الصفحة الاولىصحيفة البعث

صحف غربية: تصرّفات ترامب جنونية وغرائبية

 

يعيش الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حالة من التخبّط، جعلت وسائل الإعلام الغربية تركّز على تصرفاته الغريبة وردود فعله الخارجة عن السيطرة، بعد أن ضاق الخناق عليه، مع تسارع إجراءات المساءلة التي قد تمهّد لعزله من منصبه.
صحف بريطانية وأمريكية وصفت تصرّفات ترامب وتصريحاته، منذ أن فتح مجلس النواب الأمريكي تحقيقاً رسمياً حول طلبه مساعدات من دول أجنبية للتدخل في الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة لمصلحته، بأنها “جنونية وغريبة”، فقد انتقل في غضون أسبوع في تصريحاته من مرحلة الإنكار والتستر على انتهاكاته الموثقة خلال اتصالات هاتفية أجراها مع زعماء دول أجنبية، إلى الاعتراف بما جرى وطرحه أمام الرأي العام على أنه إجراء صحيح وطبيعي ولا ينتهك أي قانون، الأمر الذي وصفته صحيفة الأوبزرفر البريطانية بأنه “غريب ومندفع ومدمّر”.
الصحيفة قالت في عددها أمس: إن “تصرفات ترامب كسرت كل الحدود وبلغت من الغرابة حداً جعله يكتب ألفاظاً نابية على موقع تويتر، ويطلب تماسيح وأفاعي من أجل وضعها في خنادق مائية على الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك ومنع المهاجرين من العبور”، مشيرة إلى أن هذا الأسبوع سيدخل التاريخ بوصفه “أسبوع الغضب” بالنسبة لترامب، وأضافت: إن “تعليقات ترامب المجنونة وغير المترابطة أثارت مخاوف جديدة إزاء سلامته العقلية”.
مدير مركز الدراسات السياسية في جامعة مينيسوتا الأمريكية لاري جاكوبس وصف ما يجري بدقة بالغة، عندما قال: إن “تصرفات ترامب لم يسبق لها مثيل.. إذ لم يسبق لرئيس أن تصرّف بهذه الطريقة الغريبة والمندفعة”.
شبح العزل، الذي بدأ يهدّد ترامب على نحو جدّي بدأ بعد أن أعلنت نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب الأمريكي في الـ25 من أيلول الماضي فتح تحقيق ضده على خلفية اتصاله الهاتفي مع نظيره الأوكراني فلاديمير زيلنسكي طلب فيه بشكل واضح “خدمة” مقابل الاستمرار بمنح أوكرانيا مساعدات أمنية وعسكرية، لتنفتح بعدها أبواب الجحيم بالنسبة لترامب، حيث توالت الفضائح واحدة بعد الأخرى، بما فيها طلبه من رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون جمع بيانات للضرب بصدقية تحقيق روبرت مولر حول الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2016، لتضاف إليها فضيحة اقتصادية جديدة تتعلق بالتلاعب ببياناته الضريبية.
من جهتها صحيفة “الغارديان” ساقت مثالاً بارزاً على توتر ترامب وحيرته في التعامل مع الأسئلة المحرجة حول فضائحه تمثل بهجومه قبل أيام على أحد الإعلاميين خلال مؤتمر صحفي مع نظيره الفنلندي سولي نينيستو، حيث حاول المراوغة عند ردّه على سؤال حول قضية مكالمته الهاتفية مع زيلنسكي، ليتوجّه إلى الصحفي الذي كرّر السؤال بشكل عصبي قائلاً: “هل تتحدث معي.. لدينا رئيس فنلندا اطرح عليه سؤالاً ولا تكن وقحاً؟!”.
نوبات الغضب التي يظهرها ترامب أمام وسائل الإعلام أثارت تساؤلات حول مؤهلاته النفسية بوصفه رئيساً أمريكياً، وحسب المدير السابق لمكتب الشؤون العامة في وزارة العدل الأمريكية، فإن “هذا النوع من التصرفات، التي بدا فيها ترامب منفصلاً عن الواقع وغاضباً، ليس غريباً”، عازياً ذلك إلى “إجراءات العزل والمساءلة” التي ما زالت في أولها وستزداد الأمور سوءاً مع مرور الوقت.
وأشارت صحيفة الأوبزرفر، في مقال آخر أعدّه محرر الشؤون الدبلوماسية فيها سايمون تيسدال، إلى ناحية أخرى وهي محاولاته توريط أكبر عدد من المسؤولين الأمريكيين بفضائحه، ما دفع عدداً منهم إلى الاستقالة على خلفية فضيحة أوكرانيا.
الصحيفة قالت في مقال بعنوان: “إذا غرق ترامب فسيحاول إغراق الجميع معه”: إن “الرئيس الأمريكي حوّل موقفه من الدفاع إلى الهجوم بشكل سريع، إذ عمّت تكتيكاته التصعيدية واشنطن كلها وبدلاً من أن يعتذر اعترف بسهولة ودون مقابل بأنه طلب مساعدة الرئيس الأوكراني في استهداف بايدن”، كما أنه لم ينفِ طلبه خدمات سياسية من قادة سياسيين في أستراليا وإيطاليا وبريطانيا، بل طلب مساعدة علنية من الصين أيضاً، ما يجعل مسألة تجريمه من الديمقراطيين غاية في السهولة.
وكالة بلومبيرغ الأمريكية رأت أن معركة ترامب ضد التحقيق الجاري حالياً بشأن إمكانية اتهامه بالتقصير والتمهيد لعزله “ناتجة عن أمور تسبّب فيها بإيذاء نفسه”، مشيرة إلى أن ترامب صبّ المزيد من الزيت على النار بدعوته العلنية لدول أجنبية إلى التحقيق بشأن بايدن ونجله هانتر لتتفاقم أصداء الاتهامات الموجهة إليه من حيث إساءة استخدام السلطة واستغلال منصبه لاستهداف خصم سياسي.
بلومبيرغ رجّحت أن يكثف مجلس النواب تحقيقاته خلال الأيام المقبلة، مبينة أن ترامب حتى الآن يبدو غير متقبل لفكرة اتهامه بالتقصير وإساءة التصرّف في الوقت الذي أصدرت فيه لجان ثلاث في المجلس مذكرة جماعية تلزم البيت الأبيض بتسليم جميع الوثائق المتعلقة بقضية الاتصال الهاتفي مع زيلنسكي.