دراساتصحيفة البعث

“قمة السبع”.. هل هناك حطام آخر؟

 

ترجمة: لمى عجاج
عن السي بي سي نيوز 23/8/2019
في وقتٍ من الأوقات، وهو ليس بالبعيد، كانت فرنسا المنتدى الذي يلجأ إليه القادة المتنازعون سياسياً والمكان الذي يستطيعون فيه حلّ خلافاتهم والاستمتاع بحرارة الوفاق الدولي، لكن على ما يبدو فإن واقع الحال قد اختلف والصيغة السياسية تبدّلت. فما يحصل اليوم في قمة مجموعة الدول السبع التي عُقدت في بياريتز ينبئنا بالعكس، ولعلّ رئيس وزراء كندا جاستين ترودو هو أكبر دليل على ذلك.

احتضنت مدينة بياريتز المنتجع الفرنسي الساحلي الذي لطالما كان وجهة الطبقات الرفيعة المستوى والشخصيات المهمّة والمشاهير ومقصدهم على مدى قرون أعمال قمة مجموعة الدول السبع، وتعتبر هذه القمة الحدث الرئيسي الأخير قبل الدعوة إلى الانتخابات الفيدرالية المتوقعة، حيث كان ترودو على جدول أعمال هذه القمة على أثر تقرير لمفوض الأخلاقيات اتهم فيه ترودو بانتهاك قانون تضارب المصالح في قضية شركة البناء الكندية “اس ان سي لافالين” المتورّطة بالاحتيال والفساد في ليبيا، غير أن ترودو وجد في هذه القمة فرصة مواتية لقلب الصفحة والتحدث عن أشياء أخرى يستطيع مناقشتها براحةٍ أكثر، فبالنسبة لترودو هذه القمة فرصة مواتية لتلميع أوراق اعتماده، وهو يحاول بجهد أن يُظهر للسكان الكنديين أنه أفضل زعيم لكندا دولياً وخاصةً عندما يتعلق الأمر بدفع بعض الملفات إلى الأمام، لكن هذه المحاولة ارتطمت بتحدٍّ صعب -فقد كان الأمر ممكناً قبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب- الذي انفجر غضباً العام الماضي في نهاية مجموعة السبع في شارليفوا- كيبيك وشنّ هجوماً قاسياً وشخصياً على ترودو عبر وسائل التواصل الاجتماعي بعد أن غادر القمة، كما قام بسحب دعم الولايات المتحدة للبيان الختامي للقمة.
هل يمكن أن نتوقع ما هو أسوأ هذا العام؟! وهل يمكن لهذا الجو المتقلّب أن ينعكس على ترودو محلياً هذه المرة؟. لا أحد يعلم، غير أن المسؤولين في مكتب رئيس الوزراء قلّلوا من أي احتمال للاحتكاك، وأشاروا إلى أن ترودو وترامب تحدثا عبر الهاتف عدة مرات بعد القمة الماضية وأنهما يحافظان على علاقات بنّاءة، وعلى الرغم من أن المسؤولين الكنديين لم يؤكدوا ذلك إلا أن الأمريكيين أعلنوا أن الزعيمين سيعقدان اجتماعاً ثنائياً على هامش القمة.
يبدو أن الفرنسيين تعلموا من التجربة الكندية ولا يخطّطون لإصدار بيان نهائي من القادة، ولكنهم بدلاً من ذلك مقتنعون بفكرة التركيز على الإنجازات الفردية ريثما يصبحون قادرين على الحصول على اتفاقٍ جماعي في الرأي، غير أن هناك جهداً مبذولاً بين بعض المشاركين في مجموعة السبع لرؤية بعض التقدم فيما يتعلق بالتزامين رئيسيين، هما المساواة بين الجنسين، ومكافحة فقدان التنوع البيولوجي، وهما مبادرتان تقدمت بهما كندا في قمة العام الماضي في شارليفوا- كيبيك، حيث وافقت فرنسا على مساعي كندا لجعل المساواة بين الجنسين والعنف ضد المرأة والتمكين الاقتصادي للمرأة محور تركيز للقمة الحالية، كما اتفق وزراء البيئة في مجموعة السبع على بيان حول التنوع البيولوجي، في حين تمّ جر الولايات المتحدة إلى الموافقة على مضض وذلك وفقاً لمسؤولين من ثلاث دول مختلفة.
إضافة إلى ذلك، لم تغب الحرائق في البرازيل عن القمة باعتبارها مسألة ملحة للنقاش بين القادة على جدول أعمال القمة، فضلاً عن النقاش بشأن هونغ كونغ، كما كانت روسيا أيضاً محوراً رئيسياً للمضيفين الفرنسيين، فوفقاً لمسؤولين في المجتمع الدبلوماسي قام ترامب بتحريك عودة روسيا إلى طاولة مجموعة السبع كما فعل في القمة الماضية، وذلك بعد أن جُمّدت عضويتها في عام 2014!.