ندوة “خير جليس” تستضيف الكاتب المسرحي جوان جان
خصصت ندوة “خير جليس” التي اعتاد مركز ثقافي كفرسوسة إقامتها شهرياً بإشراف الإعلامي أحمد عساف جلستها الأخيرة للحديث عن النصوص المسرحية للكاتب جوان جان، ومنها “حكاية المولود الجديد” و”وقت مستقطع” ومونودراما “ليلة الوداع”.
نصوص متنوعة
ارتأى مدير الندوة عساف بدايةً الحديث عن مسيرة جان المسرحية مشيراً إلى نصوصه التي قدمها للمسرح القومي وذكر بعضاً منها : “معطف غوغول، نور العيون، مونودراما خطبة لاذعة ضد رجل جالس، هوب هوب”.. وعدد من النصوص المسرحية الموجهة للأطفال مثل: “مغامرة في مدينة المستقبل، دو ري مي أبجد هوز، حيلة العنكبوت” منوهاً عساف كذلك إلى كتب جوان جان العديدة في مجال النقد المسرحي، مبيناً أن جان عضو في لجان تحكيم وتقييم العديد من المهرجانات السورية والعربية.
الانفتاح على الآخر
وأكد ضيف الندوة الإعلامي إدريس مراد أن قسم النقد في المعهد العالي للفنون المسرحية خرَّج منذ تأسيسه عدداً كبيراً من الخريجين، إلا أن قلة قليلة منهم من اشتغلت في مجال الكتابة المسرحية والنقد، ويكاد يكون جوان جان وحيداً في كتابة النصوص المسرحية وخاصة في فترة الحرب، وتوقف في حديثه عن مسيرة جان المسرحية عند موضوع الاقتباس في نصوصه وهو الذي برع فيه، مبيناً أن الاقتباس مجال تثاقفي في جميع المجالات العلمية والأدبية والفنية وهو بمثابة تلاقح ما بين الثقافات والحضارات وتوافقها في إطار الإرث الإنساني المشترك بين جميع الشعوب، مبيناً مراد أن هذه الظاهرة انتقلت للمسرح السوري منذ بداياته واشتدت في الخمسينيات من القرن الماضي، وقد استفاد جان من هذه الظاهرة وعرف كيف يقدمها، فمنذ بداياته انفتح على تجربة الآخر المسرحية للاستعانة بأفكاره وتقنياته من خلال تذويبها واستنباتها في التربة المحلية بما يخدم الواقع المعيشي وبشكل يتلاءم مع ذهنية الجمهور السوري والعربي، فاقتبس من كتّاب روس وأسبان وكولومبيين وبريطانيين وأميركيين نصوصاً إنسانية استطاعت أن تترك أثراً كبيراً على الساحة المسرحية السورية منذ العام 2000 بسبب سويتها الإبداعية العميقة كنص “معطف غوغول” الذي أعده جوان جان بأسلوبه وطريقته السلسة وكأنه كُتب لواقعنا وقدمه المسرح القومي بتوقيع المخرج سلمان صيموعة عام 2000.
نور العيون
كما أشار إدريس مراد إلى مسرحية “نور العيون” اقتباس جان عن نص لكاتب تركي يحمل عنوان “أعمل عملي مغمض العينين” والتي قدمها المسرح القومي عام 2001 بتوقيع المخرج د.عجاج سليم وحققت وقتها نجاحاً كبيراً، وأخرجها بعد سليم كل من سهيل عقلة وعلي عبد الحميد ونورس أبو علي، وبمقارنة النص الأصلي مع نص المسرحية سيكتشف القارئ أن ما فعله جان كان عبارة عن عملية تأليف ثانية لجهده الكبير الذي بذله لتقديم نص سوري بامتياز يتناول فيه عدداً من الأحداث التاريخية السورية في الفترة الواقعة ما بين 1918 و1948: نكبة فلسطين-الاحتلال الفرنسي ومعركة ميسلون واستشهاد يوسف العظمة، ليكون النص بمثابة مرافعة علنية عن الإنسان المقهور والمستضعف، ورأى مراد أن نص مونودراما “خطبة لاذعة ضد رجل جالس” الذي اقتبسه جان عن نص لماركيز وقدمه المسرح القومي بإخراج وتمثيل مها الصالح كان من أجمل العروض التي قُدمت لعدة أسباب، منها أن النص الأصلي هو لشخصية أدبية عالمية (ماركيز) وأن جان أعده بأسلوب أخرجه فيه عن نمطيته التي قد لا تروق لمزاج الجمهور السوري والعربي.
أهم النصوص
وتطرق مراد أيضاً لنصوص أخرى كتبها جان وقدمها المسرح القومي كمسرحية “هوب.. هوب” التي تعاون فيها مع د.عجاج سليم وهي اقتباس عن نص “الجزيرة القرمزية” للروسي ميخائيل بولغاكوف والتي قُدمت عام 2014 وأخرجها ثانية بعد عامين المخرج فايز صبوح، وقد استطاع جان من خلال إعداده الذي وصل حد التأليف أن يقدم عملاً محلياً بامتياز يناقش فيه مشاكلنا الكبيرة والصغيرة، ليتناول في نص آخر من تأليفه حمل عنوان “ليلة الوداع” موضوعة العزلة والوحدة التي تعاني منها المرأة بعد رحيل زوجها وزواج أولادها وابتعادهم عنها ليقدم مونولوجات داخلية لامرأة تعاني من رطوبة العزلة والانقطاع عن العالم الخارجي لتموت وحيدة، وقد أخرجت هذه المونودراما سهير برهوم وجسدتها فيلدا سمور، ولم يخفِ مراد إعجابه الشخصي بنص “الطوفان” تأليف جان أيضاً والذي يعتبره مراد ملحمة كبيرة ومن أهم النصوص التي ألَّفها جان برأيه لأهمية الرسائل التي قدمها وقد كتبه جان وكأنه يقرأ زماننا وهو نص صالح لكل زمان ومكان.
وختم مراد بالتأكيد على أن تجربة جوان جان في الكتابة المسرحية اقتباساً وتأليفاً تجربة فريدة من نوعها لأنه عرف كيف يستفيد ويتفاعل مع النصوص الأجنبية بما يخدم واقعنا السوري والعربي، كما استطاع تأليفاً أن يتطرق لمواضيع مختلفة ومتنوعة تهم الشارع وقريبة من كل شرائح المجتمع، لذلك فإن وجود أمثال جان في الساحة المسرحية وإخلاصه لفن المسرح يسجَّل له في الوقت الذي هجره الكثير من الكتّاب والمخرجين والممثلين.
أمينة عباس