ثقافةصحيفة البعث

المخرج المسرحي زين طيار… أحرص دائماً على تقديم أعمال جماهيرية

مع استمرار عروض مسرحية “الغنمة” تأليف الكاتب البلغاري ستانيسلاف ستراتييف إخراج زين طيار على مسرح الحمراء بدمشق يتمنى المخرج أن يشكل تقديمها في دمشق ومن خلال  مديرية المسارح والموسيقا ومع ممثلين محترفين بعد أن قدمها في مدينة حمص انعطافة في مسيرته الإخراجية والانتقال إلى مرحلة جديدة، وهو يعول في ذلك على ما تعلمه من تجاربه وتجارب أساتذته وعلى الممثلين المشاركين في العمل الذين آمن بهم وبقدرتهم على الذهاب بالعرض إلى المكان الذي يطمح إليه.

  • ماذا عن مضمون العرض والشكل الفني الذي ارتأيتَه لإيصال المضمون؟

المضمون فيه الكثير من محاكاة الواقع والنقد اللاذع لما يحصل في دوائرنا الرسمية، وقد قدمته بأسلوب كوميدي على صعيد الكلمة والموقف، ومزجت فيه بين الواقعية ومسرح العبث.

  • ما الذي اختلف في عرض دمشق وقد سبق وأن قدمته في مدينة حمص؟

قدمت عرض حمص من خلال ممثلين هواة وباللغة العربية الفصحى، في حين اعتمدت في عرض دمشق على ممثلين محترفين وقدمته بالعامية، وهي مخاطرة ومغامرة أقدمت عليها لأن لغة المسرح الشرطية هي اللغة العربية الفصحى وهي الأبلغ على خشبته، وهذه هي التجربة الأولى لي على صعيد اعتماد العامية كلغة للعرض المسرحي، لكنني حافظت على البيئة البلغارية للعمل على صعيد الأزياء والأسماء والكثير من التفاصيل، أما على صعيد المشاهد فبعضها اختلف عن عرض حمص، حيث تم تقديمها بأسلوب مغاير، وهناك مشاهد بقيت كما هي.

  • على ماذا تحرص دائماً في أعمالك المسرحية؟

أحرص على تقديم أعمال جماهيرية لأنني لا أعمل وفق نظرية الفن للفن وإنما من مبدأ الفن للجميع بحيث يخاطب العمل المسرحي جميع العقول ويكون قريباً من الناس أكثر من قربه للنخبة، مع حرصي على تقديم صورة بصرية جميلة من خلال الاهتمام بالعناصر الفنية لتقديم عمل مسرحي يرضى عنه الجمهور.

  • ما زالت النصوص العالمية هي التي تستهويك كمخرج حتى الآن، فما هي الأسباب؟ وهل نفتقد للنص المسرحي المحلي الجيد؟

أميل إلى النصوص الأجنبية لأنني أشعر أن الكثير منها يلامس أوجاعنا وآلامنا، وقد وجدتُ أن نص مسرحية “الغنمة” عن نص “سترة من المخملين” للكاتب ستانيسلاف ستراتييف قريب منّا وبدا وكأنه مكتوب عنّا، وهناك نصوص محلية جيدة دون أدنى شك، ولكن المسألة بالنسبة للمخرج هي حالة استهواء، فهناك نصوص تستهوي المخرج، وهناك نصوص قد لا تستهويه، والمسرح بالعموم هو حالة استهواء، وأنا أقرأ نصوصاً كثيرة، بعضها يشدني ويستهويني وبعضها الآخر لا يحرّضني كمخرج على تقديمها.

  • ما هي المدرسة الإخراجية التي تسعى إلى الانتماء إليها كمخرج؟ ولماذا؟

الإخراج فكر ورؤية خاصة بالمخرج وثقافته ووعيه وموهبته وإدراكه للواقع وللحياة وفلسفتها، لذلك فإن طريقة الإخراج تختلف بين مخرج وآخر على صعيد الشكل والمضمون، وبالنسبة للمدارس الإخراجية الأكاديمية لا أرى أن هناك مدرسة أفضل من مدرسة، وأنا أميل إلى الخلط بين المدارس، وهو منهج وطريقة منتشرة في أوربا، حيث حطّم المخرجون فيها قيود الفن وصاروا يمزجون ضمن العمل الواحد أكثر من مدرسة، وأنا أميل إلى هذه الطريقة، لذلك لا أفضّل مدرسة على غيرها.

  • ما الذي أغراك في الإخراج المسرحي بالتحديد وهو عمل صعب للغاية؟

بدأتُ رحلتي ممثلاً وشاركتُ في العديد من الأعمال الفنية كممثل، وخلافي مع أحد المخرجين في حمص بسبب ظلمه لي وكنتُ حينها في عمر الـ 21 سنة هو الذي حرّضني على خوض غمار الإخراج،  ولا أنكر أن قراري لأخرج عملاً كان قراراً جريئاً، لكنه لم يكن خاطئاً، حيث اكتشفتُ حينها أن في داخلي مخرج أكثر مما كنتُ أتوقع وأهم من كوني ممثلاً، والإخراج المسرحي تجربة جميلة رغم صعوبتها والعوائق الكثيرة التي تواجه هذه المهنة أثناء العمل، لكنه في النهاية عمل ممتع.

  • كيف ومتى يصل المخرج إلى وضع بصمة خاصة به يُعرف من خلالها؟

عندما يجد أسلوباً خاصاً به لا يشبه أساليب المخرجين السابقين، فالمخرج يجب أن يجد أسلوبه الخاص به لتكون له بصمة، وأنا أردد دوماً مقولة لـ تشيخوف جاءت على لسان إحدى شخصيات أول عرض أخرجتُه: “مطلوب أشكال جديدة وإن لم تكن موجودة فالأفضل لا شيء”.. وأعتقد أن ترجمة المخرج لهذه المقولة في مسيرته ستوصله إلى مرحلة يحقق فيها بصمته الخاصة التي يُعرف من خلالها، مع إيماني أن المخرج المسرحي يجب أن يكون قريباً من جمهوره بمختلف مستوياته، وخاصة الناس البسطاء، ليكون قادراً على وضع بصمة خاصة به لأن الجمهور هو  صانع اللحظة بالنسبة للمخرج.

  • تعاملتَ في أعمالك مع هواة وأنت بدأت هاوياً، فما الذي يميز عمل هؤلاء برأيك؟

بدأت هاوياً من خلال المسرح المدرسي، وكانت المتعة التي نعمل بها لا حدود لها، فقد كنا نعمل بمحبة واجتهاد وإيمان وعلى حساب حياتنا الخاصة، لذلك أستطيع القول أن الهواية هي الحب، والهواة لهم روح خاصة، وهم يعملون من منطلق الحب ولا يتعاملون مع عملهم كمهنة للعيش وحب الظهور وإنما من منطلق ما الحب، والهواة أكثر هدوءً من المحترفين في علاقتهم مع المخرجين، فالمحترفون مشاكسون على صعيد الفكرة والنقاش والأنا، بينما الهواة مطواعون ومطيعون لما يُطلَب منهم.

  • على ماذا تعتمد في اختيار الآلية المناسبة لمخاطبة جمهورك عبر المسرح؟

في فترة الرخاء والاستقرار كنا بحاجة إلى التراجيديا، أما في زمن الضغوط والظروف الصعبة فنحن بحاجة إلى الكوميديا التي أحرص اليوم على أن تكون خياري، خاصة وأنها فن جميل لجذب الجمهور ولديها قدرة على أن تسيطر عليه أكثر من التراجيديا.

  • تستقر اليوم في دمشق بعد أن مارست نشاطك المسرحي في حمص، فما أهمية تواجدك في العاصمة على صعيد عملك المسرحي؟

تواجدي في دمشق كان قراراً صعباً ومواجهة بيني وبين ذاتي (أن أكون أو لا أكون) وكان قراراً من القرارات الشجاعة التي اتخذتُها في حياتي، علماً أنني في العام 2003 كنت في دمشق حيث درستُ في كلية الإعلام بجامعة دمشق، ودمشق هي البوابة للفن بجميع مجالاته كما هي بوابة لكثير من الأعمال الفنية على المستوى الدولي، وكل ما أتمناه أن يترك عملي هذا أثراً جميلاً لدى الجمهور الدمشقي وأن ينعكس من خلاله شغفي واجتهادي في فن المسرح.

أمينة عباس