اقتصادزواياصحيفة البعث

“التَّقْزيم والعَمْلَقة” لمؤسسات “العام”..؟!

لا يصُح إلاَّ الصحيح، فعلى الرغم من الأعوام العديدة التي سُلب فيها دورها، وبالتالي أن تكون كما كان منصوص عليه في مرسوم إحداثها، ها هي المؤسّسة العامة للتجارة الخارجية، يُعاد لها اعتبارها، وهذه المرة من بوابة الوزارة التابعة لها (مقترح وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية المفاجئ في توقيته..!)، تحت عنوان عريض “ضرورة استعادتها لدورها، كذراع تدخل إيجابي” في السوق المحلية، من خلال قيامها بتأمين المواد والسلع الأساسية بأقل الكلف والأسعار.

تاريخ 26-7-2019، بقدر ما يشفي غليل قطاعنا الاقتصادي العام، هو في الوقت عينه، تاريخ إدانة لكل من ساهم في تهميش المؤسسة وتحييدها عما وُجدت من أجله، كما أنه اعتراف بالخطأ الفادح الذي ارتُكب بحقها، وبحق قطاعنا العام والمواطن السوري، حتى وإن لم يجرؤ أحد على إعلان هذا جهاراً..

ولعلّ مقولة “أن تصل متأخراً خير من ألاَّ تصل أبداً”، لا تنفع هنا، إن حاول بعضهم التبرير –إن لم نقل شيئاً آخر-  للعودة “الأحمدية”؛ ونقصد كي لا نُفهم غلطاً، “عُدنا والعودُ أحمدُ”.

أن تكون العودة كما يشتهي قطاعنا العام واقتصاده، وكذلك سوقنا المحلية، والمنافسة ومنع الاحتكار، وبالخاتمة المواطن السوري، الذي ينتظر خفض الأسعار على أحرّ مما تبقى في جيبه من دخل شهري، والذي كانت الحكومة وعدته بآليات جديدة لتحقيق هذا التخفيض، بعد أن أعيتها الحلول، فلا بأس أن تلجأ الآن إلى قديمها، فتجعله جديداً، ولا ندري إن كانت أقدمت على هذا، تحت ضغط الضرورة فعلاً، أم بعد أن اكتفى الذي “ضرب من ضرب وهرب من هرب”؟!.

“عملاق تجاري” هكذا وَعَدَ المدير العام أن تكون عليه مؤسسته، ووعده ليس من فراغ، إنما مستند إلى وعد حكومي، يقضي بتأمين الدعم لسيولتها، وتأمين الكوادر ذات النوعية المتخصّصة عالية المستوى، وفوقهما نظام حوافز جديد يراعي متطلبات المرحلة المأمولة، لـ”تحفيز” العاملين فيها.

أما الأهم -وهنا العقدة- فهو التنسيق بين المؤسسة بـ”ثوبها الوردي”، وبين الجهات العامة الأخرى ذات الصلة، لحلّ كل المشكلات بأسرع وقت ممكن، توفيراً للوقت والتكاليف، لتكون في حدودها الدنيا..

كلام ولا أجمل، ندعو له بالتنفيذ الآمن والسليم والشفاف، لنصل جميعاً للخواتيم السعيدة، دون أي منغصات ومنغصين (فساد وفاسدين)، فالتجارب السابقة التي رصدناها إعلامياً في المؤسسة وأُحيلت للرقابة والتفتيش وأُدينت، تجعلنا “متشائلين”!.

وما يجعلنا متوجسين الآن، تصريح أحد أعضاء مجلس إدارة المؤسسة، بعد اجتماع رسم ملامح عمل المؤسسة في التاريخ أعلاه، واعترافه صراحة: “أن دور المجلس في رسم السياسات والاستراتيجيات المستقبلية كان معطلاً بشكل أو بآخر..”!، واعترافه تلميحاً بأن هذا الدور الرئيسي والحقيقي للمجلس “لم يأخذ حيّزه الحقيقي من الاجتماع”؟!، ما يعني أن هناك من لا يريد وضع النقاط الصريحة على الأحرف الصحيحة، ويفضّل ترك الباب موارباً لغاية في النفس!!.

إعادة المؤسّسة لسابق عهدها وفعلها، يؤكد مجدداً أن القطاع العام خلال الأزمة، من أهم الأركان الاقتصادية للدولة، ولولاه لكانت –مثلاً لا حصراً- ليرتنا الوطنية في خبر كان!.

وعليه فليتسع صدر حكومتنا، لأن غايتنا ليس التشكيك بموافقتها على إعادة أهم المؤسسات لدورها الذي غُيّب بفعل فاعل، وفعاليتها التي أُجهضت، بل هدفنا –كما خبرنا- التحذير مما كان والاتعاظ به، ولاسيما في ظل أسئلة مشروعة، تبدأ من السؤال الذي لا يوجد له تفسير حتى الآن، وهو: لماذا تمّ مصادرة وتعطيل ذلك الدور، في الزمن الذي كنّا أحوج ما نكون إليه؟!، ولا ينتهي بالسؤال: عن كمّ وحجم الاستنزاف والخسائر وفوات المنفعة، التي لحقت بخزينتنا العامة، جراء ذلك “القطع” لذراع التدخل الإيجابي الاقتصادي للدولة، وإلى أين ذهبت تلك الأموال ولمن؟!.

قسيم دحدل

Qassim1965@gmail.com