ثقافةصحيفة البعث

مخطوطات المعري وكتب نادرة بالطباعة الحجرية في معرض الكتاب

 

 

أقيمت الدورةُ الحاديةُ والثلاثون لمعرض الكتاب الدولي في مكتبة الأسد تحت شعار”الكتاب بناء للعقل” والاحتفاء بأبي العلاء المعري الشاعر والفيلسوف الذي عُرف باللزوميات ليكون شخصية المعرض، الذي لم يكن كما عُرف برهين المحبسين وإنما بثلاثة محابس كما قال:
أراني في الثلاثة من سجوني
فلا تسأل عن الخبر النبيث
لفقدي ناظري ولزوم بيتي
وكون النفس في الجسد الخبيث

المعري ودانتي
هو أحمد بن عبد الله بن سليمان التنوخي ولد في معرة النعمان في سورية عام 973م، وتوفي عام 1057م، واعتزل الناس طيلة أربعين عاماً في بيته بعد عودته من بغداد، وقد عرضت مخطوطاته في قسم المخطوطات والكتب النادرة، وتحدثت المسؤولة عن القسم أمينة الحسن عن أهم المخطوطات المعروضة، ابتداءً برسالة الملائكة وهي حوار تخيلي مع الملائكة يجيب بها طلابه وأهل العلم عن مسائل عدة، أهمها المسائل الصرفية، ورسالة الغفران وتعد الرسالة الشقيقة لرسالة الملائكة، ألّفها بعد اعتزاله الناس في بيته وكتب فيها عن تنقل صاحب الشخصية الخيالية “ابن القارح” بين الجنة والنار، ونوّهت إلى أن الشاعر الإيطالي دانتي أخذ من هذه الرسالة ملحمته الكبرى”الكوميديا الإلهية” فكتب فيها عن محبوبته بياترس، وأيضاً المعري كتب فيها عن طريق ابن القارح عن محبوبة امرئ القيس. وشغل سقط الزند حيزاً من المخطوطات، وهو رسالة كتبها في أول حياته قبل اعتزاله تتألف من ثلاثة آلاف بيت، وهو أشهر ما كتبه المعري، إضافة إلى ديوان أبي العلاء المعري والرسالة الإغريقية ورسالة بالأوزان الشعرية.
كما عرضت مجموعة من الكتب النادرة للمرة الأولى المطبوعة في أقدم المطابع التي وجدت في الدول التي طُبعت فيها، مثل مطبعة مصر وبولاق والإسكندرية وغيرها، منها كتاب الدلائل والاعتبار للجاحظ، الحكم والانتظام، سقوط ملاك للامارتين، فصح العربية والشوارد، عزة لبنان لمارون نقاش، مصر وفلسطين يتميز بالغلاف النفيس المزخرف بالذهب، أروع ما يكون بين يدي الساعة للقلوجي مطبوع في طهران، ترتيب زيبا ترتيب لسور القرآن الكريم مطبوع في طهران طبعة حجرية، الآثار العربية في قرطبة وإشبيليا ويتميز كما ذكرت الحسن بلوحات فنية رائعة ونادرة طبع عام 1832. أشباه الألفاظ والنظائر للأنباري المطبوع بالقسطنطينية، وإسعاف المرضى، وتحفة الأصحاب وطرفة الأحباب لمحمد بحرق وديوان الشاب الظريف، في فصح العربية والشوارد.

الطباعة الحجرية
وأشارت الحسن إلى مجموعة كتب طُبعت طباعة حجرية، وبيّنت بأن الطباعة الحجرية لا تختلف عن المخطوطات فالمفهرس إذا لم يكن حاذقاً يقع بالخطأ، وكانوا يأتون بألواح حجرية مصنوعة من الحجر الجيري، وهو حجر خاص بها إضافة إلى ورق خاص أيضاً وحبر خاص يكتبون به ويضعونه بين نشاشتين مبتلتين- أي شاشتين- ويضغطون عليه مراراً حتى ينضغط الكلام ثم يأتون بمكبس بحرارة عالية فيضعون الأحجار الحجرية عليه ثم يضعون مادة الصبغ نوع من الحبر، يبللونها بقماش مبلل فوق المكبس حتى يبرد، فيتكون مزيج من الحار والبارد ثم يلصقون الأوراق المبللة بالحامض حتى تتابع العملية بالطباعة.

الخط العربي ودمشق
ولم يقتصر قسم المخطوطات على المخطوطات والكتب، وإنما عرضت مجموعة لوحات تشكيلية للخط العربي منها لوحة د. محمد غنوم، وأكسم طلاع، وبعضها دمج بين الأشكال الهندسية والحرف العربي للفنان حسان أبو عياش ومعد أورفلي الذي اعتمد على مربعات تضمنت كلمات رُسمت بالخط العربي. وفي منحى آخر تألقت الجدران بلوحات مستمدة من روح دمشق القديمة، منها لوحة الفنانة سوسن الزعبي المتسمة بتقنية الكولاج.
من سجون الاحتلال
وتميز المعرض في دورته الحالية بتخصيص جناح خاص للأمانة العامة لاتحاد الكتّاب والصحفيين الفلسطينيين ولأول مرة حفل المعرض بأدب السجون وهو نتاج الحركة الوطنية الأسيرة بكتب الأسرى في السجون الصهيونية، فعرضت كتبهم التي هُربت وطُبعت خارج السجون كما بيّن المسؤول عن الجناح الأسير المحرر علي محمد، أنهم تمكنوا من الحصول على مئة عنوان للكتّاب الأسرى الذين مازالوا بالسجون أو الذين تحرروا، بغية تعريف الزائرين بنتاجهم بشتى المجالات على صعيد الرواية والقصة والشعر والمسرح والدراسات، ومن خلال أعمالهم قدموا تجربة الأسير وتاريخ حركة الأسرى التي هي جزء من المقاومة حتى في الحب، فتضمن رواية حكاية سر الزيت للأسير وليد دقة الذي مازال بالسجون منذ ستة وثلاثين عاماً، وصالح أبو لبن” أربعون يوماً على الرصيف” وبشائر للكاتب كميل أبو حنيش وله أيضاً رواية كبسولة، ومن الأسرى المحررين بشير الخيري رواية خفقات الذاكرة، إضافة إلى الأعمال الشعرية الكاملة للشاعر محمد أبو لبن، وتوجد كتب لعصمت منصور وعيسى قراقر وتحسين الحلبي وسامر المحروم. وأضافت: من خلال هذه المشاركة الرمزية نطمح لمشاركات أكبر ونسعى للتواصل مع بعض الجهات في سورية لطباعة نسخ من الكتب، لأننا نعرض نسخة واحدة من كل الكتب التي تمكنّا من إحضارها.
ملده شويكاني