“عناية مشددة”
أن يصل الربط بين “الصناعة والزراعة” إلى مستوى تنفيذي متقدم يجاري ولو بنسب مقنعة الحدود المفروضة والمطلوبة لتحقيق تنمية حقيقية تؤمن السلع الغذائية التي تلبي حاجة المواطنين بالجودة والسعر المناسبين، وتلعب الدور المنوط بها في تحقيق الأمن الغذائي، ففي الثنائية تأسيس لأرضية تكفل توطين عوامل الأمن والأمان الاقتصاديين الذاتيين، على اعتبار أن تطوير قطاع الصناعات الغذائية يعد عنصراً داعماً ومحفزاً لتطوير القطاع الزراعي، وركناً أساسياً في تحقيق الأمن الغذائي والاستقرار الاقتصادي وزيادة الإنتاج المحلي.
لا جديد في تأكيد المؤكد بأن لدى هذا البلد تاريخاً ورصيداً من الإنتاج الزراعي الذي كان لعقود محط حسد من الآخرين الذين لا يمتلكون عناصر التنوع والغنى الزراعي المتكامل الذي يبدأ بالبذرة ولا ينتهي عند حدود المحاصيل، بل للسلسلة امتداد يصل للتصنيع والإنتاج، وصولاً لمنتج يحقق كل القيم الذاتية والمضافة على مبدأ كان محققاً “الأكل مما نزرع واللبس مما نصنع”.
على امتداد سنوات الحرب العجاف ضرب الإرهاب القطاع الزراعي في مقتل، لتضاف إليه “عصة قبر” الظروف المناخية والجوية وعوامل المواسم التي تنام وتغفو على كف عفريت من الأضرار والكوارث البشرية والطبيعية، لتجد الحكومة نفسها أمام تحديات ومسؤوليات جسام تتعلق بإحداث نهضة في قطاع الصناعات الغذائية باعتباره أحد أهم القطاعات الصناعية والتصديرية، ومكوناً رئيسياً من مكونات الاقتصاد الوطني.
والبوابة التي يبقى الرهان عليها من المستوى الأكبر هي المؤسسة العامة للصناعات الغذائية التي وجدت فيها الحكومة مفتاحاً مصيباً لجهة تصويب العمل لتكون المؤسسة العتيدة أداة تنموية حقيقية تؤمن السلع الغذائية التي تلبي حاجة المواطنين بالجودة والسعر المناسب، وتلعب الدور المنوط بها في تحقيق الأمن الغذائي انطلاقاً من التعافي الذي يشهده قطاعا الزراعة والصناعة.
يدرك صانعو القرار وراسمو البرامج والخطط أن واقع الصناعات الغذائية القائمة يتطلب وسائل لتحقيق مستويات عالية من الإنتاجية، وبالتالي مواجهة تحديات الأمن الغذائي. وهذا ما يحتاج للتنسيق مع القطاع الخاص لإنجاز خارطة لتوزع الصناعات الغذائية يتم من خلالها مراعاة الميزات التنافسية لكل محافظة.
يمكن القول إن القفزة الأهم في كل ما يجري على هذا الصعيد هو اعتبار التسويق وظيفة أساسية من مهام إدارة المؤسسة لما له من دور رئيسي في العمليات والسياسات والخطط والبرامج التي يتم وضعها لتطوير عمل المؤسسة، والتعويل هنا على تشكيل فريق متخصص بالتسويق يتميز بالقدرة على إيجاد المنافذ التسويقية اللازمة لإنتاج المؤسسة وفقاً لمعايير الجودة والمواصفات المعتمدة.
فهل ينتهي عهد الإنتاج لأجل الإنتاج، ويدفن زمن التباري في ضخ السلع والمواد في المخازين والمستودعات عرضة للتلف والكساد وعبث الجرذان وعفونة الإدارات المتعاقبة على التقاعس والإهمال.؟
بالعموم ثمة آمال عريضة على نهج -كالذي يحصل- مدعوم بخطة تدريب نوعية للعاملين، ونظام خاص بالحوافز لاستنهاض قدرات القائمين على المؤسسة وتوظيف خبراتهم في معالجة الصعوبات، وابتكار رؤى تطويرية من شأنها الانتقال إلى مرحلة جديدة واستثمار المنشآت والأصول بالشكل الأمثل.
قد تكون “الغذائية” أنموذجاً طالته الرعاية والمتابعة الحالية، لكن هناك مؤسسات أخرى لا تقل شأناً، وعملها يهم في جزء منه القطاع الزراعي وغيره.. لذا “فالكيميائية والهندسية.. وبشركاتها العديدة” تنتظر غرفة العناية المشددة.؟
علي بلال قاسم