التصعيد الأمريكي ضد الصين والمكارثية الجديدة
ترجمة: عناية ناصر
عن موقع غلوبال تايمز 27/7/2019
التغير في طبيعة العلاقات الصينية الأمريكية أزعج العالم، ففي الوقت الذي أصبحت فيه العولمة والتفاعلات التجارية والاجتماعية المفتوحة والحرة الضمان الأساسي للاستقرار والسلام والرخاء العالميين، يعامل الصقور داخل إدارة ترامب الصين باعتبارها كبش فداء للخلافات السياسية والاجتماعية المحلية في الولايات المتحدة. إنهم يحاولون خنق الصين في التجارة والتكنولوجيا بهدف جعلها تتخلف في سباق التكنولوجيا المتقدمة والتنمية. من أجل تحقيق هذا الهدف ، كانت بعض النخب السياسية الأمريكية تتحدث عن الطروحات المعادية للصين. والرسالة المفتوحة الموقعة من 130 من قدامى المحاربين الصقور وكذلك من اليمين المتطرف والتي يحثون فيها إدارة ترامب على مواصلة مسيرتها في مواجهة الصين مثال واضح على ذلك.
لطالما كانت الصين موضوعاً مثيراً للجدل في السياسة الأمريكية، وهذا ليس فقط بسبب أهميتها في استراتيجية الأمن القومي للولايات المتحدة ولكن أيضاً بسبب الصدام الإيديولوجي طويل الأمد. والأهم من ذلك أن سياسات الهوية كانت موجودة منذ زمن طويل في الولايات المتحدة، وهذا يعني أن عدداً كبيراً من مواطني الولايات المتحدة يختارون القيم ويفسرون السياسات بناءً على فهمهم الخاص للسعادة والحرية والحقوق مع التمتع بالحرية والمساواة في الحقوق التي يضمنها الدستور.
ما زالت الولايات المتحدة اليوم تشعر بتفوق قيمها العالمية، لكن ما قامت به بالفعل يعكس شعوبية وقومية وعنصرية. وفي ظل هذه الخلفية، كان الصقور يروجون بلا ضمير لفلسفتهم المعادية للصين، ليس فقط عبر الإدارات الحكومية الأمريكية، ولكن أيضاً في وسائل الإعلام في البلاد مما يخلط بين الصواب والخطأ.
تظهر الرسالة المفتوحة إلى ترامب طرحاً متشدداً، إذ أبدى الذين وقعوا الخطاب في وقت سابق موقفاً عدائياً تجاه بكين. يقول المحامي جوردون جي تشانغ ، أحد الموقعين على الخطاب، الذي كان يعمل في شنغهاي، في كتابه، “انهيار الصين القادم”، الذي نشر في عام 2001 : إن الصين سوف تتفكك بسرعة. ومع ذلك، فإن التطور المزدهر في الصين طيلة هذه السنوات جعل من كتابه مثاراً للسخرية، لكنه لن يتخلى عن قناعاته ولن يتوقف عن تبني “نظرية انهيار الصين”.
لن يغير المتعصبون مثل تشانغ أفكارهم ومعتقداتهم، وهم لا يزالون بارزين في وسائل الإعلام والأخبار وحتى في دوائر صنع السياسات في الولايات المتحدة. ومنهم مايكل بيلسبري، كاتب “ماراتون المائة عام: استراتيجية الصين السرية لتحل محل أمريكا كقوة عظمى عالمية”، بشعبية لدى إدارة ترامب فيما يتعلق بالشؤون الصينية. أما بالنسبة لتشانغ ، فقد كتب في كثير من الأحيان مقالات معادية للصين في مجلة “فوربس” و “ناشونال انترست”.
إن الموقف القوي ضد الصين هو إشارة خطيرة في الدبلوماسية الأمريكية، حيث تظهر الرسالة عقلية الحرب الباردة، بحيث تنظر الولايات المتحدة مرة أخرى إلى الدولة الاشتراكية كعدو، وتقدم طروحات لترامب توصي بتقوية “التحالفات مع ما تسميه الديمقراطيات المتشابهة في التفكير” لهزيمة الصين. إذا تحققت مثل هذه الطروحات المتعصبة، فستكون الهيمنة الأمريكية أكبر مدمرة لنظام الدول، ولكن
إذا كانت السياسة الأمريكية الحالية تجاه الصين تدعو إلى العودة إلى الانقسام الإيديولوجي والهستيريا المناهضة للشيوعية في نوع من المكارثية الجديدة، والتي تشكل صدى للحرب الباردة ، فإنها لن تدمر فقط أربعين عاماً من العلاقات الودية بين بكين وواشنطن، ولكن سيكون لها أيضاً تأثير كارثي على الاستقرار والازدهار العالمي.
توفر الرحلة الصعبة للإصلاح والانفتاح في الصين منذ 41 عاماً للعالم “إجماع بكين” على الخيارات المتنوعة للتنمية. أما إذا عادت السياسة الأمريكية تجاه الصين إلى الخطاب القديم المناهض للشيوعية، فلن يكون هذا محاولة لإعادة الزمن للوراء فحسب ، بل سيكون أيضاً بمثابة عودة لكابوس تعيد فيه المصالح المهيمنة لواشنطن السيطرة على العلاقات الصينية الأمريكية والسياسة العالمية.