واشنطن لا تزال تبحث عن ضحايا
ترجمة: سمر سامي السمارة
عن موقع: نيو ايسترن أوتلوك 25/9/2019
-بحسب البيانات المقدّمة لوسائل الإعلام الأمريكية-لقي 6979 جندياً أمريكياً حتفهم أثناء “الحرب العالمية على الإرهاب” التي بدأت عام 2001 واستمرت حتى عام 2018. وخلال هذه المدة، بلغ عدد الضحايا المدنيين للحروب بزعامة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط ومناطق أخرى من العالم مئات الآلاف. وبحسب تقارير للأمم المتحدة، وصل عدد الضحايا المدنيين إلى 32 ألف مدني في أفغانستان وحدها جراء الغارات الجوية والعمليات البرية التي قادتها الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.
يبدو أنه لا أحد يرغب بالاعتراف بأن برامج أبحاث الأسلحة المختلفة يمكن أن تفتك بالمدنيين كما تفتك بهم النزاعات العسكرية. ولم يُذكر أي شيء مطلقاً عن تجارب الأسلحة النووية العديدة التي أجرتها واشنطن في النصف الثاني من القرن العشرين، وما زالت تحصد المزيد من الأرواح حتى يومنا هذا.
في أعقاب كارثة تشيرنوبيل النووية 1986، شنّت الولايات المتحدة حملة إعلامية ضد الاتحاد السوفييتي، مدعية أن التلوث الإشعاعي الذي طال أوروبا عقب الكارثة لم يكن مقبولاً، في الوقت الذي تُخفي فيه واشنطن حجم الضرر الذي أعقب سلسلة التجارب النووية التي بلغت 67 تجربة على جزر مارشال البكر. ولم تمضِ ثلاث سنوات على القصف الذري على هيروشيما وناغازاكي، حتى بدأت واشنطن بإجراء تجارب نووية، وكانت قنبلة الهيدروجين “كاستل برافو” عام 1954 أقوى 1000 مرة من القنبلة التي ألقتها على هيروشيما.
لقد كشفت مونيكا روكو، من مركز الدراسات النووية في جامعة كولومبيا أنه لم يتمّ إجراء تحقيقات مستقلة لرصد مستويات التلوث الإشعاعي والعواقب المحتملة على جزر مارشال قبل عام 2015. وعلى هذا الأساس، كشفت دراسة حديثة نشرتها مجلة وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم أن التأثير الدائم لسلسلة من التجارب النووية الأمريكية في جزر مارشال يكمن في التربة الملوثة. وتنصّ الدراسة على: “لم نكن قادرين على اكتشاف أي تلوث نتيجة وجود عنصر “السيزيوم 137 في الفواكه”. ومع ذلك، يوجد في جزيرة بيكيني مستويات من هذا العنصر في الثمار تتجاوز حدود الإجراءات التي وضعتها كل من رابطة الأطباء الدولية لمنع نشوب حرب نووية. إضافة إلى ذلك، تتجاوز المستويات القيم الموجودة بالقرب من فوكوشيما في شباط 2018 والقيم التي تمّ قياسها منذ عام 2011 إلى 2015 في المناطق القريبة من حادث تشيرنوبيل.
وعلى هذا الأساس، أعلنت واشنطن عام 1968 أن جزيرة بيكيني المرجانية كانت آمنة تماماً للبشر، وباستطاعة السكان الأصليين العودة إلى منازلهم. لكن الحقيقة أظهرت أنه حتى بعد مرور خمسين عاماً على الاختبارات، لا تزال هذه المنطقة ملوثة، ومن غير المفاجئ موت ما يقرب من 840 شخصاً من سكان الجزيرة المرجانية لإصابتهم بالسرطان وأمراض أخرى مرتبطة بالتسمّم الإشعاعي خلال هذه الفترة الزمنية. ومع ذلك، يتجنّب الغرب التحدث عن هذه الحقائق.
بعد عقدين من تفجير «كاكتوس» في جزيرة رونيت، ألقى الجيش الأمريكي في الحفرة التي أحدثها نفايات ملوثة من عشرات التجارب الأخرى، وتمّت تغطية كل أثر للتجارب النووية الأمريكية في جزر مارشال عام 1979 بقبة من الاسمنت يبلغ قطرها 115 متراً وسمكها 45 سنتيمتراً.
حقيقة، لا توجد سيطرة صارمة على التجارب النووية التي تجري بأقصى درجات من السرية في أنحاء مختلفة من العالم، ويمكن القول إنه إذا حدث خطأ ما في إحدى هذه التجارب، فسيكون العالم آخر من يعلم بذلك مثل سكان بيكيني المرجانية!.