“الخلاص منها هو الحل”؟
لم يصدف في تاريخ التنظيمات السياسية في العالم، أن تآمرت حركة على مجتمعها ودولتها بالحجم الذي فعله التنظيم العالمي لـ “الإخوان المسلمين” بأذرعته القطرية المنتشرة في الدول العربية والإسلامية.
لم يصدف حقاً، وارتدادات ذلك متواصلة على سورية كواحدة من الأمثلة الحية البادية للعيان، ومنذ بدء الاستقلال، إلى سياسة الأحلاف وملء الفراغ الأمريكي، ثم إسقاط دولة الوحدة، فضرب المشروع القومي، ثم أحداث الثمانينيات، فالعقوبات الغربية، وسنوات التكفير، إلى تأطير الشباب بحمى “الجهاد” على الطريقة الصهيونية، وأخيراً دعم العدوان المستمر منذ تسع سنوات على سورية، وجديده، مباركة قيادتها قبل أيام للعدوان التركي على شمال سورية، والذي يذهب ضحيته سوريون من كل المكوّنات الاجتماعية والدينية والعرقية.
مخيف ما فعلته حركة الإخوان في سورية، وبالتوازي على مستوى المنطقة والإقليم من ضرب القضية الفلسطينية، وإسقاط الدولة الوطنية في عدد من الدول العربية والإسلامية، وتآمر مكشوف مع الوهابية والصهيونية والامبريالية الأمريكية على إغراق المنطقة بفوضى ودمار متواصلين على مر عقود، كان آخرهما عبث “الخريف العربي”.
والمخيف أكثر أن حركة الإخوان، وعلى الرغم من زعمها أنها تعمل على استلام السلطة، وقد حدث ذلك في “مصر مرسي” و”تونس الغنوشي”، إلا أنها في قرارة نفسها لا تريد ذلك، لأن دورها المرسوم لها منذ تأسيسها قبل عقود وحتى اليوم هو أن تكون حركة معارضة تعمل على تسهيل التدخل الخارجي وتخريب المجتمع والسلطة والنظام تحت عناوين براقة خادعة تدغدغ عقول وقلوب الجهلة، هذا هو هدفها الحقيقي، وقد كشف استلامها للسلطة في “مصر مرسي” و”تونس الغنوشي” هذه المفارقة الكاذبة في سلوكها، ما جعلها عارية أمام المخدوعين بها.
وبعد، فقد كشفت الحرب على سورية حالات التباس، وكان من بينها حقيقة دور حركة الإخوان وتنظيمها العالمي وارتباطها مع الغرب وتناغمها مع “الوهابية” المطيعة والمدجنة كذراعين تنفيذيين للأجندة الأمريكية والصهيونية في أماكن شتى من البر العربي والعالمي، وأياً يكن المستقبل الذي تنتظره سورية، فإن المهم فيه، وضع حد لهذه الحركة الخبيثة تحت شعار “الخلاص منها هو الحل”.
عمر المقداد