بيدرسون يقدّم تقريره.. والإعلام الغربي المضلل يهرع لنجدة التكفيريين الجعفري: محاولات إعادة تدوير التنظيمات الإرهابية لن تثني سورية عن مكافحتها
عقد مجلس الأمن الدولي، أمس، جلسة، قدّم خلالها المبعوث الأممي الخاص إلى سورية غير بيدرسون تقريره حول الوضع في سورية. وفيما أكد مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة، الدكتور بشار الجعفري، أن محاولات الدول الداعمة للتنظيمات الإرهابية لإعادة تدويرها وتقديمها على أنها “معارضة مسلحة معتدلة” لن تثني سورية عن الاستمرار في الدفاع عن مواطنيها وفي مكافحة الإرهاب، شدّد نائب مندوب روسيا لدى الأمم المتحدة، ديمتري بوليانسكي، على أنه “مع كل تقدّم للجيش السوري في محاربة الإرهاب يشن البعض حملات إعلامية مضللة خدمة للتنظيمات الإرهابية”.
يأتي ذلك، فيما أعلن الكرملين أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أطلع في اتصال هاتفي المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل على الوضع في سورية، بما في ذلك خطوات القضاء على التهديدات الإرهابية في منطقة خفض التصعيد في إدلب، فيما أكد عضو لجنة الشؤون الدولية في مجلس الدوما الروسي سيرغي جيليزنياك أن الدعوات التي صدرت عن رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون ورئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان بضرورة وفاء الجانبين الروسي والسوري بالالتزامات الدولية “مفرطة وانتهازية”.
وفي التفاصيل، شدّد مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة، الدكتور بشار الجعفري، على أنه مع كل انتصار تحقّقه سورية على الإرهاب يشن بعض أعضاء مجلس الأمن حملات افتراءات لتشويه هذا الانتصار والتشهير والإساءة لصورة الدولة السورية، وأوضح، خلال جلسة لمجلس الأمن حول الوضع في سورية، أنه بات نهجاً معتمداً لدى بعض المتحدثين أمام هذا المجلس، وعلى غرار ما حدث في 62 اجتماعاً سابقاً، ومع كل انتصار يحققه الجيش العربي السوري في مواجهة قطعان الإرهاب العالمي، شن حملات من الافتراءات، لافتاً إلى أنه اليوم نسمع ادعاءات حول استهداف منشآت صحية وتعليمية وخدمية في إدلب وريفها، وهي مزاعم وادعاءات واهية تشكّل جزءاً لا يتجزأ من الهندسة السياسية للإرهاب المفروض على سورية ظلماً وعدواناً منذ ثمانية أعوام، ومؤكداً أن سلاح الجو السوري والصديق لا يهاجم أهدافاً مدنية بل قواعد ومراكز للإرهابيين حصراً، إلا إذا كان البعض يعتبر قواعد ومراكز الإرهابيين أماكن للعناية بالأطفال ونشر الفكر الإنساني.
وشدّد الجعفري على أن سورية تحلّت بالصبر بشأن انتشار التنظيمات الإرهابية في إدلب، واختارت الحلول السياسية، ومنحتها الوقت اللازم، كما تعاملت دوماً بجدية مع جميع مبادرات التهدئة والتزمت بها حرصاً منها على حياة مواطنيها السوريين، ولقطع دابر المتاجرين بآلامهم ودمائهم على كامل مساحة المشهد السوري، إلا أن هذه التنظيمات وداعميها اختاروا الحل العسكري، من خلال مواصلة استهدافهم المناطق المأهولة بالمدنيين، حيث استشهد المئات وأصيب الآلاف من الأبرياء، وهو الأمر الذي صمت “حملة القلم الإنساني” عنه، ولم يبادروا إلى قول حرف واحد لإدانته داخل هذا المجلس أو خارجه، بل إنهم يتحدثون عن بناء الثقة مع الإرهابيين، ويتجاهلون أن المجموعات الإرهابية، المدعومة غربياً، قتلت أعداداً كبيرة من المخطوفين والرهائن الذين احتجزتهم.
وبيّن الجعفري أن الدولة السورية وحرصاً منها على مواطنيها أعلنت قبل أيام عن فتح ممر إنساني في مدينة صوران لتمكين المدنيين الراغبين بالخروج من مناطق انتشار المجموعات الإرهابية في ريفي حماة الشمالي وإدلب الجنوبي إلى مناطق وجود الجيش العربي السوري، وسيصار إلى تلبية جميع احتياجات هؤلاء المدنيين من المأوى والغذاء والرعاية الصحية، كما وافقت على إرسال مشفى كامل تابع للجنة الدولية للصليب الأحمر إلى مخيم الهول في الحسكة، وأكد رفض سورية ما تضمنه تقرير الأمانة العامة للأمم المتحدة من مزاعم تهدف إلى تشويه صورة الدولة السورية والترويج لاتهامات باطلة لا أساس لها من الصحة حول استهداف الجيش العربي السوري منشآت مدنية في إدلب، وأضاف: “لا يخفى على أحد بأن إدلب باتت تشكّل أكبر مكب نفايات للإرهابيين الأجانب في العالم، وأن تنظيم جبهة النصرة الإرهابي هو المسيطر الوحيد والفعلي على معظم تلك المناطق”.
وأشار الجعفري إلى أن اتفاق أستانا الخاص بإنشاء مناطق خفض التصعيد لا يشمل التنظيمات الإرهابية، التي صنفها مجلس الأمن على أنها كيانات إرهابية، وأن الاتفاق نصّ على جملة التزامات، من بينها إلزام المجموعات المسلحة الموقّعة بالعمل على فك ارتباطها بالتنظيمات الإرهابية، ولا سيما “داعش” و”جبهة النصرة” وكل المجموعات المرتبطة بهما، كما أكد اتفاقا أستانا وسوتشي حق الحكومة السورية وحلفائها في مواجهة التنظيمات الإرهابية بغض النظر عن تسمياتها، وشدد على أن التنظيمات الموجودة في إدلب مثل “جبهة النصرة” و”داعش” و”حركة تركستان الشرقية” و”حراس الدين” و”جيش المهاجرين والأنصار” وغيرها هي تنظيمات إرهابية، ولن تتمكّن حكومات الدول الداعمة لها من إعادة تدويرها لتقديمها على أنها “معارضة سورية مسلحة معتدلة”، ولن تثني هذه المحاولات سورية عن الاستمرار، بدعم من حلفائها، في الدفاع عن مواطنيها وفي مكافحة الإرهاب، لافتاً إلى أن الوقوف إلى جانب سورية اليوم هو المعيار الحقيقي لإثبات مصداقية الحرب على الإرهاب.
وأضاف الجعفري: شاركت مطلع الشهر الجاري في الجولة الثالثة عشرة لاجتماعات أستانا، التي انعقدت في العاصمة الكازاخية نور سلطان، والتي تمخضت عن اعتماد بيان مهم تضمن التأكيد مجدداً على الالتزام القوي بسيادة الجمهورية العربية السورية ووحدة وسلامة أراضيها، واستمرار التعاون حتى القضاء التام على التنظيمات الإرهابية فيها، ورفض الأجندات الانفصالية التي تهدف إلى تقويض سيادة وسلامة الأراضي السورية، وكذلك التمسك بالقرارات الدولية المتعلقة بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للجولان السوري، معرباً عن شكر سورية للضامنين الروسي والإيراني وللدولة المستضيفة كازاخستان على مساهمتهم في إنجاح أعمال هذه الجولة، وتأكيدها على ضرورة عدم المساس بهذا المسار، الذي يحظى بدعم وتوافق واسع، وخاصةً من الشعب السوري، صاحب السلطة الأساسية في تقرير مصيره، وعلى الحيلولة دون تعطيله تحت أي مسمى، وأشار إلى أن ما يدعو إلى الاستهجان هو قيام الولايات المتحدة والنظام التركي، بالتزامن مع انعقاد الجلسة الختامية لاجتماع أستانا ومباشرة بعد صدور البيان الختامي، بخطوة استفزازية أخرى تهدف إلى خلق وقائع جديدة على الأرض في المناطق التي تنتشر فيها قوات هذين البلدين بشكل غير شرعي، وتمثلت تلك الخطوة بإعلان الطرفين عن اتفاق حول إقامة ما تسمى “منطقة آمنة” فوق الأراضي السورية، وهو الاتفاق الذي أعلنت سورية رفضها القاطع والمطلق له باعتباره يشكّل اعتداءً فاضحاً على سيادة ووحدة وسلامة أراضيها، التي أكدت عليها كل قرارات مجلس الأمن المتعلقة بسورية، وانتهاكاً سافراً لمبادئ القانون الدولي وأحكام ميثاق الأمم المتحدة.
وبين الجعفري أن هذا الاتفاق عرى من جديد الشراكة الأمريكية -التركية في العدوان على سورية وكشف بشكل لا لبس فيه حجم التضليل والمراوغة اللذين يحكمان سياسات هذين البلدين، مؤكداً أن هناك واقعاً خطيراً يتمثل بقيام دولتين معاديتين تدعمان الإرهاب في سورية بالتفاوض علناً على المساس بأراض عائدة لدولة ثالثة هي سورية، في الوقت الذي أكد فيه مجلس الأمن في 20 قراراً على الالتزام القوي بسيادة سورية ووحدة وسلامة أراضيها، وتساءل: هل يمكن لكم اطلاعنا على موقف مجلسكم من هذا السلوك العدواني الأمريكي – التركي الهادف إلى تكريس احتلالهما أجزاء من بلادي؟! وهل من مبررات لصمت مجلسكم عن هذا الانتهاك السافر والعلني للقانون الدولي ولميثاق الأمم المتحدة ؟!.
من جانبه، أكد نائب مندوب روسيا لدى الأمم المتحدة ديمتري بوليانسكي أن إدلب هي إحدى بؤر الإرهاب الرئيسية في سورية، حيت يستمر تنظيم جبهة النصرة الإرهابي فيها باستهداف المناطق الآمنة، وأضاف: يجب على كل الجهود الرامية إلى حل الأزمة في سورية ضمان وحدة وسيادة هذا البلد، مشيراً إلى قلق روسيا من الأوضاع في منطقة التنف التي تحتلها الولايات المتحدة وفي مخيم الهول بالحسكة، وتابع: “مع كل تقدم للجيش السوري في محاربة الإرهاب يشن البعض حملات إعلامية مضللة خدمة للتنظيمات الإرهابية”.
وفي موسكو، أعلن الكرملين أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أطلع في اتصال هاتفي المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل على الوضع في سورية، بما في ذلك خطوات القضاء على التهديدات الإرهابية في منطقة خفض التصعيد في إدلب، وأكد الطرفان “أهمية السير في العملية السياسية لحل الأزمة في سورية”.
بدوره قال المتحدّث باسم الحكومة الألمانية شتيفين زايبرت في بيان صحفي: “إن المستشارة الألمانية والرئيس الروسي تبادلا خلال الاتصال الآراء حول الوضع في سورية، وخاصة الخوض في عملية سياسية تحت رعاية الأمم المتحدة لتجاوز الأزمة التي تمر بها.. وعبر الجانبان عن دعمهما لجهود بيدرسون”.
إلى ذلك، أكد عضو لجنة الشؤون الدولية في مجلس الدوما الروسي سيرغي جيليزنياك أن الدعوات التي صدرت عن رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون ورئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان بضرورة وفاء الجانبين الروسي والسوري بالالتزامات الدولية “مفرطة وانتهازية”، وقال: “إن هذه الدعوات تبين مساعي كل من الطرفين إلى تحقيق أهدافهما الخاصة.. فجونسون يسعى لإظهار محاولاته للضغط على روسيا ووقوف لندن مرة أخرى إلى جانب الولايات المتحدة… أما بالنسبة لأردوغان فهو يحاول حشد دعم الغرب له”.
وشدّد جيليزنياك على أنه “يجب التركيز على عملية التفاوض في سورية والتصرف وفقاً لقرارات الأمم المتحدة والقرارات المعتمدة في أستانا وسوتشي.. والجانب الروسي يفي بدقة بكامل الالتزامات التي اتخذها على عاتقه وبالتالي الدعوات الموجهة لنا بالالتزام بالاتفاقيات الدولية مفرطة وانتهازية وتصب الزيت على نار صراع مشتعل وبالتالي تؤكد مرة أخرى عدم اهتمام اللاعبين الرئيسيين في الغرب بتسريع عمليات السلام في المنطقة”.
بالتوازي، عاد مئات المهجرين إلى قراهم وبلداتهم التي حررها الجيش العربي السوري من الإرهاب عبر معابر الدبوسية والزمراني وجديدة يابوس الحدودية مع لبنان، وذلك في إطار الجهود المشتركة التي تبذلها الحكومة السورية بالتعاون مع الجانب اللبناني لإعادة جميع المهجرين إلى أرض الوطن.
وعبر العائدون عن شكرهم للجيش العربي السوري على بطولاته وتضحياته التي أثمرت عن تحرير قراهم وبلداتهم من الإرهاب وأتاح لهم العودة إلى أرضهم ومنازلهم وممارسة حياتهم الطبيعية بعد سنوات من التهجير، مشيرين إلى أن إعادة الخدمات الأساسية إلى مناطقهم شجعتهم على العودة والبدء بممارسة حياتهم الطبيعية. ولفت العائدون إلى رغبة أعداد كبيرة من المهجرين بالعودة إلى قراهم وبلداتهم بعد إعادة الأمن والاستقرار إليها وبانتظار إتمام عودتهم بأسرع وقت ممكن من الأراضي اللبنانية.