جرعات دعم ولكن..؟
ندرك تماماً حجم العمل المطلوب إنجازه، وندرك أيضاً حجم الصعوبات التي تعترض استكمال تنفيذ المشاريع لجهة عدم توفر السيولة المالية وضعف القوة البشرية والنقص الحاصل في المعدات والآليات والتقنيات الفنية.
ومع ذلك خطت حلب خطوات مقبولة على مستوى إنجاز مجموعة من المشاريع المهمة والحيوية، خاصة بما يتعلق بإعادة تأهيل منظومتي المياه والطاقة الكهربائية، واللتين شهدتا مؤخراً انتظاماً واستقراراً ملحوظين في عملية التغذية وتخفيضاً ملموساً في ساعات التقنين التي وصلت إلى الحدود الدنيا، ما انعكس إيجاباً على الواقع الاقتصادي بشقيه الصناعي والتجاري، والذي يتعافى وينمو تدريجياً مع دخول منشآت وورشات صناعية جديدة دائرة العمل والإنتاج في الآونة الأخيرة.
ولا ننكر أيضاً الجهد الحكومي المتمثل باللجنة الوزارية المشرفة على مشروع إعادة الإعمار بحلب وحرصها الدؤوب على تذليل الصعوبات التي تعترض سير العمل وتحريك الثابت من الخطط والبرامج بجرعات دعم إضافية مع كل زيارة وجولة ميدانية.
وبعيداً عن أية مواربة نجد أن العمل نجح في مكان وفشل في أمكنة عدة، لأسباب منها مبرر والجزء الأكبر منها غير مقنع، وما نخشاه أن يستمر هذا الفشل وتتسع دوائره مع محاولة البعض الاختباء وراء حائط الأزمة والتذرع بمخلفاتها وتداعياتها.
وهنا يحضرنا الحديث مجدداً حول الواقع الخدمي المتردي والمترهل داخل المدينة وفي محيطها وفي الأحياء الشرقية خاصة، كما السؤال يفرض نفسه في -زحمة التبريرات- عن المخطط التنظيمي الجديد للمدينة وإلى أين وصل العمل فيه، يضاف إلى ذلك ما تم إنجازه على مستوى إعادة ترميم وتأهيل المدينة القديمة، وما اتخذ من إجراءات لإزالة التعديات والتشوهات وخطر الأبنية المتصدعة والآيلة للسقوط، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الخطوات المتثاقلة بالنسبة لملف العشوائيات وسوق الهال والكثير من الأعمال والمشاريع المتوقفة والمتعثرة في المدينة والريف على السواء.
ما نود الإشارة إليه هو أن الذراع الخدمي الضابط لحركة العمل وانسيابيته تبدو متعطلة لدرجة الشلل والعجز الكلي، ما يستدعي وعلى عجل إعادة قراءة المشهد الخدمي من منظار آخر وبأسلوب جديد ناضج ومتطور يتواءم مع متطلبات واحتياجات المرحلة الراهنة والمستقبلية، وبالتالي رفع منسوب الشعور والحس بالمسؤولية الوطنية أولاً، ومن ثم اعتماد قواعد جديدة للعمل التنفيذي لجهة المتابعة والإشراف وتفعيل الجانب الرقابي لمجمل الخطط المقررة ونسب الإنجاز والجودة وجداول الإنفاق، وهو ما نضعه برسم مجلسي المحافظة والمدينة للإسراع في تحديد المسؤوليات والأولويات وتنظيم العمل وعلى نحو أكثر كفاءة وفاعلية وإنتاجية.
معن الغادري