رسالة دموية من “طالبان” للموفد الأمريكي
ارتفعت حصيلة ضحايا التفجير الانتحاري الذي وقع قرب منطقة “القرية الخضراء” في العاصمة الأفغانية كابول إلى 16 قتيلاً وعشرات الجرحى، رغم دخول المحادثات بين الإدارة الأميركية وحركة “طالبان” الإرهابية مرحلتها النهائية. وقال المتحدّث باسم وزارة الداخلية الأفغانية، نصرت رحيمي: “إن التفجير الذي نفّذ بجرافة مفخخة في منطقة سكنية بالقرب من القرية الخضراء، التي تضم مجمعاً كبيراً يضم وكالات إغاثة ومنظمات دولية، أوقع 16 قتيلاً، جميعهم من المدنيين، و119 جريحاً”. والقرية الخضراء منفصلة عن المنطقة الخضراء، المحاطة بأسوار عالية، والتي تخضع لحراسة مشدّدة على مدار الساعة، وتضمّ عدة سفارات، بينها السفارتان الأميركية والبريطانية.
وكانت الحصيلة السابقة أشارت إلى مقتل خمسة أشخاص وإصابة خمسين آخرين في الهجوم، الذي تبنّت مسؤوليته حركة “طالبان” الإرهابية، مشيرة، على لسان المتحدّث باسمها “ذبيح الله مجاهد” إلى أنها “شنت هجوماً منسقاً بواسطة انتحاري ومسلحين”.
وهو ثالث هجوم واسع النطاق تشنه طالبان خلال أيام، فقد شنّت هجوماً السبت في محاولة للاستيلاء على مدينة قندوز الاستراتيجية في شمال البلاد، وتلته عملية في مدينة “بول. أي. خمري”، عاصمة ولاية بغلان المجاورة، قبل أن يتمّ طردها منها.
ووقع اعتداء كابول فيما كانت محطة “تولو نيوز” التلفزيونية تذيع مقابلة مع الموفد الأميركي زلماي خليل زاد، الذي قال: إن بلاده ستسحب قواتها من خمس قواعد في هذا البلد إذا التزمت طالبان ببنود اتفاق السلام الذي يجري التفاوض حوله، وأكد أن الولايات المتحدة وافقت على سحب 5000 فرد من قواتها العسكرية خلال 135 يوماً إذا تطوّرت الحالة في البلاد وفقاً لمسودة الاتفاقية، التي تمّ التوصل إليها مع حركة طالبان.
واعتبر المحلل الباكستاني رحيم الله يوسف زاي أن لجوء حركة طالبان إلى أعمال العنف مع التفاوض مع الأميركيين حول السلام في البلاد في الوقت نفسه ليس مفاجئاً، وأضاف: إن “ممارسة الضغط تشكّل جزءاً من استراتيجية حركة طالبان. إنهم مقتنعون بأنه بفضل قوتهم العسكرية والاعتداءات التي يقومون بها، أرغم الأميركيون على التفاوض معهم”، وتابع: “إنه السلاح الذي يملكونه بين أيديهم، وسيواصلون استخدامه إلى أن يحققوا أهدافهم”.
وأثار التفجير الجديد غضب سكان المنطقة المحيطة بالقرية الخضراء، الذين تظاهروا مطالبين برحيل المنظمات الدولية من منطقتهم، وقال أحد المتظاهرين: “نريد أن يغادر هؤلاء الأجانب منطقتنا”، فيما أشعل المتظاهرون النار في إطارات، وأغلقوا الطريق الرئيسي بجانب مكان الهجوم.
بالتوازي، أعلن الممثل الخاص للرئيس الروسي بشأن أفغانستان زامير كابولوف أن روسيا، إلى جانب عدد من الدول، ستكون ضامنة للاتفاق بين الولايات المتحدة وحركة طالبان، وأعرب عن اعتقاد موسكو بأن انسحاب القوات الأمريكية من عدد من المقاطعات في أفغانستان يجب أن يؤدي إلى انخفاض مستوى العنف هناك، مضيفاً: “إذا غادروا سيختفي عامل استفزاز، ووفقاً للمنطق يجب أن يتراجع العنف هناك”، وتابع: “إذا توافقت طالبان مع الأمريكيين، فسوف يتمّ الإعلان عن وقف لإطلاق النار، على الأقل من قبل الأمريكيين والقوات الأجنبية وطالبان، لذا من المنطقي أن ينخفض العنف”.
وكشف أن موسكو ستتعاطى بشكل إيجابي مع تأجيل الانتخابات وتشكيل حكومة انتقالية في أفغانستان في حال التوصل لاتفاق بين الولايات المتحدة وحركة طالبان، مضيفاً: “هناك تلميحات وتسريبات جدية بشأن احتمال تأجيل الانتخابات وتنظيمها لاحقاً بشكل يختلف عن الذي يحدث الآن، وأن الأحزاب تناقش الآن مسألة الحكومة الانتقالية”، وتابع: “ننظر إلى هذا بشكل إيجابي، لأن كل الخطوات التي تؤدي إلى تسوية شاملة في أفغانستان هي خطوات إيجابية”.
من جانبه، لم يستبعد نائب وزير الخارجية الروسي، إيغور مورغولوف، أن تستجيب موسكو لإصرار الولايات المتحدة وطالبان معاً على وجوب أن تكون روسيا حاضرة كضامن بشكل أو بآخر عند التوقيع المحتمل على الاتفاقيات التي يعمل عليها الطرفان حالياً، وقال: “أولاً وقبل كل شيء، علينا أن نفهم متى سيتم التوقيع على هذا الاتفاق، وما هو جوهره؟”.