زواياصحيفة البعثمحليات

سحب البساط “التعاوني”!

 

لم تضف السنوات الأخيرة أي جديد على قطاع التعاون السكني، بل على استراتيجية الإسكان إن جاز التعبير. ولم تقدم المؤتمرات والاجتماعات التي عقدت بخصوص النهوض به، إلا التطلعات والمطالب المجيرة من عام إلى آخر والتي على ما يبدو ستبقى عالقة داخل التقارير والمذكرات إلى أجل غير قريب؛ فالمعطيات تشير إلى أن بوصلة العمل مازالت بعيدة عن سمت الحلول والمعالجات الفعلية لتحديات ومشكلات هذا القطاع، الذي أضافت الأزمة الحالية الكثير من التعقيدات على بنيته التنظيمية والقانونية وعرقلة المحاولات الهادفة لإصلاحه وإعادته إلى مساره الصحيح.
ولاشك أن التحديات الحالية وفداحة الخسائر واختلاف الظروف وتفاقم الحاجة للسكن وتصاعد الأسعار يضع الجهات المعنية التي تطرح المزيد من الشعارات في امتحان صعب، إلى أن يتم تقديم أوراق اعتماده في مرحلة إعادة الإعمار بشكل صحيح، والغريب أنه إلى الآن لم يتم تقديم رؤية حكومية واضحة لتأمين مساكن للمواطنين بأسعار مناسبة لدخلهم، ومازالت قضية رفع القروض السكنية في المصارف معلقة على مشاجب الظرف الاقتصادي والعجز المالي، كما لم تتخذ بعد قرارات جريئة لحل ومعالجة كافة المشكلات المتراكمة سواء في السكن الشبابي أو الاجتماعي، وهذا ما يدعو إلى التساؤل عن مدى الجدية في هذا الطرح، وعن مقومات النجاح التي تمتلكها وزارة الإسكان والأشغال العامة لتنفيذ خطتها الإسكانية المدرجة تحت شعار “بيت لكل أسرة”.
ومنذ يومين دعت رئاسة الوزراء شركات التطوير العقاري إلى المساهمة مع الحكومة في الخطط القريبة والمتوسطة والبعيدة لإعادة الإعمار، وذلك عبر تشاركية تحقق البعد التنموي لتكون هذه الشركات لاعباً رئيسياً في سوق العقارات خلال المرحلة القادمة، وهنا نذكر الجهات المعنية بأن الشراكة تقوم على مبدأ التكافؤ بين الشريكين.. فهل القطاع الإسكاني بكل تسمياته التعاونية والاجتماعية وحتى الوظيفية جاهز لمثل هذا العمل وفق قوانين إحداثه وإمكاناته، أم أن القضية مجرد شعارات جديدة ومحاولة لسحب البساط التعاوني وتجريد أصحاب المصلحة من هذا القطاع من أحلامهم في اقتناء المسكن المناسب وبأسعار تراعي إمكاناتهم المادية.
ولاشك أن ما حدث ويحدث في القطاع السكني سواء خلال المراحل السابقة أو حتى الآن، يؤكد عدم الحاجة للمزيد من الشعارات، بل إلى قرارات جادة ومتابعة تنفيذية، وعدم الانجرار وراء الأحلام، وهذا الكلام لا يعني إدارة الظهر لما تحقق وأنجز في عقود، بل يمثل مطلب كل عائلة سورية تلاحق حلمها في امتلاك منزل ضمن إمكاناتها المحدودة التي لا تكفي لشراء أمتار معدودة حتى في العشوائيات.
والسؤال الأكثر إلحاحاً.. هل سيكون للمواطن السوري منزل في المدن التي تقام اليوم عبر الاستثمار، فهناك الغراند تاون ومشروع ماروتا ستي وغيرها من المشاريع التي تدرج في الخطة الإسكانية، أم سيبقى حلم المواطن في خانة الشعارات فقط.؟
وبالعودة إلى التعاون السكني الذي سيعقد مجلسه السنوي اليوم لابد من التأكيد على حقيقة أن كثرة المتاجرين في سوق التعاون السكني رفعت من حماوة المنافسة على الاكتتاب في بعض المشاريع التي تحقق أرباحاً بعشرات الملايين وبفترة قصيرة خاصة مع وجود مئات الآلاف من الأعضاء التعاونيين المكتتبين الذين ساهم بعضهم في حرف هذا القطاع عن مساره التعاوني وعن الشريحة التي يستهدفها، فمثلاً سعر المتر في مشاريع الجمعيات السكنية في دمر على سبيل المثال حوالي 1,5 مليون ليرة، وفي بعض الجمعيات الأخرى تخطى 2 مليون ليرة، وهذه الأرقام كافية لإسقاط كلمة التعاوني عن هذا القطاع، والأمر ذاته على المشاريع التي أطلقتها المؤسسة العامة للإسكان ضمن منظومة إسكان أسموها السكن الاجتماعي.!
بشير فرزان