أخبارزواياصحيفة البعث

مشايخ الخليج والكيان الصهيوني في خندق واحد

على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، كشف وزير خارجية الكيان الصهيوني يسرائيل كاتس عن لقاء جمعه بـ “وزير عربي”!، دون أن يسميه، وكتب في تغريدة على توتير: “ناقشنا بعمق القضايا الإقليمية، واتفقنا على تعزيز التعاون المدني بين البلدين”، ويتزامن ذلك مع عقد اجتماع ما أطلق عليه “قمة إيران 2019” تحت عنوان “متحدون ضد إيران”، برئاسة وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، وبمشاركة السفير الإسرائيلي لدى الولايات المتحدة رون ديرمر، وممثلين عن مشايخ الخليج، الأمر الذي يكشف حجم التعاون بين هؤلاء المشايخ والعدو الصهيوني، ومحاولتهم المستميتة لحرف بوصلة الصراع في المنطقة.

فالتصريح عن التعاون والتعامل والاتفاقات بين الكيان الصهيوني والأنظمة الخليجية أصبح رسمياً وعلنياً، ويظهر اتساق التوجّه والتحرّك الموحّد بينهما، من خلال التحالفات ضد طرف معين ومعاداته، وحتى توافقهما في الترحيب بقرارات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرض المزيد من العقوبات على طهران، ولكي تجعل هذه الأنظمة من علاقاتها وعمالتها مع العدو الإسرائيلي وضعاً طبيعياً وعادياً أمام تململ شعوبها ضدها، لتخاذلها تجاه القضية الفلسطينية، فقد رسمت بإعلامها عدواً افتراضياً للعرب هو إيران، وتبنّت الخطاب التحريضي والطائفي، ودعمت التنظيمات الإرهابية التكفيرية، لتبرير عمالتها للعدو الحقيقي، الذي يمعن في ارتكاب جرائم القتل والاعتقال والتدمير بحق الشعب الفلسطيني، فمازالت المستوطنات تشيّد، وتهويد الأرض العربية ومقدساتها يمضي على قدم وساق، ومازالت الولايات المتحدة الأمريكية تقدّم الدعم السياسي والاقتصادي للكيان الصهيوني.

ويبدو واضحاً من هرولة هذه الأنظمة نحو التطبيع مع “إسرائيل” فقدانها البوصلة تماماً، لكنهم بدل تصحيح مسارهم بادروا إلى تصفية القضية الفلسطينية بتأييدهم ما يسمى “صفقة القرن”، ويتمّ الآن تجريم وإدانة المقاومة، وبناء “ناتو” خليجي إسرائيلي، والاستقبال العلني والحافل لقادة الاحتلال ووزرائه بخطوات متسارعة ومريبة، واعتبارهم الاحتلال حليفاً عسكرياً وسياسياً واقتصادياً في مواجهة التحديات الإقليمية.

المشهد غرائبي، ومن مظاهر غرابته تحالف هذه الأنظمة مع الكيان الصهيوني ومع رئيس أميركي اعترف بالقدس عاصمةً لكيان العدو، كما اعترف بالجولان جزءاً من هذا الكيان. مشهد فيه أيضاً وزراء إسرائيليون يقصدون عواصم عربية وبكل ترحاب، لم يكن العرب في أسوأ حالات ضعفهم يتوقّعون أن يستيقظوا على مثل هذا الكابوس.

إن ما يحدث اليوم هو نتاج وضع الآخرين الرؤية الاستراتيجية لمشايخ الخليج وفرضها عليهم، فمع كل الخلافات ما بين الدول الخليجية وإيران، وتصاعد مخاوفهم من الطموحات الإيرانية المتنامية في شتى المجالات سياسياً وعسكرياً واقتصادياً، فهي ليست مصدر التهديد الاستراتيجي الأول والمباشر للأمة العربية، لكن الدعاية الأمريكية الصهيونية تحاول أن تصوّر عكس ذلك، ومشايخ الخليج استجابوا لذلك على اعتبار أن العدو الصهيوني يقف معهم في الخندق نفسه ضد إيران.

إن المخططات الأمريكية والصهيونية محكومة بالفشل، طالما هناك دول وشعوب عربية لا تقبل الخضوع للأعداء، وانتهجت خيار المقاومة وتعزيز وجودها لمواجهة هذه المخططات، لأنها تدرك أن هذا الخيار سيحفظ للعرب حقوقهم وقضاياهم، وبإمكانه أن يتجاوز الأنظمة الخاضعة لأمريكا والكيان الصهيوني.

صلاح الدين إبراهيم