“مجنون يحكي وعاقل يسمع”..!؟
“لقد حاولنا المساهمة للبدء في عملية رفد بناء اقتصاد حقيقي، عبر لفت أنظار المسؤولين إلى أهمية المشروع الذي تقدمت به، من أجل إنشاء محطات توليد الطاقة الكهربائية بمواصفات لا مثيل لها في العالم، حيث إن كلفة الإنتاج يساوي صفر كلفة، والربح 100%..، لكن وعلى مدار أكثر من خمس سنوات من المحاولات، لم أجد أذناً واحدة صاغية فانكفأت متحسراً”.
هذا ما كتبه أحد السوريين..، شاكياً همه ووجعه لصديق “ناطح الصخر” كما يُقال، خلال سعيه نحو تحقيق مشروعه، الذي بدأت رايات بشائره تلوح بالأفق أخيراً، بعد عدة سنوات من المساجلات والمراسلات القانونية والاستثمارية والفنية والتشغيلية..، مثنياً ومهنئاً الصديق لمقدرته وإصراره على تجاوز الضيق والمضايق وخلافهما، مما واجهها خلال طريقه نحو هدفه الوطني بامتياز..، في حين لم يفلح هو في ذلك..!
أعادتني تلك الشكوى لشكاوى عديدة، من مخترعين ومبدعين سوريين..، لقوا النتيجة نفسها، آذان من الطين والعجين والتطنيش المتعمد لمشاريع واستثمارات، لو تم احتضانها والأخذ بيدها -على الأقل – لكانت اليوم استثمارات رائدة بعقول وخبرات وسواعد وطنية صرفة، توفر مئات الملايين من الدولارات..، ذهبت ولا تزال تذهب للخارج، مُبقية استنزاف الشركات الخارجية لخزينتنا مستمراً، بحكم ما تفرضه الاتفاقات والعقود مع الأجنبي، من حصرية المتابعة والتزود بالتجهيزات اللازمة لعمليات الإصلاح والصيانة والتطوير..!
وأعادتني إلى حافظتي..، التي فيها ما لم أنشره حتى تاريخه، وهو مداخلة لممثل وزارة الصناعة، خلال الاجتماع الأول الذي دعت إليه الإدارة الحالية لهيئة الاستثمار السورية، والذي حضره عدد من المستثمرين إلى جانب ممثلي عدد من الوزارات والهيئات والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية…
قال الممثل مخاطباً مدير الهيئة الذي كان متحمساً، علماً أنه “لم يكن له بالقصر إلاَّ البارحة العصر”: قبل الحديث في جذب وتشجيع الاستثمار..، وقبل دعوة المستثمرين وعقد الاجتماعات معهم..، فلنسأل: لماذا تهرب الاستثمارات…!؟
كان الرجل صريحاً..، ومع أنه قالها جهاراً نهاراً، وهو من البيت الحكومي نفسه، لكن مع ذلك لم يلقَ خطير ما أعلنه حتى الآن أي صدى، ربما بسبب “الطين والعجين”..!
وإن تنطَّحَ أحدهم مشككاً مفنداً، نحيله إلى “قصة إبريق”، ونقصد قانون الاستثمار العتيد، الذي تعاقبت على دراسته وتمحيصه وتبديله وتعديله، حكومات ووزارات وجهات عدة على مدار أعوام طوال، لكن لا يزال ينتظر..، ولعل آخر ما حُرر في شأنه وعلمناه مؤخراً من “أهل مكة”، أن الحكومة أقرته وهو في الطريق إلى مجلس الشعب لمناقشته والتداول فيه..!
ومع باب التذكير، كان وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك السابق، أكد لنا خلال دورة معرض دمشق الدولي في دورته الستين 2018، أن القانون سيرى النور في غضون ستين يوماً..، وها هي ذي الدورة الحادية والستون للمعرض قد طويت، وها نحن أولاء على مشارف الاحتفال بانتهاء عام 2019، ودخول العام 2020، ولا يزال المستثمرون يشتكون.!؟
عطفاً على بدء، ندعو أصحاب القرار..، بالتفضل ومقاربة ما قاله الصديق لصديقه من بوابة المثل القائل: “مجنون يحكي وعاقل يسمع”، لافتين عنايتهم لضرورة التنبه لـ”الطين والعجين”..!
قسيم دحدل
Qassim1965@gmail.com