ثقافةصحيفة البعث

“العطسة” في احتفالية يوم المسرح العالمي في حمص

 

اختتمت احتفالية يوم المسرح العالمي التي أقامها مسرحيو حمص على خشبة مديرية الثقافة بعرض يحمل عنوان “العطسة” إعداد وإخراج زين العابدين طيار عن نصوص للكاتب الروسي تشيخوف. في هذا العرض يسعى المخرج لوضع لمساته المسرحية عبر لوحات كوميدية تهكمية استمدها من ثلاث قصص هي “موت موظف” “مع سبق الاصرار”، والصول بريشيبييف”، ليجعل منها توليفة مسرحية مشهدية محورها حكاية الموظف تشرفياكوف في القصة الأولى، الذي عطس على رأس احد المسؤولين أثناء حضوره عرضا مسرحيا في دار الأوبرا، ومن خلال محاولاته الدؤوبة الاعتذار من المسؤول عما بدر منه يدمج المخرج معها حكاية الصول في القصة الثانية المتقاعد بريشيبييف الذي  يصر على مواصلة عمله في مراقبة الناس والوشاية بهم معتقدا أنه يطبق النظام والقوانين، ويقحم معها أيضا حكاية القروي الصياد في حكاية “مع سبق الاصرار” ذلك الصياد البسيط الذي يتهم بسرقة عزقات سكة الحديد ليجعل منها ثقالة في سنارة صيد السمك.

المعروف عن قصص تشيخوف أنها تشكل إغراء وغواية للمسرحيين والسوريين على وجه التحديد منذ “تقاسيم على العنبر”التي قدمها العراقي جواد الاسدي لصالح المسرح القومي بدمشق، إلى “وفاة موظف”، والدب، لمانويل جيجي، و”كسور” غسان مسعود، وغيرها الكثير جعلت من تشيخوف جزءا من المسرح السوري.فلا غرابة أن يحبو على خطاهم المسرحيون الشباب ويقتدون بهم في اقتحام هذا الفضاء الساحر بغوايته، لكن المخرج طيار في هذه العطسة لم يستسلم لفرادة تشيخوف في مواءمة نصوصه لواقعنا بل سعى للتفرد والاشتغال على النص للخروج بفكرة أكثر تعبيرية ومحاكاة للواقع، وصناعة مشهدية مسرحية باتقان المحترفين عبر التوظيف الدلالي للديكور والإضاءة والمؤثرات الصوتية. فقد جعل من هياكل أحجار النرد أساسا للدلالة المسرحية التي تشي بتحول الإنسان الى مجرد حجر في صندوق الزهر يرمى به كيفما كان،أو ورقة من أوراق اللعب التي تتداولها الأيدي ويبقى الجوكر سيد الورق، هكذا يرى المخرج الحياة في “العطسة” التي لا تحتاج من مواطن كل هذا الإرباك للانشغال بفكرة الاعتذار، فالسماء ايضا تعطس وتروي الأرض مطرا فهي حالة خارج الارادة وهي الفكرة التي أراد العرض قولها من خلال متلازمة الرعد والبرق مع كل عطسة على الخشبة، عرض كثف مايعانيه الانسان في أقل من ساعة كانت كافية لإضفاء جوّ من الإمتاع والتفاعل مع جمهور  متميز بنهمه المسرحي والثقافي على وجه العموم دلت عليه مواظبته بشغف على متابعة كافة عروض الاحتفالية.  قدم العرض ممثلون هواة بسوية محترفين، في لعبة الاشتغال على الشخصيات و”الكركترات”والتماهي مع الجمهور لملامسة ما يمور في داخله من تطلعات يبحث عمن يحثه على البوح بها.

الممثلون في العرض هم:أحمد درويش، يارا رضوان، كرم الصيني، سليمان وقاف، فاخر أبو زهر.

وكان سبق هذا العرض خمسة عروض مسرحية، منها اللص الشريف لفرقة إشبيليا والمخرج فهد الرحمون عن نص داريوفو، “وحب ايه اللي” عرض ارتجالي للمخرج سامر ابو ليلى مع طلاب معهد الثقافة الشعبية في مديرية الثقافة.و”كائنات من ضوء” لفرقة الاتحاد الوطني لطلبة سورية مع المخرج حسين ناصر، و”الجرافة” لفرقة منتدى غسان كنفاني مع المخرج حسين عرب عن نص كمال مرة وتمثيل حسين عرب وبسام حمزة.وكلها عروض مشغولة بجهد واضح ينم عن حالة عشق تجمع بين هؤلاء الشباب والمسرح الذي بات شبه منسي في أماكن كثيرة من هذا العالم لكن جمهوره والمسكون بهم في حمص باقون ما بقيت عقارب الساعة تدور.

آصف ابراهيم