صنع الفرق
لا يقتصر سوق التطوير العقاري على قطاع التشييد والإنشاءات، بل يتعدى ذلك ليشمل البنى التحتية من طرق ومحطات صرف صحي، وكذلك بناء المدن والمناطق الصناعية أو الحدائق التكنولوجية. وباعتبار أن الحكومة هي أحد أهم ملّاك الأراضي في معظم دول العالم، فإن التطوير لمصلحة أصحاب الدخل المحدود أو المتوسط لا بد معه من الشراكة بين القطاع الخاص والقطاع العام، وهنا تكمن أهمية الاستثمارات العقارية كحافظة للقيمة حيث تعتبر أسعار الفائدة السائدة محفزة للاستثمار في قطاع التطوير العقاري، ومما يعزز نمو هذا القطاع معدلات النمو السكاني وتحسين مستوى المعيشة، وبدون شك لشراكة القطاعين العام والخاص أهمية في إنجاح مشاريع التطوير العقاري.
وقد شهدت سورية خلال العقدين الأخيرين مجموعة من العوامل والمتغيرات التي هيأت أرضية مناسبة للاستثمار في قطاع العقارات. والأبرز في هذا المجال خطة الحكومة التي تدعم مساهمة الشركات الإنشائية في حل جزء من مشكلة السكن وزيادة مشاركة القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي للاقتصاد الوطني، مع تأمين التشريعات التي تجيز لغير السوريين تملك الأراضي والوحدات السكنية والعقارات، في الوقت الذي تشكل عوائد السوريين المغتربين في الخارج الباحثة عن فرص استثمارية أو المتوجهة لهذا القطاع مساهمة مجزية، في ظل توفر وتنوع الموارد الطبيعية التي تختزنها البلاد.
هنا يلعب التمويل دوراً رئيسياً في نجاح هذا القطاع، من خلال مصادر التمويل الفردية (بيع ممتلكات- استخدام المدخرات)، أو التمويل من خلال الأهل أو الأقارب، أو من مصدر التمويل الرئيسي وهو البنوك، مع الإشارة إلى صدور القانون رقم /39/ لعام 2009 القاضي بإحداث هيئة التمويل العقاري التي من شأنها أن تعمل على وضع البيئة التشريعية الناظمة لقطاع التمويل العقاري حيث صدر القانون رقم /15/ لعام 2012 الذي تضمن أسس إحداث شركات التمويل العقاري.
وبما أن العرض هو الذي يخلق الطلب، وعندما يكون هناك طلب آمن كما هي الحال في الشأن العقاري يأتي الخلل عندما لا يقابله جانب عرض مناسب يساهم في تحفيزه؛ لذا حددت الحكومة أن الاستثمار هدف اقتصادي وطني كمحرك دفع وبوصلة لخطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية من خلال تطوير التشريعات اللازمة وتنويع حوافز وضمانات الاستثمار، وإشراك القطاع الخاص في عملية التنمية، وخلق المرونة في سوق العمل والاستمرار بتطوير البنى التحتية اللازمة والمقبولة الكلفة، وإحداث تغيّر في الثقافة الاستثمارية من أجل تعزيز الانفتاح وتبني التغيير.
لقد أكدت الخطط الإسكانية المتعاقبة على توجهات تؤمن بالترويج لدخول الاستثمارات الخاصة في مجالات التشييد والبناء، وهذا ما يحصل مع تقديم المزيد من الإصلاحات لتعزيز المناخ الاستثماري الملائم لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، وتسهيل بيئة الأعمال للقطاع الخاص الوطني.
قد يتوجس البعض من هذه الفورة، ولكن الرد بأن الشراكة والرأسمال الوطنيين هما من يصنعا الفرق، ربما تشكل ضرورة في زمن شح الموارد ومصادر التمويل الحكومية… فهل تفعل هذه البيئة فعلتها ويتحرض المغتربون والمهاجرون لإعادة أموالهم واستثماراتهم؟!
علي بلال قاسم