شحود: حلب أفضل خيار لانطلاق مهرجان المسرح الجامعي
تأتي الدورة الحالية لمهرجان المسرح الجامعي المركزي والذي بدأت فعالياته مساء الأحد في مدينة حلب بعد انقطاع دام أربع سنوات، إذ أقيمت الدورة السابقة في اللاذقية في العام 2015 وتكتسب هذه الدورة كما بين لنا ميخائيل شحود عضو المكتب التنفيذي للاتحاد الوطني لطلبة سورية رئيس مكتب النشاط الفني والاجتماعي المركزي كونها نقطة عودة المهرجان بشكل سنوي كما كان الأمر قبل العام 2010 وهذا ما سيسهم في عودة وتيرة العروض المسرحية المميزة وزيادة التنافس بين الفرق المسرحية من أجل المشاركة في المهرجان واستقطاب أسماء جديدة وشابة تعمل في المسرح الجامعي، وكذلك وضع رؤية مستقبلية جديدة لآلية تنظيم المهرجان وانتقاء العروض المسرحية المشاركة فيه.
منصة لدعم الشباب
ويرى شحود أن خصوصية الدورة الحالية تنبع من إقامة المهرجان في مدينة حلب التي لها شهرة عالمية وهي عاصمة الثقافة والفن والموسيقى،وكانت على الدوام رافدة للحركة الثقافية المسرحية في سورية منذ مطلع القرن الماضي وحتى يومنا هذا، وقد عانت هذه المدينة كل ويلات الحرب التي شنت على سورية من حصار وتجويع ودمار: “وكم هو مؤلم ما شاهدناه أثناء زياراتنا السابقة إلى حلب القديمة، أبنية تاريخية وأسواق عمرها مئات السنين تدمرت بالكامل، وللأسف فقدنا البعض منها إلى الأبد” ولكن في جولته الأخيرة للتحضير للمهرجان تفاجأ الجميع بسرعة لملمة جراح المدينة وإصرار أهاليها على إعادة بناء ما تدمر، لذلك كانت حلب أفضل خيار لإعادة انطلاق مهرجان المسرح الجامعي بدورته السادسة والعشرين، مبيناً أن إقامة المهرجان منصة هامة لدعم الشباب الجامعي من خلال تقديم مساحة مهمة لهم للتعبير عن أفكارهم ورؤيتهم لمجتمعهم وبلدهم وواقعهم، لذلك كانت الأولويات في هذه الدورة اختيار أهم العروض التي تلامس قضايا المجتمع السوري بعد الحرب وذلك بعد الاطلاع على العروض المسرحية المنتجة من قبل فروع الاتحاد الوطني لطلبة سورية والتي كان بعضها ذا سوية فنية جيدة مناسبة لأن تشارك في المهرجان وعروض أخرى تستحق أن تأخذ فرصتها من المشاهدة، لذلك كان القرار أن تكون هناك عروض ضمن المسابقة الرسمية في المهرجان وعددها سبعة وعروض خارج المسابقة بهدف إعطاء فرصة للشباب الجدد للتعبير عن أنفسهم، على أمل أن يستفيدوا من فرصة مشاهدة العروض المسرحية التي ستقدم في المهرجان، مشيراً شحود إلى أن لجنة التحكيم في هذه الدورة تضم أسماء مهمة في الوسط الثقافي: المخرج إيليا قجميني والفنان قاسم ملحو والناقد المسرحي جوان جان وأيضاً الفنان يوسف المقبل صاحب التجربة الطويلة في مسرح الهواة والشباب.
مرحلة ذهبية
ويؤكد شحود أن المسرح الجامعي كان يعد رديفاً حقيقياً للمسرح القومي والمسارح الأخرى في تنشيط الحياة المسرحية حيث حقق في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي نجاحاً كبيراً لدرجة أن كل السمعة التي نعرفها اليوم عن المسرح الجامعي تعود إلى تلك الفترة التي تميزت بتقديم أعمال مسرحية مهمة تفوقت في بعض الأحيان على أعمال مسرحية كانت تقدم آنذاك ضمن المسرح القومي، وقد ساهمت بها أسماء هامة في مقدمتها المخرج فواز الساجر كما برز في تلك الأعمال التي قدمت آنذاك شباب موهوبون أصبحوا فيما بعد نجوماً كباراً في سورية والعالم العربي مثل عباس النوري وسلوم حداد وبسام كوسا ورشيد عساف وغيرهم، ويؤسف شحود أن هذه الفترة بالرغم من أهميتها في تاريخ المسرح السوري بشكل عام لم توثق جيداً وهي بحاجة إلى بذل جهد حقيقي في تجميع الوثائق المتعلقة بالمسرح الجامعي وجمع شهادات لأولئك الذين عاصروا تلك التجربة وبشكل خاص في مرحلة الثمانينيات للوقوف على الآلية التي كان يتم من خلالها إنتاج العروض المسرحية، انطلاقاً من اختيار النصوص والممثلين ومصادر وحجم التمويل آنذاك، مبيناً أن ظروفاً اجتماعية واقتصادية حينذاك وفرت مناخاً جيداً لازدهار المسرح الجامعي، فالجامعة كمؤسسة تعليمية كان لها دور فعال وكبير في الحياة الثقافية والفنية ليس فقط في المسرح وإنما في الأدب والشعر والموسيقى والفنون التشكيلية، ومن جهة أخرى لم يكن المعهد العالي للفنون المسرحية الذي تأسس مع نهاية السبعينيات قد أصبح بعد المكان الذي يستقطب جميع المهتمين والعاملين في المسرح من أساتذة وطلاب كما حصل لاحقاً منذ مطلع التسعينيات.
النهوض بالمسرح الجامعي
ويشير ميخائيل شحود إلى أن المرحلة الحالية للمسرح الجامعي والتي تمتد منذ العام 2011 حتى يومنا هذا شهدت فيها الحياة الثقافية والفنية تراجعاً ملحوظاً، وهذا أمر طبيعي في ظل الحصار الاقتصادي والثقافي وحجم التآمر الدولي الذي شهده السوريون خلال عمر الأزمة، ولأن المسرح الجامعي برأيه هو جزء من الحركة الثقافية في سورية فقد تأثر بالحرب مع تفاوت هذا التأثر بين مدينة وأخرى، إذ استمرت الأعمال المسرحية الجامعية في بعض المدن طوال فترة الأزمة، بينما شهدت بعض المدن انقطاعاً عن تقديم الأعمال المسرحية الجامعية،منوهاً إلى أنه ومنذ عامين تقريباً بدأت وتيرة الأعمال المسرحية الجامعية تعود بشكل قوي ليس من ناحية عدد الأعمال المنجزة فقط وإنما في سوية وجودة العروض المسرحية المقدمة إذا ما قارناها مع ما أنجز خلال الفترة الماضية،مؤكداً أن الاتحاد الوطني لطلبة سورية وضع خطة متكاملة للنهوض بواقع المسرح الجامعي انطلاقاً من تأمين ورشات مستمرة في التمثيل والإخراج والكتابة المسرحية وتمويل العروض المسرحية بما يتناسب مع الواقع المعيشي اليوم، مع اعترافه بوجود عقبتين أساسيتين: الأولى تتمثل بالبنى التحتية المخصصة للأنشطة كالمسارح وقاعات التدريب المجهزة لاحتضان العروض المسرحية الجامعية، فعلى سبيل المثال في جامعة دمشق التي يتجاوز عدد طلابها المئة ألف لا يوجد مسرح واحد ولا صالة سينمائية ولا قاعات مجهزة بالرغم من وجود مبانٍ كثيرة قيد الإنشاء إلا أنه لم يرصد ضمن أي بناء منها مسرح بمواصفات قياسية، وكذلك الأمر في جامعة البعث وجامعة حلب، لذلك من الضروري برأيه أن تقوم الإدارات الجامعية بتخصيص أماكن مناسبة للقيام بالأنشطة الجامعية التي تنعكس إيجابياً على زملائنا الطلبة وعلى تصنيف الجامعات بطبيعة الحال، أما العقبة الثانية فتتمثل بقلة الإمكانيات المادية، فالاتحاد الوطني لطلبة سورية يضع كل الإمكانيات المتوفرة لتقديم العروض المسرحية المتميزة ولكنه في النهاية ليس جهة إنتاجية.. من هنا ومن أجل استقطاب الأسماء المهمة في المسرح السوري للعمل ضمن أروقة المسرح الجامعي فإن المطلوب إمكانيات مادية أكبر يمكن أن توفرها الجامعات نفسها أو من وزارة التعليم العالي.
أمينة عباس