دراساتصحيفة البعث

روسيا والصين تعززان التعاون العسكري

ترجمة: سمر سامي السمارة

عن موقع نيو استرن أوت لوك 4/8/2019

مع تزايد مخاطر عدم الاستقرار العالمي وخطر الإرهاب، تحتاج الدول التي تتمتّع بإمكانات اقتصادية أو سياسية أو عسكرية كبيرة للتفكير في الطريقة التي تساعد في تعزيز الأمن الدولي، ومن المنظور العسكري تعدّ روسيا والصين من أكثر دول العالم تقدماً، كما أنهما تشتركان في حدود تمتد لأكثر من 4200 كيلومتر، ويمكنهما الوصول إلى المحيط الهادئ.

تقع المسؤولية النهائية عن الأمن في معظم أنحاء منطقة أوروبا وآسيا والمحيط الهادئ على عاتق هاتين الدولتين، وقد يكون للتعاون بينهما في مجال الدفاع تأثير كبير على توازن القوى في العالم بأسره. لكن حتى هذا الوقت، لم تصبح روسيا الاتحادية والصين عضوين في تحالف عسكري مشترك رغم أنه كان هناك، إلى جانب التعاون الاقتصادي، تعاون عسكري بين البلدين في السنوات الأخيرة، حيث يقوم البلدان بتبادل التكنولوجيا والمعلومات وتنظيم اجتماعات بين كبار القادة العسكريين وإطلاق تدريبات عسكرية مشتركة.

على سبيل المثال، شاركت القوات العسكرية الصينية في مناورات فوستوك 2018 في منطقة الشرق الأقصى من روسيا الاتحادية وفي المحيط الهادئ أيضاً، ما يعني أن موسكو وبكين تدركان دورهما في المنطقة. إضافة إلى ذلك، وفي الثاني والعشرين من شهر تموز الماضي نشرت البوابة الإلكترونية الرسمية الروسية للمعلومات القانونية أمراً صادراً عن حكومة روسيا، وافق على الاقتراح المقدّم من وزارة الدفاع في روسيا الاتحادية بإجراء مفاوضات، بهدف توقيع اتفاقية تعاون بين وزارة الدفاع الروسية ووزارة الدفاع الوطني لجمهورية الصين الشعبية.

وفي 24 تموز أصدرت بكين كتابها الأبيض حول الدفاع الوطني والذي يحتوي على جزء من العقيدة العسكرية لجمهورية الصين الشعبية التي لم تكن مصنّفة، وقد أصدرت الصين تلك الوثائق بشكل منتظم منذ عام 1998. ويتضمن الكتاب الأبيض تحليلاً للبيئة الإستراتيجية الحالية والأهداف الرئيسية للقوات العسكرية الصينية في المستقبل القريب.

إضافة إلى ذلك تنصّ الوثائق على أن الصين عازمة على تعزيز التعاون العسكري مع روسيا الاتحادية بكل السبل الممكنة، كما سلطت الضوء أيضاً على أهمية هذا التعاون بالنسبة لباقي دول العالم، وستقوم الدولتان بتطوير التعاون بين قواتهما البرية والجوية والبحرية، كما تنصّ الوثائق على عدم الرغبة في استهداف أي بلد ثالث من خلال هذا الجهد التعاوني.

قد يتماشى التعاون العسكري وربما التحالف العسكري بين روسيا والصين في المستقبل مع الأهداف التي حدّدتها حكومتا البلدين. في النهاية، تتشاطر الدول بعض التحديات والأهداف المشتركة. على سبيل المثال، تشترك كلّ من روسيا والصين في مواجهة مع الغرب، ويمكن أن يوفر الاعتماد على شريك قويّ الدعم اللازم خلال النزاعات السياسية، كما ترغب الدولتان في إضعاف تأثير الغرب على منطقة آسيا والمحيط الهادئ.

علاوة على ذلك، يواجه البلدان تحدي الحفاظ على الأمن في آسيا الوسطى، حيث لا يزال خطر الإرهاب مرتفعاً بسبب الوضع الاقتصادي الصعب في هذه المنطقة والحروب المستمرة في أفغانستان والشرق الأوسط، فاستقرار الحدود الجنوبية لروسيا والحدود الغربية للصين، وتنفيذ مبادرة النقل والنهوض الاقتصادي لجمهورية الصين الشعبية -طريق الحرير الجديد- كلها أمور تعتمد على الوضع في بلدان آسيا الوسطى.

وبمجرد مغادرة القوات الغربية منطقة آسيا والمحيط الهادئ، قد ترغب الصين في حلّ نزاعاتها الإقليمية الطويلة مع الهند وبوتان وتايوان وفيتنام والفلبين وكوريا واليابان وغيرها. وقد تعتمد على مساعدة روسيا للقيام بذلك، وعلى روسيا الاتحادية بدورها أن تتوصل إلى اتفاق مع اليابان بشأن سيادة جزر الكوريل. كانت هناك مناقشات مستمرة حول هذا الموضوع في السنوات الأخيرة، وخلال هذه الفترة أصدرت اليابان عدداً من التصريحات وقامت ببعض الإجراءات الاستفزازية، على سبيل المثال، أشارت إلى جزر الكوريل على أنها أراضٍ يابانية في وثائق قمة مجموعة العشرين المنعقدة في أوساكا في حزيران 2019، ونشرت أيضاً خرائط تحتوي على معلومات مطابقة للوثائق. بعد ذلك، قامت روسيا بمناورات بحرية في جنوب الكوريل، ربما كان أحد أهداف التدريبات العسكرية من طراز فوستوك 2018 هو إظهار القوة العسكرية الروسية لخصومها اليابانيين وحلفائهم الغربيين.