عروة العربي مزق الأقنعة في “طمّيمة”
لم يأتِ النجاح الذي تحققه مسرحية “طميمة” تأليف شادي كيوان، دراماتورغ كفاح الخوص، إخراج عروة العربي التي تعرض على خشبة مسرح القباني إلا تتويجاً لسلسلة من الأعمال التي سبق وأن قدمها العربي ونالت إعجاب الجمهور: “هاملت، منحنى خطر، عن الحب وأشياء أخرى، مدينة في ثلاثة فصول”.. وغيرها.. من هنا كان من الطبيعي لمتابعي المسرح انتظار عرض مسرحيته الجديدة التي استطاع فيها أن يجمع أسماء مسرحية خبرها الجمهور جيداً ليكون السؤال كيف ستكون توليفة ما يحضر له وبأي شكل، فكان انتظاراً على أحر من الجمر لمخرج أصبح المسرح هاجسه، خاصة وأن عرضه المسرحي قبل الأخير “صخب” ما زال يحفر في ذاكرة كل من تابعه والذي كان مشروع تخرج لإحدى دفعات المعهد العالي للفنون المسرحية والمأخوذ عن مسرحية “صخب في كيوتسا” للإيطالي كارلو جولدوني وقد استطاع فيه تقديم مجموعة من الطلاب عبر عرض مسرحي متقَن لشاب صبَّ جلَّ اهتمامه في السنوات الأخيرة على مهنة الإخراج التي أتاحت له الإفراج عن إمكانيات إخراجية يتمتع بها بعيداً عن مهنة التمثيل التي درسها كخريج في المعهد العالي للفنون المسرحية .
أصدقاء الأمس
وكما هو متوقع منه بعد عدة أعمال مسرحية تصدى لها كمخرج وحققت نجاحاً لتميزها بسعيه الدائم لتقديم رؤى مسرحية وفنية ذات قيمة عالية فرد العربي أوراقه الفنية في مسرحية “طميمة” ليقدم عرضاً مسرحياً واقعياً محكماً لا يترك للجمهور فيه أن يلتقط أنفاسه، متخذاً من الواقعية أسلوباً له، وكانت بوصلته في ذلك ممثلون محترفون تم اختيارهم بعناية فشكلوا فريقاً على غاية من التناغم كان قادراً على الإمساك بالجمهور عبر حوار شائق ومنتقى بدلالاته وعباراته واقـتصاد أسـلوبه وإحـكام بنائه، مبتعداً العربي في هذا العرض عن الاستعراض كمخرج، وغايته كانت بالدرجة الأولى أن ينقب في تفاصيل الشخصيات والأحداث التي كانت تشهد تباعاً ردود فعل عنيفة، مع تمزيق الأقنعة التي كانت الشخصيات تختبئ وراءها قنابل موقوتة قابلة للانفجار عند أي مس لها حيث نكتشف تدريجياً الكذب الذي كان يغلف العلاقة بين ثلاثة أصدقاء فعلت الحرب بهم ما فعلت، وكانت الخيانة القاسم المشترك بينهم وفي غرفة سيف (أداه يزن خليل) التي لا يتجرأ على مغادرتها هرباً من خدمة الجيش، كشفت الأقنعة والتقى الأصدقاء: طارق (أداه كفاح الخوص) العائد من غربته في ألمانيا وقد تزوج من ألمانية على الرغم من حبه لحبيبته التي تركها في دمشق، وحسام (أداه كرم الشعراني) الذي كان أحد المستفيدين من الحرب وقد أصبح لديه بار وهو الذي كان يحاول التقرب من ليلى (أدتها مرح حسن) حبيبة طارق الذي باح لها سيف بحبه بعد أن ترك حبيبته (أدتها مرح حجار) وتدريجياً تحولت الغرفة الصغيرة إلى ساحة حرب بين أصدقاء الأمس لتكون الخسارة في النهاية للجميع باختفاء ليلى.
أمينة عباس