أفكار لدورة نموذجية
ودعت جماهير الكرة في اللاذقية قبل أيام النسخة التاسعة عشرة من دورة الوفاء والولاء الكروية التي نظّمها نادي تشرين، وبعيداً عن استعداد الفرق، وما قدمته من مستويات فنية وبدنية، وما تحققه من خدمة مثالية للمدربين كونها محطة لتقييم أداء اللاعبين، كان العنوان الأبرز للدورة الودية هو الحضور الجماهيري اللافت الذي حوّل الدورة من محطة استعدادية إلى بطولة قائمة بحد ذاتها، حيث شاهدنا منافسة قوية بين الفرق المشاركة نتيجة الشحن الجماهيري لفرقها الذي كان السمة الأبرز، خاصة لفرق اللاذقية: (تشرين، وحطين، وجبلة)، وتحولت مدرجات ملعبي الباسل باللاذقية، والبعث في جبلة إلى ملاعب كروية تنافست بها الجماهير، وأكدت جماهير حطين بالدورة تميزها الواضح، وكان المعدل الوسطي لحضورها يفوق 15 ألف متفرج، في حين خاض تشرين مبارياته أمام ما يقارب 12 ألف متفرج، ما أعطى بعداً جماهيرياً للدورة التي توّجت بمباراة الديربي الودي بين تشرين وحطين، وتابعه ما لا يقل عن 30 ألف متفرج، وهذا ساهم بتأمين دعم مادي للنادي لم يستغل بالشكل الأمثل بتعهيد المباريات بمبالغ زهيدة، بينما جنى المتعهد الملايين.
دورة تشرين، رغم وديتها، باتت أقرب للمهرجان الرياضي الذي يجب استثماره بشكل يستفاد منه تسويقياً، واجتماعياً، وفنياً، إضافة إلى الجانب الرياضي، وعلى إدارة النادي التصدي لتنظيم البطولة بشكل احترافي بعيداً عن العمل دون ضوابط تنظيمية وإدارية، الدورة بما حفلت به من حضور جماهيري لافت لم تستغل بالشكل الأمثل تسويقياً، وكان بالإمكان أفضل مما كان بشكل كبير جداً، حيث خلت من لوحات الإعلانات التجارية وعائداتها التي تقدر بعشرات الملايين، ولو نظرنا إلى الجانب الاجتماعي لوجدنا تقصيراً، حيث زادت الدورة من البعد والجفاء بين جماهير أندية المدينة الواحدة بدل استغلالها إيجابياً لتوطيد العلاقات بينها، وكسر الجليد بينها، وزاد الطين بلة ما حدث في المباراة من تعرّض أحد المشجعين” عبد الحليم حوا” لصاروخ ألعاب نارية أدى لوفاته نتيجة جهل وتعصب أعمى لا يمكن تقدير مخاطره، وكان هذا الحادث أشبه بجرح في الصميم سعى العقلاء لاستغلاله بشكل إيجابي لتلافي الخلافات، وتضميد الجراح بين الجماهير.
دورة الوفاء والولاء الكروية التاسعة عشرة لم تعد مجرد دورة ودية، وعلى القيادة الرياضية في اللاذقية استغلالها بالشكل الأمثل جماهيرياً، واجتماعياً، وفنياً، ورياضياً.