تحقيقاتصحيفة البعث

لضرورة عملها الطرقات الزراعية.. واقع يحتاج إلى معالجة وتنفيذ مؤجل حتى رصد الاعتمادات ! اللازمة

بعد انتهاء موسم الأمطار، وما ألحقته بالتربة من حت وانجرافات وانهيارات، ولاسيما في المناطق الجبلية المرتفعة، تبدو عملية صيانة وتعبيد الطرقات الزراعية، وشق طرق جديدة، غاية في الأهمية، حيث بات عمل الفلاح خلال سنوات طويلة أشبه بالأعمال الشاقة، فحاجة الفلاح ماسة لطريق زراعي يخدمه ويخدم محصوله الذي أنجزه بعرق جبينه، وإنجاز الطريق يوازي تأمين البذار والسماد، وجميع مستلزمات العملية الزراعية الإنتاجية بشقيها النباتي والحيواني، إضافة إلى أنه يساهم في زيادة الإنتاج كماً ونوعاً، وللأسف فإن التوقف عن تنفيذ أية خطة لشق وتعبيد وإكساء الطرق الزراعية على مستوى محافظة طرطوس منذ عام 2011 زاد الأمر سوءاً، فالأمطار والحالة الجوية القاسية التي سادت “خربت” الكثير من الطرق، وألحقت بها أذى كبيراً لدرجة أصبحت غير سالكة، إضافة إلى نمو الأعشاب وبعض الشجيرات على أطرافها، وكونها غير معبّدة أدى إلى تضييقها بشكل واضح!.

محفر ومهمل
الكثير من الأهالي في العديد من القرى أكدوا على أن شبكة الطرق الزراعية غير كافية، وتحتاج إلى صيانة دورية وتعبيد وإكساء، ففي منطقة القدموس، أفاد الأهالي بوجود طريق هام وحيوي يربط قرية نعنو بمشتل الشعرة الزراعي، وبقرية بسقاية والشعرة والجماسة، وهو يختصر مسافة كبيرة للوصول إلى تلك القرى، ومنذ تأسيس الطريق المذكور وحتى تاريخه لم يتم تجديد قميصه الزفتي الذي يتجاوز عشرين عاماً، وهو محفر ومهمل بعد أن جرفت المياه أجزاء منه، كما تسلكه السيارات بصعوبة!.

غير معبّدة
وفي قرية الغنصلة التابعة لناحية عنازة بانياس تم شق طرقات زراعية منذ بداية الثمانينيات عندما تم استصلاح الأراضي الزراعية في القرية من خلال المشروع الأخضر، “هكذا كانت التسمية”، حسب أهالي القرية، ومنذ ذلك الوقت وحتى اليوم لم يتم تعبيد سوى طريق واحد عن طريق مديرية الزراعة لصالح التوسع السكاني، وتخديم المنازل، مشيرين إلى وجود ثلاث طرقات زراعية لم يتم تعبيدها، تم استملاك واحدة منها لصالح مشروع حكومي، واستملاك الأراضي المحيطة بها، وبقي طريق زراعي في أسفل القرية بطول 2 كم وسط بساتين زيتون بحاجة لتعبيد، وطريق آخر في بداية القرية يصل لنبع المشاحير بطول 1,5 كم، كما تم شق طريق ناري منذ عدة أعوام أسفل القرية لم يعبّد بعد!.
صيانة دورية
تحدث عزت أحمد، رئيس الرابطة الفلاحية في منطقة الدريكيش بلسان الفلاحين عن أهمية الطريق الزراعي في يوميات عمل الفلاح كون منطقة الإنتاج جبلية شديدة الانحدار، وما ينطبق على الدريكيش ينسحب على جميع الفلاحين في كامل أنحاء محافظة طرطوس، بدأ أحمد الحديث عن أهمية الإنتاج الزراعي بوصفه داعماً رئيسياً لاقتصادنا، ولاسيما خلال الحرب والحصار، وأفاد عن وجود نوعين من الطرق الزراعية، أحدها منفذ وغير معبّد، وطرقات يجب أن توضع في الخطة من أجل الشق والتعبيد، مشيراً إلى أن 60-70% من الطرقات منفذة بطريقة العمل الشعبي من قبل الفلاحين على مستوى المنطقة، ولكن بفعل العوامل الجوية سنوياً، ولاسيما في فصل الشتاء، تحتاج إلى صيانة دورية بسبب الانهيارات والانزلاقات التي تحدث على جوانب الطرق، لافتاً إلى ضرورة صيانتها لحمايتها من التعديات من بعض ضعاف النفوس، ولاستثمارها في الوقت المناسب من قبل الفلاح، وذلك بخدمة أرضه، ونقل الإنتاج ومستلزماته من وإلى الأرض، ومن خلال الطريق بإمكان الفلاح أن يبني غرفة أو عقاراً، أو أن يركب خزان ماء بأرضه، ويمد كهرباء، إضافة إلى تحسين وزيادة الإنتاج كماً ونوعاً.

غير كافية
وانطلاقاً من أهمية الطريق الزراعي للفلاح عده أحمد بمثابة السماد للتربة، مؤكداً على ضرورة التوسع في شق الطرقات الزراعية من خلال وضع خطط تشمل كامل قطاع المنطقة لتسهيل عملية تصريف الإنتاج خدمة للإنتاج الزراعي، فما الفائدة، عندي إنتاج، لكن ليس لدي طريق!.. وعدم وجود طريق يجعل الفلاح يهمل أرضه، والطرقات الموجودة حالياً غير كافية، مطالباً بإعادة تنفيذ الطرقات الزراعية لوزارة الزراعة، فالخدمات الفنية لديها ضغط وعبء أكبر، وبالتالي تكون نسبة تنفيذها لتلك الطرق أقل، مشيراً إلى أنه مطلب قديم جديد.

أعمال شاقة
ويبقى شق وتعبيد طريق زراعي حلماً عند المزارعين، برأي رئيس الرابطة، منوّهاً إلى عدم قيام الجهات المعنية بأية عملية شق وتعبيد منذ بداية الحرب على وطننا، علماً أن الأعمال الزراعية حالياً بمثابة الأعمال الشاقة بسبب عدم توفر أساس لخدمة الأرض “الطريق”، وبسبب تفتيت الملكية عند بعض الفلاحين، فالفلاح الذي لا يتجاوز عقاره 200 متر أو حتى 500 لا يضحي بمساحة من أجل طريق، مبيّناً أن للطريق مهمتين أساسيتين أولاً لخدمة الأرض، وثانياً لزيادة التوسع السكاني، إضافة إلى تحسين قيمة العقارات الزراعية بجانب الطريق الزراعي، الأمر الذي يعود بالفائدة على الفلاح.
فائدة مزدوجة
وبدوره أشار المهندس حسام حسين، رئيس قسم الطرق بمديرية الخدمات الفنية بطرطوس، إلى أهمية وجود طريق زراعي، فهو إضافة إلى أنه يخدم الفلاح في عمله، كذلك له جانب خدمي يفتح مجال العمران، مبيّناً وجود كم هائل من الطرقات الزراعية القابلة للتعبيد، وبرأيه فإن موضوع التعبيد أهم من شق الطريق، وهو موضوع ضاغط وأساسي كوننا أبناء ريف، وعزا حسين الأسباب التي أدت إلى إيقاف تعبيد وإكساء الطرق الزراعية إلى قرار رئاسة مجلس الوزراء عام 2011 القاضي بإيقاف التعاقد على تنفيذ المشاريع، واقتصار العمل على المشاريع التي تزيد نسبة التنفيذ فيها على 60%، إضافة إلى ارتفاع أسعار جميع المواد، بحيث أصبحت الاعتمادات المالية المرصودة سنوياً، “بالرغم من محدوديتها”، غير كافية لإنجاز خطط على مستوى المحافظة.

تخفيض الاعتمادات
وأشار المهندس حسين إلى أنه سابقاً “قبل عام 2011″ كان يتم التعاقد على متر مكعب من المجبول الاسفلتي بأقل من 2500 ليرة سورية، بينما حالياً يبلغ سعر المتر المكعب ما يقارب 45 ألف ليرة، لافتاً إلى أن كلفة 1 كم من تعبيد الطريق المشقوق سابقاً بالعرض النظامي/6/ أمتار تبلغ حوالي 25 مليون ليرة، وبهذا فإن البدء بخطة تعبيد الطرقات الزراعية مرهون برصد الاعتمادات المالية التي تتراوح بين 750 مليون ليرة إلى حوالي مليار ليرة، مبيّناً أن اعتمادات هذا العام ” المتواضعة” تم تخفيضها 26%.
معالجة محدودة
ومن اللافت أن ما شهدته المحافظة من موسم حمل أمطاراً غزيرة، وحالة جوية صعبة من رياح، وسقوط حبات البرد، أثر في الطرق الزراعية من حت وازدياد عمق الحفر فيها، وهنا يؤكد حسين على أن الأمطار ألحقت أذى بالطريق، وزادت التخريب الذي هو بالأساس موجود، وإمكانية المعالجة محدودة وتقتصر على تسليك المناطق المقطوعة حصراً، حيث نستخدم حالياً، والكلام لحسين، عند توفر الإمكانية جزءاً من المجبول المتاح لصيانة الطرق الرئيسية، وصيانة المواقع المقطوعة عند وجود ورشة صيانة الطرق العامة في الموقع، وبيّن أن أكثر الطرقات التي تعرّضت للعواصف المطرية التي أصابت المحافظة في شهر أيار العام الماضي هي طرقات القدموس، وبانياس، والدريكيش، حيث تم رصد اعتمادات مالية لأغلبهم، وهي قيد التنفيذ، مشيراً إلى تضرر أغلب الطرق الزراعية على امتداد المحافظة نتيجة الموسم المطري هذا العام، ولغياب خطط الإكساء للطرق بنوعيها المحلي والزراعي.
وحول خطة الخدمات الفنية لهذا العام، أوضح رئيس قسم الطرق عدم وجود خطة بسبب تخفيض الاعتماد المرصود 26%، وتخفيض نسبة المحروقات 50%، الأمر الذي أثر على إنتاجية العمل، مشيراً إلى أن اعتمادات الخدمات لهذا العام للطرق الزراعية فقط بلغت 37 مليون ليرة قبل التخفيض.
دارين حسن