“رواية جديدة عن الحرب على سورية ” في ندوة
تبقى الكتابة عن الحرب وثيقة ضرورية للإطلاع على حقائق وخفايا الأمور ولاسيما إن كان ما كتب موجهاً للقارئ غير السوري، وكتاب “رواية جديدة عن الحرب القذرة على سورية” لمؤلفه د.غسان عباس الموجه للجمهور الإسباني خير دليل على هذا، وفي الأمس أقامت الهيئة العامة السورية للكتاب بالتعاون مع مديرية ثقافة دمشق ندوة عن هذا الكتاب في ثقافي أبو رمانة بإدارة د. ثائر زين الدين الذي أكد أن هذا الكتاب على درجة من الأهمية حيث أضاء جوانب مختلفة، وتناول فصول المأساة بكل أبعادها دون أن يغفل عن المؤامرات الخارجية مستعرضاً ذلك بعمق لكي يقدم للقارئ الأجنبي الصورة الحقيقية فالغاية منه هي إنسانية وطنية ونبيلة.
فصول الكتاب
وأشار الباحث هامس زريق إلى أن الكتاب يقع في 290 كلمة توزعت على سبعة فصول وثلاث مقدمات ومؤلفه د. عباس هو خريج كلية الحقوق ويحمل شهادتي الماجستير والدكتوراه في القانون الدولي من مدريد، دخل السلك الدبلوماسي وتدرج في المناصب حتى وصل لسفير جمهورية فنزويلا، مبيناً أن المؤلف ينطلق للحديث عن الحرب على سورية من الموقع الاستراتيجي لهذا البلد ويكشف كيف تم توريط السوريين بهذه الحرب عبر نظرية الحرب اللامتناظرة وباستخدام إرهاب الدولة الإسلامية، موضحاً أن هدف الحرب لم يكن الديمقراطية بل الغزو والعدوان ويستعرض في الفصل الأول من كتابه “صفحات من تاريخ سورية القديم” المستوطنات الأولى في شمال سورية التي كانت منذ فجر التاريخ أرض المعركة، بينما يوضح الفصل الثاني “الإسلام والإسلام السياسي” ابتعاد ممارسات الإسلام السياسي عن مبادئ الدين الإسلامي الحقيقية واستخدامه لأغراض سياسية بعد وفاة النبي “ص” كما ركز فيه على الإسلام الأميركي، ويتابع د. عباس في الفصل الثالث المعنون بـ”الرمال المتحركة في الشرق الأوسط في القرنين 19 و20″ استعراض التاريخ الأحدث للمنطقة العربية وسورية، ويوضح في الفصل الرابع “الربيع العربي والفوضى الخلاقة” أن ما حدث مجرد مخطط غربي للسيطرة على الشرق مستشهدا بالأدلة والوثائق، وأما الفصل الخامس “إستراتيجية استخدام المجموعات الإرهابية” فيتحدث عن أصل ومنشأ داعش ومشروع الخلافة الأصولي، وينتقل في الفصل السادس “الثورة السورية المزعومة” للتركيز على العوامل الإقليمية والدولية والدعم الخارجي للثورة، ويوثق في الفصل السابع “خطوات نحو إنهاء النزاع في سورية” قرارات مجلس الأمن التي تتعلق بمكافحة الإرهاب، وفي الختام ينتقل للحديث عن مجموعة الاستنتاجات عن الحرب السورية وأن سورية في طريقها للانتصار.
سردية سورية
من جانبه أوضح د. عقيل محفوض أن الكتابة عن الحرب باب يحتمل كلاماً كثيراً ويتطلب مختلف أنماط التفكير والتدقيق والنقد والتحليل والنقاش، ونحن أمام إسهام على درجة كبيرة من الأهمية في موضوع شغل العالم خلال عدة سنوات ومثل صدعاً كبيراً في المدارك والتقديرات، وخاصة لدى السوريين الذين اصطفوا على جانبي الحرب ولم يتفقوا حتى الآن على طبيعة ما جرى ولا أسبابه، وثمة خلافية شديدة حول كل ما يتعلق بالحدث السوري تنسحب على أكثر أنماط القراءة والتقدير وكل أنماط الكتابة والمعلومات والصور والتاريخ، وليس من السهل أن يقع القارئ على قراءات وتقديرات موضوعية، لذا يمثل هذا الكتاب فرصة نادرة للنظر والتلقي وتقصي سردية عن مداخل الحرب جاءت من كاتب ودبلوماسي سوري وهي مقدمة ومخصصة للقارئ “غير السوري” حيث يتحدث السوريون كثيراً عن الحرب ولكنهم لم يكتبوا أو يؤرخوا، ويمكن القول: إن أكثر ما صدر عن الحرب جاء من مصادر غير سورية وتمثل سياسات غير سورية، فهذا البلد المشرق الجميل لم يقدم أي سردية رسمية أو شبه رسمية لأي من الأحداث الكبرى في تاريخه القريب، تاركاً لخصومه أن يقدموا سردياتهم وهذه مسألة تتطلب التدقيق والتمحيص، لافتاً إلى أن هذه أحدى خصوصيات هذا الكتاب وهو تقديم سردية سورية للمتلقي غير السوري بمهنية واحترافية من خلال جهد كبير لتفكيك ظاهرة الحرب دون إغفال دور الحلفاء.
مساهمة بسيطة
والختام كان مع مؤلف الكتاب د. غسان عباس الذي قال: الكتاب كان موجها للجمهور الإسباني ثم نقلته للعربية وأردت تكثيف وشرح تاريخ سورية واسترسلت بالقسم التاريخي، لأن هذا البلد الجميل الذي أعطى كل ما أعطى لا يستحق أن يعامل بهذه الطريقة وقد أخذ مني جهدا كبيرا وقمت بتوثيقه بمراجع أجنبية للتأكيد على أن هذا الإرهاب الذي نعاني منه اليوم هو جزء من الاستعمار الجديد، والكتاب مساهمة بسيطة لي كدبلوماسي أمثل بلدي ورسالة شكر لكل من ساهم في صمود وبقاء سورية في وجه الحرب العدوانية.
لوردا فوزي