أردوغان يبتز أوروبا بموجات جديدة من المهاجرين
لا يملك رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان المثقل بتراث كبير من دعم الإرهاب وعصابات المافيا في المنطقة والعالم، والخاسر الأكبر في كل أحداث المنطقة، بعد سقوط أوهامه باستعادة “أمجاد الامبراطورية العثمانية” المزعومة، إلا أن يهرب إلى الأمام في محاولة للخروج من مأزقه السياسي، وذلك عبر معاودة لعبة الابتزاز التي استخدمها على مدى السنوات الماضية كلما اشتدت أزماته، وتزايدت الضغوط الاقتصادية والدبلوماسية عليه، موجّهاً تهديدات جديدة لأوروبا بفتح الأبواب أمام المهاجرين ما لم يحصل على رشاوى نقدية مجزية.
أردوغان الذي يتخبّط في مواجهة أزمة اقتصادية كبيرة، في ظل انهيار الليرة التركية والاضطرابات الأمنية والسياسية التي توّجتها الانشقاقات المتتالية في صفوف حزب العدالة والتنمية الحاكم، أثار زوبعة جديدة بعد إعلانه أنه قد يفتح الطريق إلى أوروبا أمام المهاجرين ما لم يتلقَّ دعماً دولياً للتعامل مع المهجّرين السوريين.
لعبة ابتزاز الحلفاء السابقين في أوروبا كانت ومازالت مفضّلة لدى أردوغان، فمشكلة التعامل مع المهجّرين واللاجئين الموجودين على الأراضي التركية تشكّل هاجساً مخيفاً بالنسبة للأوروبيين، الذين يفضّلون تقديم الأموال والتنازلات لرئيس النظام التركي بهدف رشوته ومنعه من فتح الباب أمام آلاف المهاجرين من التوجّه إلى أوروبا.
الخلافات الدبلوماسية التي تفاقمت بين أردوغان والدول الأوروبية خلال السنوات الماضية، على خلفية السياسات القمعية والمتهورة التي يتبعها الأخير، وإصراره على فرض هيمنته على جميع القطاعات داخل تركيا، وإسكات جميع الأصوات المعارضة والناقدة لسياساته، لم تلغ حاجة أوروبا لرئيس النظام التركي فيما يتعلق بملف اللاجئين والمهاجرين، بل فرضت عليها التعامل معه عبر تقديم الأموال والاكتفاء بانتقاده من بعيد.
أوروبا خضعت في عام 2016 لابتزاز أردوغان متجاهلة انتقادات المنظمات الحقوقية، وعقدت معه اتفاقاً بخصوص أزمة المهاجرين، يقضي بإعادتهم إلى تركيا مقابل حصول أنقرة على مليارات الدولارات، إضافة إلى تسهيل حرية التنقل، ومنح تأشيرات دخول للمواطنين الأتراك إلى أوروبا، والإسراع في ملف مفاوضات انضمام أنقرة إلى الاتحاد الأوروبي.
ومنذ ذلك التاريخ يعود أردوغان إلى استغلال الاتفاق كلما أراد الحصول على أموال أو الضغط مقابل مكسب دبلوماسي أو سياسي، وليس تهديده اليوم إلا محاولة مفضوحة منه لجني مكاسب خاصة.
التخبّط الواضح ومحاولات تحويل الأنظار عن الأزمات التي يعاني منها أردوغان في الداخل عبر افتعال الخلافات الدبلوماسية والانقلاب على الأصدقاء المقرّبين، كلها دلائل متزايدة على تصدّع نظامه واقتراب نهايته، فالسم الذي بثه عبر نشر الفوضى والتنظيمات الإرهابية في سورية والمنطقة ينتشر على نحو متسارعٍ في مفاصل نظامه، ويقترب أكثر منه.
ولا شك أن أكثر ما يؤرّق أردوغان هذه الأيام، ويسعى إلى الهروب منه عبر تصديره إلى الخارج، هو التصدّعات والانشقاقات في نظامه بعد إصراره على التفرد بالحكم وانقلابه على أصدقاء الأمس لتصفية الحسابات في ظل معلومات عن نية بعض المستقيلين من حزب العدالة والتنمية الحاكم تأسيس أحزاب منافسة قوية.
وفي هذا الإطار أكدت أرقام صادرة عن رئاسة النيابة العامة التابعة لنظام أردوغان استمرار الاستقالات من حزب العدالة والتنمية على خلفية الصراعات المستمرة بين أردوغان وكل من رئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو ووزير الاقتصاد السابق علي باباجان اللذين يستعدان لتشكيل أحزاب سياسية جديدة خلال الفترة القادمة.
وبيّنت السجلات الأخيرة للنيابة التي تحتفظ بوثائق الأحزاب السياسية انسحاب نحو 790 ألف عضو من حزب العدالة والتنمية منذ مؤتمره الذي انعقد في آب من العام الماضي، وجاءت هذه الاستقالات على خلفية المشكلات التي يعاني منها الحزب.