بعد تصاعد إجراءات عزله.. ترامب يعلنها “حرباً مفتوحة” على الديمقراطيين!
بعد أن باءت محاولاته احتواء فضيحة أوكرانيا، وإيقاف إجراءات عزله في الكونغرس، بالفشل الذريع، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حرباً مفتوحة على الديمقراطيين، في محاولة منه لفعل أي شيء واستخدام كل الوسائل لإنقاذ نفسه من شبح العزل.
“إننا في حرب” جملة قالها ترامب، خلال جلسة خاصة مع دبلوماسيين أمريكيين في نيويورك، اختزلت ما يدور في رأسه، محاولاً عبرها حشد معسكره من الجمهوريين عبر سلسلة من التصريحات الكاذبة في معظم الأحيان والمبالغ فيها أحياناً أخرى، وذلك من خلال إثارة النعرات بين الأمريكيين، وتأجيج حدة الانقسام بينهم على خطوط الحزبين الجمهوري والديمقراطي.
ترامب توجّه عبر تويتر إلى قاعدة المؤيدين له الذين يميلون إلى نزعة تفوّق العرق الأبيض، ويدعمون سياساته القائمة على التمييز العنصري، محاولاً إثارة مخاوفهم، وتعزيز مواقفهم المتشدّدة إزاء الديمقراطيين.
وقال ترامب في إحدى تغريداته: “بلادنا معرّضة لخطر لم يسبق له مثيل، الديمقراطيون يريدون أخذ أسلحتكم، ويريدون أخذ تغطيتكم الصحية، وأخذ أصواتكم وحريتكم”. وذهب ترامب إلى التحريض بشكل واضح بقوله: “لن ندع ذلك يحدث أبداً لأن مصير بلدنا على المحك”، ولم يكتفِ بذلك، بل شن حملة كلامية غير مسبوقة على الديمقراطيين، بمن فيهم رئيس لجنة الاستخبارات بمجلس النواب آدم شيف ورئيسة المجلس نانسي بيلوسي، التي أعلنت فتح التحقيق ضده، مؤكدة أنه نكث بواجبه كرئيس للولايات المتحدة عبر سعيه للحصول على مساعدة أجنبية من أجل التدخل في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وتشويه سمعة منافسه الديمقراطي جو بايدن.
ترامب فشل في إنكار الفضيحة بعد أن توالت أسرار الاتصال الهاتفي الذي أجراه مع نظيره الأوكراني فلاديمير زيلنسكي، ما اضطرّه إلى الإقدام على خطوة أثارت استغراباً واسعاً بنشر فحوى الاتصال، الذي شكّل دليلاً قوياً على انتهاكه القوانين، محاولاً تعبئة قاعدته الجمهورية عبر لعب دور الضحية، وشنّ هجوم مضاد شرس على أمل تحويل مركز الاهتمام عنه.
هذا الهجوم وصل مؤخراً إلى وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون، حيث كثّفت إدارة ترامب تحقيقها بشأن استخدام كلينتون بريداً الكترونياً وخادماً خاصاً أثناء شغلها منصبها، الأمر الذي استغله ترامب خلال حملته الانتخابية عام 2016، وحسب صحيفة واشنطن بوست الأمريكية فإن محققين من وزارة الخارجية تواصلوا مع نحو 130 مسؤولاً خلال الأسابيع القليلة الماضية بشأن رسائل بعثوها عبر البريد الخاص بكلينتون قبل سنوات.
المسؤولون في إدارة ترامب ينكرون وجود علاقة بين تكثيف التحقيقات حول بريد كلينتون الخاص وإجراءات المساءلة الهادفة إلى عزل ترامب، لكن الأمر أوضح من أن ينتظر نفي أو تأكيد الإدارة الأمريكية التي لم توفر من أجل التستر على تسريبات الاتصال الهاتفي مع زيلنسكي أسلوباً أو طريقة سواء أكانت نظامية أم ملتوية، وقد بلغ الأمر بترامب حداً خطيراً لدرجة أنه وصف الديمقراطيين الذين يقودون إجراءات المساءلة ضده بأنهم “متوحشون”، وهو وصف استخدمه سابقاً عند حديثه عن الإرهابيين، كما أنه انتقل إلى مرحلة التهديد والانتقام بعد قوله في اجتماع مغلق مع دبلوماسيين أمريكيين: “هل تعرفون ما اعتدنا فعله في الأيام السابقة؟ اعتدنا على التعامل مع الجواسيس والخيانة بطريقة مختلفة عما نفعله الآن”.
وبين تهديدات ترامب وتصريحاته المسيئة ضد خصومه تبقى المخاوف من ردّة فعله إزاء إجراءات المساءلة أمراً واقعاً، حيث من الممكن أن يلجأ إلى استخدام ورقة التفرقة وزرع الفتن بين الأمريكيين للتهرّب من العزل.
وكانت رئيسة مجلس النواب الأمريكي أعلنت الثلاثاء الماضي بدء تحقيق على خلفية الفضيحة التي أثارها تسريب مكالمة هاتفية بين ترامب ونظيره الأوكراني مارس فيها ضغطاً على الأخير لإثارة قضية تتعلق بنجل خصمه الديمقراطي جو بايدن المنافس الأوفر حظاً له في الانتخابات الرئاسية، قائلة: إن ترامب نكث بقسم اليمين بسعيه للحصول على مساعدة دولة أجنبية لتقويض ترشح بايدن.
وكان أكثر من 300 من مسؤولي الأمن القومي السابقين في الولايات المتحدة من الجمهوريين والديمقراطيين انضموا أمس إلى حملة المطالبة بمساءلة ترامب “لإساءة استخدامه السلطة بشكل غير معقول وتصرفاته المثيرة للقلق العميق إزاء ما يتعلق بضمان الأمن القومي”.
يذكر أن المبعوث الأمريكي إلى أوكرانيا كورت فولكر أعلن على خلفية كشف المكالمة الهاتفية وتورّطه بفضيحة ترامب استقالته بشكل مفاجئ.
وفي آخر تصريح لها، اعتبرت بيلوسي أن تغيّراً كبيراً طرأ على الرأي العام الأميركي إزاء إمكانية عزل ترامب مع ميلان كفة الميزان مؤخراً لمصلحة دعاة تنحيته عقب نشر معلومات جديدة عن محادثاته مع الرئيس الأوكراني، وقالت: “فيما يتعلق بالرأي العام يبدو أن المدّ قد تغيّر تماماً في غير مصلحة ترامب، وقد يتغيّر أكثر بعد نشر تقرير المفتش العام للاستخبارات الأمريكية مايكل أتكينسون بشأن المكالمة وموقف الإدارة المتهاون إزاء القضية، ونحن لا نستطيع التقاعس عن الالتزام بيميننا بشأن الدفاع عن دستور الولايات المتحدة”.
ولفتت بيلوسي إلى أن الحقائق هي ما دفعها إلى الانتقال من موقفها المعارض أصلاً لخيار عزل الرئيس إلى قيادة هذه الجهود مع تجاوز ترامب بشكل ملحوظ صلاحياته الدستورية وظهور تفاصيل عن تعامله مع زيلينسكي، مشيرة إلى أن تحقيق العزل سيتواصل حتى يحصل مجلس النواب على جميع الحقائق.