اختلافات جذرية تعد بدورة أكثر تنظيماً.. استنفار جماعي لإنجاح معرض دمشق الدولي وجعله بوابة سورية إلى العالم
دمشق – ريم ربيع
“من دمشق إلى العالم” هي الرسالة التي تطلقها دمشق لهذا العام من بوابة معرضها الدولي لتجلب العالم إليها بعد أن أصبح الحديث عن عودة التعافي الاقتصادي وإعادة الإعمار أكثر جدية وإلحاحاً من أي وقت مضى. فبعد أيام قليلة تنطلق فعاليات معرض دمشق الدولي بدورته الـ61 ليمتد من 28آب لـ6 أيلول، متضمناً فعاليات ونشاطات ومعارض واجتماعات وندوات اقتصادية ضمن مساحة لم يسبق لها مثيل في تاريخ المعرض على امتداد 100 ألف متر مربع، بما يبشر أن الإقبال اليوم بات أكبر للمشاركة من قبل شركات سورية وعربية وأجنبية رغم الحصار والعقوبات الاقتصادية التي تضاعفت اليوم عن الأعوام السابقة.
لا يمكن إغفال الاستنفار الواضح غير المسبوق في مختلف القطاعات الحكومية والخاصة، فالتحدي اليوم بات أكبر بعد أن مر المعرض بعامين من التجارب والأخطاء منذ إعادة إطلاقه، إذ كانت الدورة 59 عام 2017 هي الأولى بعد انقطاع دام خمس سنوات، وكان لها رسائل اجتماعية وسياسية وترويجية بعودة الحياة إلى سورية بشكل أساسي طغى على الجانب الاقتصادي إلى حد كبير، تلتها الدورة الـ60 لعام 2018 بما حملته من محاولات أولية لإعادة الانفتاح الاقتصادي بين سورية والعالم نجحت حيناً، إلا أنها تعثرت معظم الأحيان بعراقيل، بعضها تنظيمي وبعضها يتعلق بالجانب الإداري والتشريعي؛ فهناك الكثير من الاتفاقات على هامش المعرض لم ترَ النور بعد لأسباب تتعلق بالروتين والبيروقراطية، أو عدم اكتمال البيئة الاستثمارية، ووضع العصي بالدواليب من قبل البعض أو حتى بسبب العقوبات والحصار الاقتصادي الخانق.
المختلف لهذا العام غياب اتحاد المصدرين الذي كان أحد أهم منظمي الدورات السابقة بعد إلغائه، وبذلك سنشهد تنظيماً جديداً هذا العام، إضافة إلى الوصول لصيغة نهائية لقانون الاستثمار بعد سنوات من الانتظار عله يقدم دفعة تشجيعية للمستثمرين عبر تسهيلات تصفها الحكومة بالكبيرة والمجدية ستغير الخارطة الاستثمارية لسورية، فاليوم رغم التشجيع على استعادة العلاقات التجارية مع دول العالم يبقى الرهان الأكبر على عودة رجال الأعمال السوريين والمستثمرين المغتربين للاستثمار في سورية ضمن بيئة مناسبة تضمن لهم مناخاً استثمارياً ملائماً. واللافت أيضاً في هذه الدورة محاولة اتحادي غرف الصناعة والتجارة تنظيم مشاركتهم بشكل فاعل ضمن قطاع مشترك تحت مسمى “القطاع الخاص”، يكون مشرفاً من جميع النواحي على تنظيم الأجنحة الخاصة به، يضاف إلى ذلك التركيز من خلال التحضيرات على جناح الحرف التي تراجعت بشكل كبير خلال الحرب وتعرضت للتخريب والتدمير وتهجير الحرفيين إلى الخارج، وتحديد جناح خاص بصناعة الحرير.
في المساحة الأكبر للمعرض منذ الخمسينيات حتى الآن والتي تضم 50 جناحاً ثبتت 31 دولة مشاركتها، من ضمنها مؤسسات تحدت حكوماتها المقاطعة لسورية، وكان من اللافت الكشف عن مشاركة خليجية عبر وفدين اقتصاديين رفيعي المستوى؛ أحدهما من الإمارات يضم 40 شخصاً، والآخر من سلطنة عمان يضم 35 شخصاً، إضافة لتوجيه دعوات لـ400 رجل أعمال عربي وأجنبي، فيما تم الكشف عن مشاركة 1500 شركة، أي بزيادة 400 شركة عن العام السابق، وإقامة ثلاثة معارض تخصصية ضمن فعاليات المعرض، وهي (معرض الباسل للإبداع والاختراع والمعرض الزراعي ومعرض المصارف والتأمين).
لا مجال للشك بأن معرض دمشق الدولي شكل لسنوات طوال أحد أهم وأضخم الفعاليات الاقتصادية على مستوى الشرق الأوسط قبل انقطاعه بسبب الحرب؛ لذلك نشهد اليوم كل هذا التركيز لإنجاحه كونه الورقة الأساسية التي يمكن من خلالها جذب المستثمرين والدول لكسر الحصار، والاطلاع على الخارطة الاستثمارية السورية والمشاركة في إعادة الإعمار، خاصة أن المعارض التخصصية التي أقيمت خلال العام الفائت لم تلقَ التجاوب المطلوب لأسباب عدة، أهمها سوء التنظيم؛ لذلك فإن مختلف القطاعات تعلق كامل آمالها على البوابة الأكثر انفتاحاً لتصل بهم من دمشق إلى العالم.