تحقيقاتصحيفة البعث

ارتباطات “الفكر القيادي”!

سلسلة طويلة لا تنتهي من المشروعات والإجراءات التي تجتهد وزارة التنمية الإدارية في إنجازها لكي يتم تقديمها كمنظومة متكاملة لهيكلية إدارية جديدة ضمن خطوات مشروع الإصلاح الإداري، وبعيداً عن صيغة الحكم المطلق بالنجاح أو الفشل، لابد من التأكيد على أنه لم تغب حالة الإقرار بحجم العمل الكبير الذي تتحمّل أعباءه وزارة التنمية الإدارية التي لا تتوانى في الحديث والكلام والتأكيد على معالجتها العديد من الملفات الموضوعة على طاولتها التي مازالت تعيش تحت وطأة استمرار تراجع الواقع الإداري المؤسساتي ضمن سيناريو التخلي عن تحقيق أي تقدم على جبهة تحسين الأداء الوظيفي الذي باغتته عشرات أو مئات الدورات الفاقدة للفاعلية “العملياتية”، والنتائج الفعلية على صعيد التغيير، وخاصة في مسار (الفكر القيادي)، وفك ارتباط المنصب بالمكاسب، والاستمراء بامتيازات العمل الوظيفي، وهنا نؤكد على اهتمام الوزارة بإحياء قرارات قديمة ومتداولة بين الناس، وفي جميع الأوساط الرسمية، وذلك من خلال تغيير التسميات وإقحامها في مجلدات من المشروعات التي أقل ما يمكن القول فيها إنها خلبية وساقطة في هاوية التنظير بأوراقها وملفاتها المتراكمة في أدراج الروتين، ومنها قانون الكشف عن الملاءمة المالية (الكسب غير المشروع) الذي يشكّل الحاضنة الأساسية لسؤال قديم: (من أين لك هذا؟!).

وما يدعو للقلق أكثر على خطوات الإصلاح الإداري أنه في أجواء الترقب والانتظار للإجراءات والقرارات التي ستتخذ في القريب لتحقيق  الإصلاح الإداري في الوزارات والمؤسسات، تطل التصريحات الصادرة من وزارة التنمية الإدارية لتضع العديد من المشروعات التي طال العمل بها في خانة قيد الدراسة وبشكل ينبىء بالحراك الإداري  المتباطىء، وذلك الشلل الذي أصاب الكثير من الإجراءات الساعية إلى استثمار الطاقات والإمكانيات الموجودة في مؤسساتنا، وهذا يعد فشلاً في تحديد الأولويات، وعدم القدرة على تجاوز خط البداية في برنامج عمل وزارة التنمية الإدارية، وضعف تجربتها  وقدرتها على قراءة الواقع، وتحديد مكامن القوة والضعف، ووضع الأمور في سياقها الطبيعي، وصولاً إلى الواقع الإداري  المطلوب في هذه المرحلة الدقيقة والمصيرية.

طبعاً ليس المقصود هنا التقليل من أهمية ما يتم، أو تشويه الصورة وملاحقة الوزارة بلعنة الفشل، بل التذكير بضرورة التطبيق السريع للمشروعات، والإسراع بإقرارها لتكون شاهداً على مرحلة التغيير والإصلاح الإداري بكل ما تعنيه الكلمة، وتحديداً فيما يخص الفكر القيادي في المؤسسات العامة، وندرك تماماً أهمية الاستفادة من التجارب والقرارات السابقة، ولكن من المعيب أن يكون النهج الذي يتم العمل به في النقل والنسخ والتقديم بمستوى: (الي ما الو قديم ما الو جديد)!.

 

بشير فرزان