرّغبات بين سطورها

في حين أكدت الشاعرة السورية سعاد محمد

“تذكرة إلى القمر” عنوان القصيدة التي شاركت بها الشّاعرة سعاد محمد، نقتطف منها:

ليل لا يبسمل على مشارف أشيائك

مهرج ضرير الطّابع وجد نفسه في مأتم

نجوم تستعجل الليل لتموت

أوّل نجمة تتفتح على شفاه السّماء

دعائي لك

وآخر اللواتي ينفضهن الليل عن طربوشه

دعائي عليك

كما قدّمت الشّاعرة مروة حلاوة نصّين، الأوّل بعنوان “زلفى إلى النّفس” والثّاني بعنوان “ما تبقّى من أثر الياسمين” ومنه نقتبس:

عليّ أنا جنيت

وما سواي سيجني من فمي ثمر الخطايا

وبين فمي وأقلامي صراع يسرق قصائدي بين الضحايا

وأمّا ختامنا فمع الشّاعر قحطان بيرقدار والذي تنوّعت قصائده بين الحبّ والشّوق والحياة، فكانت ثلاثاً الأولى بعنوان “أحبكن جميعاً .. هذه حالي” والثّانية “تشريقات أندلسية” والثّالثة التي نقتبس منها جاءت بعنوان “كلام الصّمت”:

الصّمت ليس بمجدٍ والكلام سدى

والواجدون أضاعوا كلّ ما وجدا

ليس الذي قيل إلّا ظالماً لفمٍ

إن قال قولاً بدا للغابرين صدى