تحقيقاتصحيفة البعث

بوابة المستقبل المفاضلة  الجامعية العامة.. خيارات تتنافس على حلبة الطموحات ورغبات تبحث عن فرص العمل

يتجدد المشهد كل عام، حيث يبحث آلاف الطلبة عن مستقبلهم بين خيارات المفاضلة العامة التي تشكّل بوابة لآمال الأهل والطلبة على حد سواء، فالجميع يريد أن يحجز مقعداً جامعياً لحلمه الذي قد يتلاشى في حال كانت العلامات أقل من المعدل المحدد، أو إذا أصر الأهل على خيارهم دون الاكتراث برغبات أبنائهم، وفي كلا الحالتين تبقى للمفاضلة الكلمة الفصل في هذه المنافسة التي ستمد بنتائجها النهائية سوق العمل بالكثير من الكوادر المؤهلة علمياً، فهل تحمل مفاضلة هذا العام أي جديد، خاصة مع الإعلان عن استيعاب جميع الناجحين دون استثناء في كافة الجامعات والمعاهد؟.

بين الرغبات والواقع

الطالب محمد إبراهيم أبو حمزة حصل على الشهادة الثانوية، الفرع العلمي، وقام بتسجيل رغبتين أساسيتين في المفاضلة هما: معهد تعويضات أسنان كونه مربحاً مادياً، والاقتصاد ليتمكن من العمل في الشركات الخاصة، سواء داخل القطر أو خارجه، وأكد أنه لم يواجه أية صعوبات خلال التسجيل كونه تلقى الدعم والتوجيه من اتحاد الطلبة، وموظفي شؤون الطلاب، أما الطالب محمود الحراكي فحصل على الشهادة الثانوية، الفرع العلمي، وقام بتسجيل رغبتين في المفاضلة: الهندسة الطبية كون الأجهزة الطبية مرتفعة الثمن، وصيانتها تتم بمبالغ جيدة، وطب الأسنان نزولاً عند رغبة أهله فقط، بينما الطالب محمد سراج فيصل الحائز على الشهادة الثانوية، الفرع العلمي، قام بتسجيل رغبة هندسة عمارة كونه يعمل على برامج التصميم الالكتروني منذ عدة سنوات، ولحبه لمجال التصميم وحساب النسب المعقدة، كما سجل رغبة اقتصاد كونه يطمح للعمل في المجال المصرفي، أو في مجال التسويق، كما سجل عدداً من المعاهد التقانية كونه يرغب بالدخول في مجال العمل بشكل فوري، وعدم إضاعة الوقت لتحقيق الدخل الخاص به، أما الطالبة سمر أبو هلال، الحائزة على الشهادة الثانوية، الفرع العلمي، فكانت ترغب بالتسجيل في معهد التعويضات السنية للعمل في مخبر عائد لأقاربها، إلا أنها لم توفق في ذلك رغم إعادتها لتقديم امتحانات الشهادة الثانوية للسنة الثالثة، وحالياً قامت بتسجيل عدة رغبات في المعاهد، وابتعدت عن التسجيل في الكليات اختصاراً للوقت، وعدم البقاء في الدراسة لمدة أطول، والحصول على أي عمل خاص بعيداً عن الوظائف العامة، دون وجود أهداف محددة لديها، وأكدت وجود سلبيات تتعلق بوجود أخطاء في عملية التسجيل بسبب الازدحام والضجيج في مراكز المفاضلة، وخاصة في مركز تعديل رغبات المفاضلة في كلية الهندسة المعلوماتية، وأكد الطالب محمد علي حوا، طالب ثانوية، الفرع العلمي، أنه قام بتسجيل رغبة معهد إدارة أعمال بهدف تأمين فرصة عمل لدى القطاع الخاص، وحول السلبيات التي واجهته خلال عملية التسجيل في المفاضلة أكد حوا مع مجموعة من زملائه أنهم واجهوا المعاملة السيئة من قبل المسؤول عن مركز تعديل رغبات المفاضلة في كلية الهندسة المعلوماتية، جامعة دمشق، ونفور موظفي شؤون الطلاب من الاستفسارات، وطرد الطلاب، وإغلاق النوافذ بوجههم، وتمنوا مساعدتهم، ومعالجة هذه السلبيات التي تسيء لكرامة الطالب، وتخل بعمليات التسجيل.

واقع المراكز

كاميليا رباح، أمينة المكتبة الفرنسية، جامعة دمشق، المسؤولة عن مركز مفاضلة العرب والأجانب، أكدت أن إجراءات المفاضلة هذا العام أسرع وأفضل من العام السابق، حيث كانت تحدث مجموعة من الأخطاء، ومنها على سبيل المثال إرسال الطالب الفلسطيني، سوري الأم، الحاصل على تسلسل دراسي من سورية، إلى مركز مفاضلة العرب والأجانب، وأخطاء أخرى تتعلق بتوزيع الطلاب على مراكز المفاضلة، أما حالياً فقد تم تحديد المراكز بدقة، وحول السلبيات التي واجهتهم أكدت وجود خلل في الطاقة الاستيعابية لشبكات ومخدمات وزارة التعليم العالي التي تعمل ببطء في حال تزايد أعداد الطلاب، ما يؤخر عملية التسجيل، أما ياسر غباش، المسؤول عن مركز تعديل رغبات المفاضلة في كلية الهندسة المعلوماتية، جامعة دمشق، فقد نفى صحة الشكاوى الواردة بحقه مع موظفي شؤون الطلاب في المركز لجهة معاملة الطلاب معاملة سيئة، وأوضح أنه يشرف على مركزه بدقة، ويتعاون مع الموظفين لتخفيف الضغط والازدحام، وتعترضهم مجموعة من المشكلات الناجمة عن حضور أحد ذوي الطالب للتسجيل بدلاً منه، أو حضور عدد كبير من أقارب أو أصدقاء الطالب معه للمراكز بشكل يزيد الازدحام، وعدم تقيد الطلاب بموعد مراجعة المركز الذي يحدد لهم ريثما يتم توقيع طلباتهم من قبل رئيس جامعة دمشق، ما يؤدي لحضور الطلاب دفعة واحدة، واستمرار الازدحام حتى نهاية الدوام.

نشاط للاتحاد

كان لافتاً خلال المفاضلة النشاط والحضور المميز لعدد من أعضاء اتحاد طلبة سورية في جميع المراكز، وقد أكد كل من أيمن بكورة، وفهد العجان، عضوا الاتحاد الوطني لطلبة سورية، أنهما يقومان مع مجموعة من زملائهما بتنظيم عمل مراكز المفاضلة التي توزعوا عليها، ومساعدة الطلبة في عملية التسجيل، وتنظيم الدور، وإدخال ذاتياتهم، وإرشادهم لطريقة التسجيل، والإجابة عن استفساراتهم، سواء الإدارية، أو المتعلقة بمعلومات عن فروع الجامعات والمعاهد، ومجالات وفرص العمل المرجوة منها، وأكدا عدم وجود سلبيات تتعلق بسير المفاضلة باستثناء موضوع بطء الشبكات، وأن المراكز لا تغلق أبوابها قبل تسيير أوراق آخر طالب متواجد فيها.

الجهات المعنية

نائب عميد جامعة دمشق الدكتور صبحي البحري أكد أنه سيتقدم للمفاضلة العامة لهذا العام 45089 طالباً في مراكز المفاضلة الموجودة في أحياء: المزة والبرامكة، والعدوي بدمشق، وفي جميع الكليات والمراكز، جامعة دمشق، وفروع الجامعات في المحافظات، وأن معظم الطلاب لم يطلعوا على إعلان المفاضلة بشكل جيد، ما تسبب بعدد من الأخطاء والسلبيات، وعدم تقيدهم بالتعليمات بالشكل المطلوب، وحول مشكلات الشبكة أكد أنها ناتجة عن ضغط المسجلين، وعدد من الأعطال الفنية، دون الخوض في أية تفاصيل أخرى تاركاً الإجابة عن تساؤلاتنا للمعنيين في وزارة التعليم العالي، حاولنا إجراء لقاء مع هؤلاء المعنيين، أو الحصول على معلومات لمواكبة عملية المفاضلة، ومعرفة أسباب تعطل الشبكات والمنظومات خلال التسجيل، وموافاتنا ببيانات إحصائية، وأية مستجدات، إلا أن طلبنا لم يُجب من قبلهم، وخلال حضورنا لاجتماع لجنة الاستيعاب الجامعي لهذا العام أكد وزير التعليم العالي على وضع خطة الوزارة ضمن مصفوفة تنفيذية بما يخص الواقع التعليمي، والتركيز على دور الجامعات في خدمة المجتمع، وحاجات سوق العمل للاختصاصات الجامعية، واعتماد المفاضلة بطريقة التسجيل المباشر بالنسبة للفرع الأدبي، شاملاً التعليم الموازي، أما بالنسبة للفرع العلمي فتم اعتماد رغبة السنة التحضيرية في المفاضلة، سواء للتعليم العام أو الموازي، على عكس السنوات السابقة، وأنه بعد نجاح حوالي 80 ألف طالب ثانوية- الفرع العلمي، و35 ألف طالب ثانوية- الفرع الأدبي، بدأ الفريق الفني في الوزارة مباشرة بتوزيع الناجحين على الكليات والمعاهد، والعمل على تخصيص كل طالب نجح في الثانوية بمقعد، سواء في كلية، أو معهد، كما تم تخصيص 8041 مقعداً لطلاب الثانوية المهنية، وتم وضع رغبتين في بطاقة المفاضلة العامة هما التحضيرية العام، والتحضيرية الموازي لاستيعاب 8500 طالب في السنة التحضيرية حسب الطاقة الاستيعابية، بحيث لا تتم خسارة أي مقعد في السنة التحضيرية كما كان يجري سابقاً، كما تمت خلال هذا العام زيادة نسبة التعليم الموازي من 30% إلى 40%، وذلك لتخفيف النفقات على الطلاب، وتمكينهم من الدراسة في الجامعات الحكومية بدلاً من الخاصة مرتفعة الرسوم، والتركيز على التعليم التقاني بكافة معاهده، لما له من أهمية في عملية إعادة الإعمار، وأنه ستبلغ نسبة الاستيعاب لهذا العام لتلك المعاهد حوالي 36% من نسبة الاستيعاب والقبول.

 

نحو السياحة

كلنا يعلم مدى أهمية السياحة، وعدد فرص العمل الهائلة التي كانت تؤمنها، واحتلالها سابقاً المكانة الثانية بعد الزراعة في سوق العمل، فهل ستعود إلى ما كانت عليه، وهل ننصح الطلاب بالتوجه إليها؟.. وزير السياحة محمد رامي مرتيني أوضح لنا بأن الوزارة تسعى في خطتها لتأمين 109 آلاف فرصة عمل حتى عام 2030، وأن هناك فجوة واضحة بين سوق العمل السياحي، وعدد الخريجين في المعاهد والمدارس السياحية الذي يقدر بـ 2300 خريج، وبما لا يغطي 30% من احتياجات السياحة، إضافة لتوجه الخريجين للهجرة، أو الوظائف الإدارية، أو فرص العمل الأخرى، وأكد مرتيني أن الوزارة تلقت العديد من الشكاوى حول انخفاض مستوى الخدمات والعاملين في عدد من المنشآت السياحية، وبما لا يتناسب مع المعايير والتصنيفات المعتمدة من قبل الوزارة التي ستعمل جاهدة على تلافي تلك السلبيات من خلال الاهتمام بالتدريب، والتعليم في المعاهد والمدارس السياحية، وإبقاء السياحة السورية ضمن السوية الدولية بالتزامن مع المنافسة الكبيرة، وعمليات إعادة الإعمار، ونوّه إلى ضرورة تحلي الشبان بالوعي الكافي لاختيار رغباتهم الدراسية، وضرورة توافقها مع المرحلة التي يعيشها القطر حالياً، وركز على أهمية توجههم نحو قطاع السياحة كونه قطاعاً هاماً، ويقوم بتأمين دخول وفرص عمل كبيرة، وحوافز عالية، وخبرة تضاهي جميع الخبرات المكتسبة في المهن الأخرى في القطاع الخاص.

بشار محي الدين المحمد